أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 842/ 66ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن:
    842
  • السنة القضائية:
    66
  • تاريخ الجلسة:
    28 مايو 2023

طعن مدني رقم 842/ 66ق

خلاصة المبدأ

مسؤولية الدولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة – إثبات الخطأ الموجب للتعويض وفق أحكام المسئولية التقصيرية – أساسه.

الحكم

الوقائع/‏ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 546 / 2015 أمام محكمة العجيلات الابتدائية على الطاعنين بصفاتهم قال بيانا لها إن لديه مخزنا بمزرعته – الموصوفة بالأوراق – يستغله في تخزين المحاصيل الزراعية واستقبال الزوار في المناسبات الاجتماعية فتعرض لقذيفة – أثناء الاشتباكات المسلحة للسيطرة على قاعدة الوطية خلال سنة 2015 – مما نجم عن ذلك تهدم جزء من المبنى قدره خبير بنسبة 15% وتصدع جزئه لباقي فأصبح غير صالح للاستعمال، فقام بإبلاغ مركز الشرطة المختص بالواقعة، وخلص إلى طلب إلزام المدعي عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ مائتين وواحد وعشرين ألفا وأربعين دينارا تعويضاً عما لحقه أضرار مادية ومعنوية، فقضت المحكمة برفض الدعوى، وقضت محكمة استئناف الزاوية بالغاء الحكم المستأنف، وإلزام الطاعنين بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده خمسة وثلاثين ألفا وتسعمائة وسبعين دينارا تعويضا عن الضرر المادي وخمسة عشر ألفا عن الضرر المعنوي مع المصاريف والأتعاب.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ بتاريخ 2019.1.21 م، وأعلن بتاريخ 2019.7.8م وبتاريخ 2019.7.31م قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا – نيابة عن الطاعنين بصفاتهم – مودعاً مذكرة بأسباب الطعن و أخري شارحة وصورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي.

وبتاريخ 2019.8.19م أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 2019.8.6م. وأودعت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها أصليا إلى نقض الحكم المطعون فيه مع التصدي بإلغائه ورفض الدعوى، واحتياطيا بنقضه جزئيا فيما قضى به بالتعويض عن الضرر المادي وأتعاب المحاماة، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.

وحيث إن من بين ما ينعى به الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وبيان ذلك

  1. إنه ألزمهم بدفع ما قضى به من تعويض بالرغم من انتفاء صفتهم في الدعوى لأن الأضرار المطالب بالتعويض عنها ناجمة عن قذيفة مجهولة المصدر أثناء اشتباكات عسكرية.
  2. عدم تدليل المحكمة مصدرته على قيام أركان المسئولية التقصيرية في حق الطاعنين عدا قولها إن المستندات المقدمة تدل على صحة ثبوت الواقعة وثبوت الخطأ تجاه المدعى عليهم الذين يقع على عاتقهم حماية ممتلكات المواطنين واتخاذ الوسائل اللازمة للمحافظة عليها، وأن الإخلال بواجب الحماية قرينة على الخطأ ويكون ركنه المستوجب للتعويض متحققا، في حين أن ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية لا يفترض بل يجب إثباته، ولكل ذلك يكون حكمها معيباً، ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي بسببيه سديد، ذلك أن دوائر هذه المحكمة مجتمعة قررت بجلسة 2023.01.02م إن مسؤولية الدولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة لا تتأتى إلا من خلال إثبات ارتكابها هي أو تابعيها عملاً شكل خطأ موجباً للتعويض عنه، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد تبريرا لقضائه قوله “.. ذلك أن الثابت من خلال المستندات المرفقة أن المدعي يملك بمزرعته الكائنة بمنطقة حشانة بالجميل، مبنى هو عبارة عن مخزن تبلغ مساحته (…) وقد تعرض أثناء الاشتباكات العسكرية التي حصلت بمدينة الجميل سنة 2015م إلى سقوط قذيفة عليه مما أدى إلى سقوط حوالي 15% من بلاط السقف وتصدع الجزء الباقي من المبنى، وكما هو ثابت بتقرير الخبرة المرفق، وبذلك يكون الخطأ ثابتا في حق المدعى عليهم بصفاتهم، حيث إنهم ملزمين بحكم عملهم ووفقا للقانون بتوفير الأمن والأمان للمواطنين وحماية أرواحهم وممتلكاتهم من التعرض لها والعبث بها من الآخرين وبسط سيادة الدولة والقانون على الجميع، وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري في الباب الثاني منه، وحيث إن المدعى عليهم بصفاتهم قد أخلوا بهذا الالتزام ولم يقوموا بتوفير الأمن والأمان للمدعي ولم يوفروا له الحماية اللازمة له ولممتلكاته، الأمر الذي نتج عنه سقوط قذيفة على مبنى المخزن الخاص به وإلحاق الضرر به وعلى النحو المبين بتقرير الخبرة المرفق لذلك فهم ملزمون بتعويضه عن الضرر اللاحق به طبقا للقانون “.

لما كان ذلك، وكانت المسئولية التقصيرية – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تترتب قانوناً إلا إذا كان الضرر نشأ عن خطأ، وأنه وإن كان لقاضي الموضوع أن يستخلص ثبوت هذا الخطأ من جميع عناصر الدعوى شريطة أن يكون استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، كما جرى قضاؤها على أن الحكم يجب أن يبنى على ما يدعمه من الأسباب، فإذا كانت في الأسباب التي أقيم عليها ثغرة يتطرق منها التخاذل إلى مقومات الحكم ولا يتماسك معها قضاؤه، كان تسبيبه معيباً.

وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه تأسيساً على أحكام مسئولية الطاعنين بصفاتهم الشخصية عن عمل نسب صدوره عنهم المندرجة تحت نص المادتين 166، 167 من القانون المدني، وأن ما ساقه في محاولة منه للتدليل على تحقق قيام أركان تلك المسئولية من خلال نسبة التقصير في حقهم، أجمل ثبوت الخطأ في حقهم لكونهم ملزمين بحكم عملهم ووفقا للقانون بتوفير الأمن والأمان للمواطنين وحماية أرواحهم وممتلكاتهم من التعرض لها والعبث بها من الآخرين وبسط سيادة الدولة والقانون على الجميع، وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري، وأنهم قد أخلوا بهذا الالتزام بعدم توفيرهم الأمن والأمان للمدعي والحماية اللازمة له ولممتلكاته، مما نتج عنه سقوط القذيفة على مبنى المخزن وإلحاق الضرر به، وهي عبارات عامة مرسلة خلت من بیان کنه الاحتياطات الأمنية اللازمة التي كان يتوجب على الطاعنين بصفاتهم – أو حتى تابعيهم – اتخاذها، والتي لو فعلت ذلك لحال دون حصول الفعل المسبب للضرر، والمتمثل تحديداً في سقوط القذيفة على المخزن بالذات، ونسبة صدور ذلك الفعل إلى تابعي الطاعنين دون غيرهم من الأطراف المتشابكة معهم دون كشف منه عن مصدر استقائه لهذه المعلومة رغم تأكيد الحكم أن ذلك حصل أثناء اشتباكات عسكرية الأمر الذي يكشف جليا ـ من كل ما تقدم – عن مدى ما وقع فيه الحكم المطعون فيه من تذبذب سواء في فهم وقائع الدعوى وأدلتها أو في استظهار أركان المسئولية التي حاول على أساسها حمل عليها ما انتهى إليه من نتيجة، فجاءت بالتالي مفتقرة لدليلها القانوني، وشكل ثغرة يتطرق منها التخاذل إلى مقومات الحكم ولا يتماسك معها قضاؤه، وبما يصمه بعيب مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، ويتعين من ثم نقضه دون الحاجة لمناقشة باقي أسباب الطعن

فلهذه الأسباب

‏‏ حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف الزاوية للفصل فيها مجدداً. هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده المصاريف.