أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 58/ 51ق

نشر في

طعن مدني رقم 58/ 51ق

خلاصة المبدأ

  1. الاختصاص الاستثنائي للقاضي الجزئي بنظر طلب التعويض عن الضرر الذي يصيب الأراضي الزراعية – أساسه.
  2. شرط دعوة الخبير للخصوم المقصود به خبير الدعوى المنتدب من المحكمة عدم انصراف الشرط الى غيره من الخبراء – بيان ذلك.

عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على الدفوع البعيدة عن محجة الصواب – بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 10 لسنة 1429م أمام محكمة هون الجزئية اختصم فيها الشركة الطاعنة قائلا في بيانها: إنه يملك مزرعة في منطقة هون بها أشجار نخيل مختلفة الأصناف و مزروعات وخضراوات وحبوب وقد لحقتها أضرار بسبب تراكم الأتربة والغبار على أشجار النخيل والمزروعات الأخرى بفعل الشركة المدعى عليها التي كانت تقوم بتنفيذ وحدات سكنية شمال المزرعة ومرجع ذلك حركة الشاحنات والآلات الثقيلة التابعة لها من دخول وخروج من وإلى موقعها، وانتهى إلى طلب إلزامها بتعويضه بمبلغ 35257.500 ديناراً فقضت له المحكمة بطلبه.

استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة سرت الابتدائية التي قضت بهيئة استئنافية بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع:

أولاً: ببطلان الحكم المستأنف. ثانياً: القضاء بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغاً وقدره خمسة وثلاثون ألفا ومائتان وسبعة وخمسون دينارا و500 درهم تعويضاً ماديا للضرر الذي لحق بمزرعته.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 2003.7.9 وليس في الأوراق ما يفيد إعلانه وبتاريخ 2003.11.10 قرر محامي الشركة الطاعنة الطعن عليه نيابة عنها بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم والكفالة ومودعاً سند وكالته ومذكرة بأسباب طعنه وأخرى شارحة وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه ثم أودع بتاريخ 2003.11.20 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في 2003.11.18. وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها. 

الأسباب

حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.

وحيث تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والبطلان من الوجوه الآتية:-

  1. إن الحكم المطعون فيه وحكم محكمة أول درجة وتقرير الخبرة القضائية تأسسوا على تقرير خبرة باطلة كانت محكمة البداية قد استبعدته بجلسة 2000.12.11 وقررت نذب خبير من مركز الخبرة القضائية ليتولى المأمورية والذي أحال في تقريره على تقريري الخبرة المعدين سلفاً لأنه لم يتمكن من تحديد السبب الرئيسي للأضرار بسبب طول المدة، وكان التقريران السابقان قد اعتورهما البطلان الإجراء الخبرة في غيبة الشركة الطاعنة.
  2. إن محكمة ثاني درجة قضت ببطلان الحكم المستأنف إلا أنها انتهت بعد ذلك إلى الاعتماد على تلك التقارير الباطلة التي لا تصلح لأن تقيم عليها قضاءها وفساد الدليل يقتضي استبعاده وعدم التعويل عليه.
  3. دفع الطاعن بصفته أمام المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبعدم انطباق أحكام التعويض المبينة في المادة 43 من قانون المرافعات والمحكمة المطعون في حكمها أغفلت الرد على هذا الدفاع رغم وجاهته.

وحيث إن السببين الأول والثاني غير سديدين ذلك أنه يلاحظ أن الطاعن أشار إلى المادة 208 من قانون المرافعات المتعلقة بإلزام الخصم بتقديم ورقة تحت يده في حين يتحدث في سبب طعنه عن إجراء الخبرة في غيبة الخصم وهو ما ورد في المادة 203 من القانون المشار إليه وفيما يتعلق بعدم دعوة الخصوم لحضور أعمال الخبرة فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأحكام المتعلقة بالخبرة وكيفية مباشرة الخبير لعمله إنما تنصرف إلى الخبير المنتدب من المحكمة دون غيره من الخبراء الذين يكلفون من جهات أخرى مثل جهات التحقيق أو الاستدلال أو الخصوم.

لما كان ذلك وكان الثابت من أورق الطعن أن التقرير الصادر عن مكتب المهندسين للاستشارات والأعمال الزراعية بمعرفة الخبير المهندس (…) قد أعد بناء على تكليف صادر من الأمين المساعد للجنة الشعبية العامة للزراعة بمنطقة الجفرة بناء على الكتاب رقم زج 17 م، 243 بتاريخ 1999.5.22 بتقدير الأضرار التي لحقت بمزرعة المطعون ضده، وقدم التقرير إلى الجهة الطالبة فإن النعي عليه بالبطلان لعدم دعوة الخصوم لحضور أعمال الخبرة قبل مباشرة مهمته إعمالاً لنص المادة 203 من قانون المرافعات يكون على غير أساس، وترتيباً على ذلك يكون النعي على التقرير الذي استند إليه بالبطلان لنفس السبب على غير أساس بدوره، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة المطعون في حكمها قد استندت في قضائها إلى ما أورده التقريران المشار إليهما لبيان منشأ الضرر الذي لحق مزرعة المطعون ضده وتقدير قيمة التعويض الجابر لذلك الضرر، ذلك أن تقارير الخبراء تعتبر من أدلة الدعوى وعنصراً من عناصر الإثبات فيها التي تكون لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية التامة في وزنها وتقدير قيمتها في الإثبات متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، من ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بتعويض المطعون ضده عن الأضرار التي لحقت بمزرعته بالاستناد إلى ما أورده تقريرا الخبرة المشار إليهما واستناداً إلى محضر المعاينة والكشف الذي أجرته سلطات الاستدلال يكون مقاماً على أسباب تقوى على حمل النتيجة التي انتهى إليها ويستوجب الالتفات عن هذين السببين.

وحيث إن السبب الثالث مردود ذلك أن المشرع استثنى في المادة 43 من قانون المرافعات بعض أنواع الدعاوى من قواعد الاختصاص العادي لاعتبارات مختلفة، ونص على أن تختص المحكمة الجزئية بالفصل فيها ابتدائيا بالغاً ما بلغت قيمتها، ومن بين هذه الدعاوى دعاوى التعويض عما يصيب الأراضي الزراعية والمحصولات أو الثمار من ضرر بفعل إنسان أو حيوان. وقصد المشرع من ذلك تقريب العدالة وتسهيل الإجراءات لأصحاب الأراضي الزراعية حتى يتمكنوا بسهولة ويسر من الحصول على التعويض – مهما بلغت قيمته – عما يصيب أراضيهم ومحصولاتهم أو ثمارهم من أضرار، كما أن المشرع قصد أيضاً التسوية بين ما إذا كان هذا الضرر قد حصل بفعل إنسان أو حيوان دون إيراد أية أحكام خاصة بتحديد المسئول عن الضرر اكتفاء بالقواعد العامة في هذا الشأن، وأن العبرة في قيام الاختصاص الاستثنائي أن يكون الضرر ناتجاً عن فعل صادر عن إنسان أو حيوان، أما تحديد المسئول عن دفع التعويض الذي يجب أن ترفع عليه الدعوى فقد يكون حسب الأحوال – الإنسان نفسه أو متبوعه أو متولى الرقابة عليه أو مالك الحيوان أو حارسه.

وحيث إن الواقع في الدعوى الماثلة أن المطعون ضده أقامها أمام محكمة هون الجزئية مختصماً الشركة الطاعنة ناسباً لها التسبب في الأضرار التي لحقت بمزرعته وما بها من محصولات وثمار جراء الغبار الذي تثيره السيارات والآليات التابعة لها بفعل حركة دخولها وخروجها من وإلى موقع العمل القريب من المزرعة طالباً إلزامها بالتعويض عن الضرر الناشئ عن ذلك فإن دعواه تكون قد رفعت إلى محكمة مختصة بالفصل فيها طبقاً لنص المادة 43 من قانون المرافعات وكان قضاء هذه المحكمة جرى على أن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على الدفوع البعيدة عن محجة الصواب ومن ثم فإن التفات الحكم عن الرد عن هذا الدفع لا يجعل الحكم مخلا بحق الدفاع، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في الموضوع رافضاً الدفع بعدم الاختصاص النوعي فإنه يكون قد طبق صحيح القانون بما تكون معه المناعي برمتها على غير أساس يتعين رفضها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وبإلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.