طعن مدني رقم 76/ 51ق
طعن مدني رقم 76/ 51ق
خلاصة المبدأ
استحالة تنفيذ عقد العمل بسبب اعتقال العامل اعتبار الاستحالة وقتية، انفساخ عقد العمل لا يكون إلا إذا كانت الاستحالة نهائية – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 2002/1201 مدني كلي بنغازي ضد المطعون ضده بصفته طالبا إعادته إلى سابق عمله مع الشركة المدعى عليها وصرف مستحقاته وبندب خبير حسابي لبيان مستحقاته مع المصاريف والأتعاب، وجاء في شرح دعواه إنه كان يعمل مع الشركة المدعى عليها، وأنه انقطع عن العمل بسبب اعتقاله من طرف الأمن الداخلي خلال الفترة من 95.5.24 إلى أن تم الإفراج عنه بتاريخ 2001.12.13، وأن الشركة وافقت على رجوعه للعمل، وأنه استأنف العمل معها في الفترة من 2002.2.28 إلى 2002.4.8 حيث أوقفته عن العمل بقرار من مدير الشئون الإدارية يفيد أنه تم فصله بتاريخ 2000.1.18 دون مكافأة أو تعويض، وهو ما حدا به إلى رفع تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم.
والمحكمة قضت بإعادة المدعي إلى سابق عمله، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الشركة المدعى عليها بالمصاريف.
وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئناف المقام من الطاعن بقبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف
وألزمت رافعه بالمصاريف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2003.10.20، ولا يوجد ما يدل على إعلانه، وبتاريخ 2003.12.10 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مودعا مذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وسند التوكيل وصورة من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الابتدائي.
وبتاريخ 2003.12.11 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق، ولم يقدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه.
وأعدت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن انتهت فيها إلى قبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة تمسكت برأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما حاصله أنه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بأن الطاعن لا يستحق أجراً خلال مدة اعتقاله، وذلك عملاً بأحكام قانون العمل ولائحة الجزاءات، وأن استحقاق العامل للأجر طبقاً للمادة 81 عمل عن مدة الحبس الاحتياطي لا يكون إلا إذا ثبت أن اتهام العامل كان بتدبر صاحب العمل أو وكيله وهذا الذي ذهب إليـه الحكم المطعون فيه يخالف القانون نصاً وروحاً من وجهين:-
أولا: إنه لما كانت الشركة المطعون ضدها من الشركات العامة فإن لائحة الجزاءات في الشركات والمنشآت المملوكة للمجتمع الصادرة بقرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1983/126 هي الواجبة التطبيق على واقعة النزاع، وليست المادة 81 من قانون العمل كما ذهب الحكم المطعون فيه.
ثانيا: إنه طبقا للائحة المذكورة فإن اعتقال الطاعن من طرف جهاز الأمن الداخلي يجب أن يعد في حكم الحبس الاحتياطي الذي لم تسفر إجراءاته عن إدانة للطاعن، ولذلك يتعين على الشركة المطعون ضدها أن تصرف له كامل مستحقاته عن المدة التي انقطع فيها عن العمل بسبب الاعتقال مع تسوية وضعه الوظيفي وذلك عملاً بنص المادة السابعة من لائحة الجزاءات المشار إليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً وجديراً بالنقض
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لئن كان اعتقال المنتج من طرف جهاز الأمن الداخلي أمر غير ممكن التوقع ومستحيل الدفع فإنه يعد قوة قاهرة تجعل تنفيذ التزام المنتج بأداء العمل مستحيلاً، إلا أنه لما كانت هذه الاستحالة وقتية بطبيعتها فإنها لا ترتب انفساخ عقد العمل بقوة القانون، بل تؤدي إلى مجرد توقفه، لأن الانفساخ لا يقع إلا بالاستحالة النهائية.
لما كان ذلك، وكان المبدأ السائد في نطاق السياسة التشريعية لقوانين العمل هو مبدأ استقرار رابطة العمل حماية للعامل أساساً وضماناً لمعاشه، فإن من مقتضي ذلك أن وقف عقد العمل بسبب اعتقال المنتج لا يرتب كل آثار الوقف، وإنما يبقى لعقد العمل على الرغم من وقف أحد الالتزامات الرئيسية الناشئة عنه وهو التزام صاحب العمل بأداء أجر المنتج عن مدة اعتقاله، طالما أن الأجر هو عماده الأساس في معاشه، وهذه مسألة حيوية بالنسبة للمنتج بما لا يسوغ معه حرمانه منه بسبب الاعتقال الذي أوقف عقد العمل وهو أمر خارج عن إرادته.
لما كان ذلك، وكانت الشركة المطعون ضدها من الشركات العامة المملوكة للمجتمع، وهي بالتالي تخضع لأحكام لائحة الجزاءات في الشركات والمنشآت طبقاً لنص المادة الأولى منها، ولما كانت المادة السابعة من تلك اللائحة تقضي بأنه في حالة حبس المنتج احتياطياً يوقف صرف نصف مستحقاته الكاملة مدة الحبس، على أن يصرف له هذا النصف إن أسفرت الإجراءات عن عدم إدانته، وكان الأثر المترتب على الاعتقال الذي لم تسفر إجراءاته عن إدانة هو ذات الأثر المترتب على الحبس الاحتياطي الذي لم يسفر عن إدانة، فإنه يتعين إنزال نفس حكم المادة السابعة المشار إليه بخصوص حالة الحبس الاحتياطي على حالة اعتقال الطاعن التي لم تسفر عن إدانته طبقاً للثابت بمدونات الحكم المطعون فيه وللمستندات المقدمة في الدعوى، الأمر الذي يقتضي إلزام الشركة المطعون ضدها بدفع مستحقات الطاعن كاملة خلال فترة اعتقاله نزولاً على حكم المادة السابعة من لائحة الجزاءات في الشركات والمنشآت المملوكة للمجتمع المذكورة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن للمطالبة بمستحقاته خلال فترة اعتقاله من الشركة المطعون ضدها فإنه يكون مخالفاً للقانون وجديراً بالنقض دون حاجة مناقشة باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده بصفته المصاريف.