Skip to main content

طعن مدني رقم 942/ 66ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 942
  • السنة القضائية: 66
  • تاريخ الجلسة: 28 مايو 2003

طعن مدني رقم 942/ 66ق

خلاصة المبدأ

مسؤولية الدولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة – إمكانية لجوء المتضرر للقضاء مباشرةً لطلب التعويض – أساسه.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعنان الدعوى رقم 908 / 2014 أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية على المطعون ضدهم بصفاتهم قالا بيانا لها: إنه بتاريخ 9. 10. 2011م سقطت قذيفتان حربيتان – على مصنع يديرانه للصناعات البلاستيكية بمدينة رقدالين – جراء اشتباكات مسلحة دارت بين مدينتي زوارة ورقدالين، مما أدى إلى احتراقه بكامله، وبعد أن تم إثبات الواقعة من خلال تقرير أعد بمعرفة إدارة البحث الجنائي المختص، وتقدير الأضرار بمعرفة خبيري حرائق وهندسي تم ندبهما بأمر صادر من رئيس محكمة العجيلات الابتدائية، تقدما إلى اللجنة المكلفة بالتعويضات وفقا للقرار رقم 271 / 2012 بشأن التعويض عن أضرار أحداث 17 فبراير 2011م، فلم يتحصلا منها على أي تعويض، مما ألجأهما إلى رفع الدعوى الماثلة، وانتهيا إلى طلب ندب خبير حسابي لاحتساب ما لحقهما من أضرار الحكم لهما بما يرد في التقرير، مع تعويضهما بثلاثة ملايين دينار جبراً للأضرار المادية والمعنوية، فقضت المحكمة بإلزام المذكورين بصفاتهم أن يدفعوا للمدعيين مليونين وستمائة وأربعة وتسعين ألفا ومائة وخمسين دينارا قيمة خسائر المواد الخام والمصنعة وفق تقرير الخبرة مع مبلغ سبعمائة ألف دينار جبرا للضررين المادي والمعنوي، و محكمة استئناف طرابلس في استئنافين مرفوعين من طرفي الخصومة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 2018/6/24م، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 2019/9/9م قرر محامي الطاعنين الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم ومودعاً الكفالة ومذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات دون على غلافها باقي محتوياتها. وبتاريخ 2019/9/24م أودع أصل ورقة إعلان الطعـن معلنة إلى المطعون ضدهم بصفاتهم بتاريخ 2019/9/11م، وبتاريخ 10/10/ 2019م أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة دفاع عن المطعون ضدهم بصفاتهم وأودعت نيابة النقض مذكرة

انتهت فيها إلى الرأي بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.

و حيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، بما حاصله إن المحكمة مصدرته قضت بإلغاء الحكم الابتدائي تأسيساً على أن الطاعنين لم يقدما ما يفيد أنهما لجأ للجان وقامت بحصر ممتلكاتهما المتضررة، وأن قضاء الحكم المستانف بالتعويض قبل التحقق من اتخاذ الإجراء الذي تتطلبه التشريعات النافذة يكون قد خالف القانون، وهو قول من المحكمة جاء مخالفا لعديد من أحكام المحكمة العليا التي تقرر أن القضاء هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات ولا تنحسر عنه هذه الولاية إلا بنص صريح في القانون يعطي الاختصاص لجهة غيره، وبالتالي من أحقية المتقاضين اللجوء مباشرة إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم، بما يكون معه معيبا، ويستوجب نقضه وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن دوائر هذه المحكمة مجتمعة قررت بجلسة 2023.01.02م أن مسؤولية الدولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة لا تتأتى ـ عند رفع الدعوى بذلك أمام المحاكم – إلا من خلال إثبات ارتكاب الدولة أو تابعيها عملا شكل خطاً موجباً للتعويض عنه، ولا يجزي في سبيل إثبات تلك المسئولية مجرد الاستناد إلى أي قرار يصدر عن سلطة تنفيذية – دون تفويض تشريعي لها – يتضمن تقرير تعويض عن تلك الأعمال من خلال جهات بعينها وفقا لضوابط ومعايير محددة، فإن مفاد ذلك هو إمكانية لجوء المتضرر من تلك الأعمال إلى القضاء مباشرة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عنها شريطة التقيد بأحكام المسئولية ‏التقصيرية في إثبات خطأ الدولة.

لما كان ذلك، وكانت محكمة أول درجة قد تصدت لنظر موضوع الدعوى، فإنها لا تكون – في هذا المقام – قد خالفت قواعد الاختصاص، وإذ خطأتها في ذلك المحكمة المطعون في قضائها لعدم استجابتها لدفع كان قد أثير أمامها من قبل دفاع المدعى عليهم بصفاتهم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، بزعم أن المطالبة بالتعويض في حالة الدعوى الراهنة يكون بسلوك الطريق الذي حددته أجهزة الدولة التنفيذية بموجب قرارات سنتها لهذا الغرض وأنه لا يجوز ولوج طريق القضاء للمطالبة بتلك التعويضات، إلا إذا نشأ نزاع حول تقدير قيمة التعويض أو تعذر الحصول عليه بإتباعهم للطرق التي حددتها التشريعات النافذة عن طريق اللجان المختصة، وأن المدعيين لم يثبتا أنهما لجأ لتلك اللجان وأنها حصرت ممتلكاتهم المتضررة كما لم يقدما ما يفيد تقاعس أو رفض تلك اللجان لدفع التعويض المستحق.. ألخ. فإن بهذا الذي ذهبت إليه المحكمة تكون قد خالفت القانون وحادت عن الفهم السوي لمقتضى نصوصه، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه.

وحيث إنه ولئن كان مبنى النقض مخالفة القانون، إلا أن المحكمة بقضائها إلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان قد حجب عنها التصدي لنظر موضوع الاستئناف، مما يجعل موضوع الطعن غير صالح للفصل فيه من هذه المحكمة ويتعين معه إن يكون مع النقض الإحالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصاريف.