أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 492-50 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 492
  • السنة القضائية: 50
  • تاريخ الجلسة: 19 فبراير 2006

طعن مدني رقم 492-50 ق

خلاصة المبدأ

تعدد المسؤولين عن العمل الضار أثره.

الحكم 

الوقائع

أقام الطاعن الدعوى رقم 382/92 مدني كلي بنغازي ضد المطعون ضدهم طالباً إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ ثلاثين ألف دينار تعويضاً له عن الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة به. وجاء في شرح دعواه أنه يملك مصنعاً للكسكسي في بنغازي، وقد أتفق مع المنشأة العامة للدائن والإسفنج على تصنيع كميات من الأكياس تحمل أسمه والبيانات التجارية الخاصة به بغرض تعبئتها بالمواد الغذائية التي ينتجها مصنعه. إلا أنه فوجئ بتاريخ 88.12.20 بضبط المدعى عليه الثاني يقوم بتعبئة هذه الأكياس بمواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري. وقد تم اتخاذ الإجراءات بالخصوص من طرف الحرس البلدي. وتبين من خلال التحقيقات أن المدعى عليه الرابع تحصل من المدعى عليه الأول على كمية من الأكياس الخاصة بمصنع المدعي، وإنه قام ببيعها إلى المدعى عليه الثاني. ولما كان المدعى عليه الرابع يعمل في وظيفة سائق لدى جهاز حماية البيئة، وكان قد أرتكب الفعل بسبب وأثناء قيامه بوظيفته، وكان جهاز حماية البيئة قد تعاقد مع المنشأة العامة للدائن على نقل مخلفات التصنيع، فأن عناصر المسئولية التقصيرية قائمة في حق المدعى عليهم، مما حدا به إلى إقامة دعواه تلك بالطلبات المبينة فما تقدم.

والمحكمة قضت بإلزام المدعى عليهم بدفع مبلغ ثلاثين ألف دينار مع المصاريف والأتعاب. وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئنافات المقامة من الطعون ضدهم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده بالمصاريف عن الدرجتين.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.6.4 م. ولا يوجد ما يدل على إعلانه. وبتاريخ 2003.6.3 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه.

وبتاريخ 2003.6.17 ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم بتواريخ 5 و14 و2003.7.17.

وقدم احد أعضاء إدارة القضايا بتاريخ 2003.6.30 مذكرة بدفاع المطعون ضده الثالث دفع فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة، كما قدم عضو آخر من إدارة القضايا بتاريخ 2003.7.8 مذكرة بدفاع المطعون ضده الأول.

ولم يقدم الطاعن مذكرة شارحة.

واعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.

الأسباب

حيث أنه عن دفع المطعون ضده الثالث بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة تأسيساً على أنه زالت أهليته للتقاضي وذلك بصدور قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 11 لسنة 1429 بتعديل تسمية أجهزة التشغيل والصيانة وحماية البيئة إلى أجهزة حماية البيئة، فهو في غير محله. ذلك أن تعديل تسمية الخصم في الدعوى لا يعني زوال شخصيته القانونية وأهليته للتقاضي. ولما كان القرار المشار إليه قد اقتصر على تعديل تسمية أجهزة التشغيل والصيانة وحماية البيئة إلى أجهزة حماية البيئة، بما لا يكون لذلك من أثر في صفته كخصم في الطعن، حتى ولو تمت الإشارة إليه باسمه قبل صدور قرار التعديل.

ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو جدير بالقبول شكلاً 

ومن حيث أنه مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما حاصله أن الطاعن أسس دعواه على الفعل غير المشروع المتمثل في قيام المطعون ضدهم باستعمال أسمه وعلامته التجارية دون وجه حق من طرف المطعون ضده الثاني وتابع المطعون ضده الثالث، وذلك بسبب تقصير المطعون ضده الأول في عدم التصرف بحسن نية فيما تبقى من كمية الأكياس المصنعة التي تحمل أسمه، حتى تمكن تابع المطعون ضده الثالث من الحصول عليها وبيعها للمطعون ضده الثاني، فإنه بالرغم من ذلك نجد أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى عدم قيام مسئولية المطعون ضدهم على أساس أن المطعون ضده الأول قد أوفى بالتزامه العقدي بكامله تجاه الطاعن، عندما سلمه كمية الأكياس المتعاقد عليها، وعلى أساس أن المطعون ضده الثاني قد تمت تبرئته من تهمة بيع مواد خطرة على الصحة العامة، وعلى أساس أن تابع المطعون ضده الثالث قد حصل على الأكياس التي تحمل أسم الطاعن ملقاة في القمامة وهو خارج ساعات العمل وهذا من الحكم غير سديد، إذ أن أساس دعوى الطاعن هو العمل غير المشروع المنسوب إلى المطعون ضدهم جميعاً والمتمثل في الأضرار بسمعته التجارية، وهو ما أدى إلى تعرض صناعته للكساد مما أضطره إلى تغيير نشاطه، مع أنه كان قد تعاقد مع عدة جهات لتزويدها بما ينتجه من مادة الكسكسى ومنها جامعة قار يونس، وذلك طبقاً للمستندات التي قدمها. وإذ فات الحكم الوقوف على الضرر الذي تعرض له الطاعن فإنه يكون غير ملم بواقعة الدعوى وظروفها وهو ما يجعله معيباً وخليقاً بالنقض.

ومن حيث أن هذا النعي سديد. ذلك أن المادة 166 من القانون المدني تنص على أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. كما تنص المادة 172 من ذات القانون على أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر. وكان المتبوع يسأل عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كانت وظيفته قد سهلت له اقتراف الفعل المسبب للضرر. وكان الطاعن قد أسس دعواه ضد المطعون ضدهم على أنهم قد أضروا بسمعته التجارية بسبب أعمالهم غير المشروعة المتمثلة في عدم حيلولة المطعون ضده الأول بصفته دون إلقاء ما تبقى من أكياس مصنعة تحمل اسم الطاعن في القمامة، وهو الأمر الذي سهل حصول تابع المطعون ضده الثالث بصفته عليها وببيعها إلى المطعون ضده الثاني، الذي قام بتعبئتها بمواد غذائية تم ضبطها من طرف الحرس البلدي للاشتباه في كونها مضرة بالصحة العامة وانتشار خبر هذه الواقعة بالسوق مما أساء إلى سمعته. وهو ما أدى إلى العزوف عن التعامل معه وعدم شراء ما ينتجه مصنعة من مادة الكسكسى مما أضطره إلى تغيير نشاطه، وعدم تمكنه من الوفاء بالتزاماته التعاقدية تجاه زبائنه. وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى عدم قيام مسئولية المطعون ضدهم تأسيساً على أن الأول قد نفذ التزامه العقدي بالكامل تجاه الطاعن بتسليمه لكامل كمية الأكياس المتعاقد عليها، وعلى أنه قد قضى ببراءة المطعون ضده الثاني وتابع المطعون ضده الثالث من تهمة بيع مواد غذائية فاسدة وأصبح الحكم في حقهما نهائياً، وأن الحكم الجنائي يقيد القاضي المدني، مع أن الواقعة محل التهمة المقضي بالبراءة منها، هي غير الواقعة التي أسس الطاعن عليها دعواه المتمثل في تضرر سمعته التجارية، نتيجة للإهمال في المحافظة على الأكياس التي تحمل إسمه وعلامته التجارية مما سهل حصول تابع المطعون ضده الثالث عليها وببيعها للمطعون ضده الثاني الذي أستعملها في بيع مواد غذائية أخرى ضبطت للاشتباه في أضرارها بالصحة العامة، بما لا يكون معه لحكم البراءة من حجية في واقعة الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتجاهل أساس دعوى الطاعن وذهب إلى أنه أن كان للطاعن من أساس لدعواه فهو في حكم إدانة المطعون ضده الثاني بتهمة شراء أشياء مشبوهة المصدر، وأن الطاعن لم يفلح في إثبات الضرر الذي لحقه جراء ذلك، وأعرض عن بحث ما قدمه الطاعن من مستندات لإثبات ما لحقه من ضرر، حيث قام بتغيير نشاطه، بعد تاريخ الواقعة بشهور، بالرغم من أنه كان يورد مادة الكسكسى التي ينتجها مصنعه إلى جهات منها جامعة قار يونس، كما يبين من المستند المرفق بأوراق الطعن والذي كان تحت نظر المحكمة، الأمر الذي يضحى معه ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه من القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال في محله وهو ما يتوجب معه نقضه دون حاجة إلى مناقشة باقي أسباب الطعن

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وإلزام المطعون ضدهم المصاريف.