أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 33/ 53ق

نشر في

طعن مدني رقم 33/ 53ق

خلاصة المبدأ

  1. اختصاص نوعي اعتباره من النظام العام أثره.
  2. إيداع الأفراد السجن بدون إذن السلطة المختصة اعتباره جنحة – أثره.
  3. أعمال السيادة تعريفها، تحديد نطاقها – أثر ذلك.
  4. إجراءات جهة الإدارة التي تمس حريات الأفراد وأموالهم، خروجها عن أعمال السيادة سنده.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 81 لسنة 2004 أمام محكمة بنغازي الابتدائية على الجهات الطاعنة قائلا في بيانها: إنه كان يعمل موظفا بالشركة العامة للأثاث، وبتاريخ 1984.5.16 تم القبض عليه من جهاز الأمن الداخلي، وتم التحقيق معه من قبل نيابة أمن الثورة في القضية رقم 22 لسنة 1984 بنغازي، ثم قدم إلى محكمة جنايات بنغازي بتهمة عدم التبليغ عن تنظيم محظور، وبتاريخ 1985.10.28 أصدرت محكمة الجنايات حكمها ببراءته مما نسب إليه، وبذات التاريخ أمرت النيابة بالإفراج عنه، ومع ذلك لم يتم الإفراج عنه إلا بتاريخ 2001.8.27، وبما أن حجزه بعد الحكم ببراءته يعد فعلا إجراميا يعاقب عليه القانون، وألحق به أضرارا مادية ومعنوية، فقد انتهى إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ مليوني دينار تعويضا عن تلك الأضرار، وقضت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعى مبلغ مائتي ألف دينار تعويضا عن الأضرار المادية والمعنوية، فاستأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي التي قضت بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفض استئناف الجهات الطاعنة وفي استئناف المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهم بأن يدفعوا للمستأنف مبلغ مليون دينار.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.7.30 وتم إعلانه بتاريخ 2005.9.14، وقرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن عليه بطريق النقض نيابة عن الجهات الطاعنة لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2005.10.12 وأودع مذكرة بأسباب الطعن ومذكرة شارحة وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ 2005.10.18 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 2005.11.20 أودع محامى المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وأصليا مع التصدي والقضاء بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى واحتياطيا مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب 

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن المادة 1/76 من قانون المرافعات تنص على أنه ” إذا رفع إلى المحكمة ما ليس من اختصاصها النوعي من حيث الموضوع قررت من تلقاء نفسها عدم اختصاصها في أية حال أو درجة كانت فيها الدعوى “.

و مفاد ذلك أن توزيع الاختصاص على المحاكم موكول للمشرع وحده، فهو الذي يعطي لكل محكمة سلطة الفصل في نـوع مـن المنازعات، ولا تختص أية محكمة بنظر نوع معين من القضايا إلا إذا أعطاها المشرع هذه السلطة.

وحيث إن نص المادة المذكورة ارتقى بالاختصاص النوعي من حيث الموضوع إلى مرتبة النظام العام، وأوجب على المحكمة المرفوعة إليها الدعوى أن تقضي به من تلقاء نفسها في أية حال أو درجة كانت فيها، فإن مؤدى ذلك أنه يجب على المحكمة قبل كل شيء أن تتحقق من اختصاصها بنظر ما هو معروض عليها، فإذا لم تكن مختصة به وجب عليها أن تحكم بعدم اختصاصها، ولا تتعرض للنزاع المعروض عليها أصلا لا من حيث الشكل ولا من حيث الموضوع.

وحيث إن المشرع استثنى في المادة 43 من قانون المرافعات بعض أنواع الدعاوى من قواعد الاختصاص العام لاعتبارات مختلفة، ونص على أن تختص المحكمة الجزئية بالفصل فيها ابتدائيا بالغة قيمتها ما بلغت، ومن بين هذه الدعاوى دعاوى التعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة مما يدخل في الاختصاص الجنائي للمحكمة نفسها.

وحيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أقام دعواه أمام محكمة بنغازي الابتدائية بطلب التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به من جراء استمرار حبسه بعد الحكم ببراءته وصدور أمر النيابة العامة بالإفراج عنه، ووصف ذلك الفعل بأنه فعل إجرامي يعاقب عليه القانون.

وحيث إن هذا الفعل الذي نشأت عن ارتكابه الأضرار التي طلب المدعي تعويضه عنها يشكل جنحة وفقا لنص المادة 434 من قانون العقوبات التي تقضي بأن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا كل موظف عمومي معهود إليه بإدارة سجن أو محل لتنفيذ التدابير الوقائية قبل فيه شخصا بدون أمر من السلطات المختصة أو رفض إطاعة أمرها بالإفراج عنه أو أطال بدون وجه حق مدة تنفيذ العقوبة أو التدبير الوقائي، فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للمحكمة الجزئية طبقاً لنص المادة 4/43 من قانون المرافعات سالفة الذكر، ولا يحول دون انعقاد الاختصاص للمحكمة الجزئية كون الدعوى الجنائية لم ترفع أصلا ولم يتخذ فيها أي إجراء ما دام أن المدعي يستند في طلب التعويض إلى ضرر ناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة.

ولا مجال لإضفاء وصف الجناية على هذا الفعل استناداً إلى نص المادة 428 من قانون العقوبات وإخراج دعوى التعويض عنه – بناء على ذلك – من دائرة اختصاص المحكمة الجزئية، ذلك أن المادة المشار إليها تعاقب بالسجن على أفعال الخطف أو الحجز أو الحبس أو الحرمان على أي وجه من الحرية الشخصية، ووفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن مجال تطبيقها يقتصر على الحالات التي يكون فيها غرض الجاني السيطرة على المجني عليه ماديا وحرمانه من حريته لغرض في نفسه غير القبض عليه واتخاذ الإجراءات القانونية ضده، أما عندما يكون الفعل المادي المكون لحجز المجني عليه متعلقا بعدم إطاعة أمر الإفراج الصادر عن السلطة المختصة ومنسوبا لمن يخوله القانون إدارة مكان الحجز، ويكون هذا المكان من الأمكنة التي يقاد إليها من يتم القبض عليهم أو محاكمتهم، وهو ما تحقق في الواقعة محل المطالبة بالتعويض، فإن نص المادة 434 من قانون العقوبات هو الواجب التطبيق.

ولا مجال كذلك للقول بأن الفعل المنسوب لتابعي المدعى عليهم الطاعنين يدخل ضمن أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء النظر فيها، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن أعمال السيادة التي نصت المادة 16 من قانون نظام القضاء على أن ليس للمحكمة أن تنظر فيها لا تنصرف إلا إلى الأعمال التي تتصل بالسياسة العليا للدولة والإجراءات التي تتخذها السلطة العليا للدولة للمحافظة على سيادتها وكيانها في الداخل والخارج والتي يدخل ضمنها ما يتعلق بالعلاقات السياسية مع الدول الأخرى والمسائل الحربية وإعلان الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ، أما ما يصدر عن جهة الإدارة من قرارات أو إجراءات ضد الأفراد تمس حرياتهم وأموالهم فإنها تخرج عن مفهوم أعمال السيادة التي يمتنع على المحاكم النظر فيها.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الابتدائي أنه تصدى للفصل في طلب التعويض عن ضرر ناشئ عن ارتكاب جنحة، وهو ما لا يدخل ضمن الاختصاص النوعي للمحكمة التي أصدرته، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى بدوره لموضوع الدعوى وانتهى إلى تعديل ما قضى به الحكم الابتدائي في شأنه، فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص المقررة في القانون بما يستوجب نقضه مع الفصل في مسألة الاختصاص عملاً بنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وفي الاستئناف رقم 348 لسنة 2005 (بنغازي) بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن جميع مراحل التقاضي.