طعن مدني رقم 609/ 47ق
طعن مدني رقم 609/ 47ق
خلاصة المبدأ
قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام، ومن واجب المحكمة التعرض لها من تلقاء نفسها.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 7 لسنة 1998ف أمام محكمة ترهونة الابتدائية على المطعون ضده بصفته، طالباً إلغاء قرار فصله وإرجاعه إلى عمله السابق، ودفع مرتباته ومستحقاته من تاريخ فصله إلى تاريخ رجوعه إلى عمله، وتعويضه بمبلغ مائة وعشرين ألف دينار عن الضررين المادي والأدبي من جراء الفصل التعسفي، وقال شرحاً لدعواه:- إنه كان يعمل منتجا بالشركة المدعى عليها منذ عام 1993ف وكان مجداً مخلصاً بدلیل حصوله على الترقيات والعلاوات في موعدها إلى أن فوجئ بقرار فصله وإحالته إلى مجلس تاديبي بتاريخ 1996.12.18 ف، الذي استجاب لرغبة الشركة في إنهاء خدماته اعتبارا من 1996.7.8 ف مخالفاً بذلك ما نصت عليه القرارات واللوائح الخاصة بالجزاءات التي توقع على العاملين بالشركات، وقد سبب له هذا القرار ضررا مادياً وأدبياً. وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بصفته بإعادة المدعي إلى سابق عمله واستحقاقه لمرتباته من تاريخ فصله إلى تاريخ رجوعه إلى العمل وتعويضه يمبلغ ألف وخمسمائة دينار عن الضرر المعنوي، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، استأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصراتة التي قضت يقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2000.2.2ف، وأعلن بتاريخ 2000.822ف، وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2000.9.20ف، مودعاً مذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وسند وكالته، وفي 2000.10.10ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 2000.9.27ف، ومذكرة شارحة، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي.
وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن المحكمة المطعون في حكمها قضت بعدم اختصاص محكمة ترهونة الابتدائية محليا بنظر الدعوى على سند من القول: إن الطاعن لم يفلح في إثبات أن مجمع الصناعات الصوفية ببني وليد – الذي كان يعمل به الطاعن – هو احد فروع الشركة المطعون ضدها، فضلاً عن أنه بصدور قرار إنهاء مشاركته في المصنع انتهت علاقته به، وعليه أن يلجأ إلى المحكمة التي يقع في دائرتها مقر الشركة المطعون ضدها.. وهي محكمة طرابلس الابتدائية – كما قضت بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً تأسيسا على أن شهادة مرتب الطاعن وصفته بأنه موظف بمهنة منتج مما يجعل القضاء العادي غير مختص ولانياً ينظر الدعوى، وأن الطعن في قرارات الشركة من المسائل التي يفصل فيها القضاء الإداري.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه سديد، ذلك أن نص الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المرافعات قد جرى على أنه (( يجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة وذلك في المسائل المتعلقة بهذا الفرع )) فإن مقتضى هذا النص أنه يجوز للمدعي رفع دعواه أمام المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة كما له أن يرفعها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مركز الشركة الرئيسي، لأن الحكمة من هذا النص هو التيسير على المدعين بجعل الخيار لهم بشرط أن يكون موضوع الدعوى من المسائل المتصلة بهذا الفرع بأن يكون متعلقا بالفرع أو ناشئا عن أعماله، ولا عبرة بالمسمى سواء أكان فرعاً أم مصنعاً أم وحدة إنتاجية بمارس أعمالا من أعمال الشركة وتابعاً لها، كما أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العاملين بالشركات العامة لا يعتبرون من الموظفين العامين، ولا يختص القضاء الإداري بنظر منازعاتهم مع الشركات العاملين بها، وأن علاقتهم بتلك الشركات علاقة تعاقدية تخضع لقانون العمل واللوائح المعمول بها في الشركات باعتبار أن تلك الشركات لا تعدو أن تكون من أشخاص القانون الخاص وليست من الأشخاص الإدارية بما يجعل العلاقة بينها وبين العاملين بها علاقة تعاقدية ينعقد الاختصاص فيما ينشأ بين العامل وجهة عمله من منازعات للقضاء العادي بوصفه صاحب الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثني منها بنص خاص. لما كان ذلك، وكان الطاعن يعمل منتجا بمجمع الصناعات الصوفية ببني وليد التابع للشركة المطعون ضدها، وقد أقام دعواه بطلب إلغاء قرار فصله وإرجاعه إلى سابق عمله ودفع مرتباته، وكان قانون إنشاء الشركة قد نص على أنها تطبق أحكام القانون التجاري وأن علاقة الطاعن بها تخضع لقانون العمل وتشريعات المنتجين بما يجعل علاقة الطاعن بها علاقة تعاقدية ويكون القضاء العادي هو المختص بنظر ما ينشأ بينهما من نزاعات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم الاختصاص، فإنه يكون قد خالف القانون، متعين النقض مع الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف مصراتة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات.