أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 122/ 66ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن:
    122
  • السنة القضائية:
    66
  • تاريخ الجلسة:
    28 مايو 2023

طعن مدني رقم 122/ 66ق

خلاصة المبدأ

مسؤولية الدولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة – شرطه.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 47 / 2016 أمام محكمة الزهراء الابتدائية على الطاعنين بصفاتهم قال بيانا لها: إنه يملك منزلا بمنطقة المعمورة (وصفه بالأوراق ) أضطر لمغادرته أثناء اشتباكات مسلحة حصلت في منطقة ورشفانة خلال سنة 2014م تنفيذا للقرار رقم 18 / 2014م الصادر عن القائد الأعلى للجيش الليبي، وعند عودته إليه تبين له تعرضه لسقوط قذائف عشوائية أدت إلى تصدعات به، إضافة إلى وجود تخريب وإتلاف ونهب لمحتوياته، فتم إثبات ذلك في محضر ضبط الواقعة، وبتقدير الأضرار بموجب تقرير خبير تم انتدابه بأمر إثبات الحالة صادر عن رئيس محكمة الزهراء الابتدائية تحت رقم 4074 / 2015م، وخلص المدعي إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين أن يدفعوا له قيمة الأضرار الواردة بتقرير الخبرة وقدرها مائتان واثنا عشر ألف دينار، ومبلغ ثلاثمائة ألف جبرا للضررين المادي والمعنوي، فقضت المحكمة بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين أن يدفعوا للمدعي مائة واثنين وستين ألف دينار تعويضا عن الأضرار المادية، ومائة وعشرين ألفا عن الأضرار المعنوية، وقضت محكمة استئناف طرابلس في استئناف مرفوع من المحكوم عليهم بصفاتهم بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض معنوي بجعله عشرة آلاف دينار وتأييده فيما عدا ذلك.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 25 / 4 / 2018 م، وأعلن بتاريخ 6 / 11 / 2018م وبتاريخ 26 / 11 / 2018 م قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بالنقض نيابة عن الطاعنين بصفاتهم لدى قلم كتاب المحكمة العليا مودعا مذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وصورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي وبتاريخ 2018/12/6م أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 2018/12/3م.

وأودعت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي برفض الطعن، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وبيان ذلك:

  1. عدم اختصاص المحكمة مصدرته ومن قبلها محكمة أول درجة ولانياً بنظر الدعوى، ذلك أن مجلس الوزراء قد وضع أسسا وضوابط لتقدير قيمة التعويضات عن المباني المتضررة نتيجة العمليات العسكرية وأوكل اختصاص ذلك للجان أنشأها بالخصوص، مما كان يتوجب على المطعون ضده أن يسلك هذا الطريق.
  2. إنه قضى بإلزامهم بدفع ما قضى به من تعويض بالرغم من انتفاء صفتهم في الدعوى، ذلك أنه واستنادا لقرار صادر عن مجلس الوزراء رقم 164 / 2012م بشأن تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات فقد نصت المادة 12 منه علىزاختصاص صندوق التضامن الاجتماعي بذلك.
  3. إنه قضى بإلزامهم بدفع التعويض وفقا لنص المادة 177 من القانون المدني بشأن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعيه دون التدليل على قيام أركان المسئولية التقصيرية في حقهم، ولكل ذلك يكون الحكم المطعون فيه معيباً، ويستوجب نقضه.

وحيث إن الطعن في سببه الأول مردود، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى أنه إذا رد الحكم المطعون فيه على المناعي المثارة أمام محكمة الموضوع وكان رده عليها سائغاً ومقبولا فلا حاجة لترديدها أمام هذه المحكمة من جديد، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين بصفاتهم قد أبدوا دفعاً أمام المحكمة مصدرته بما لا يخرج عما أبدوه بسبب نعيهم فردته بقولها ” ذلك أن القضاء العادي هو المختص بالفصل في المنازعات أيا كان نوعها إلا ما استثني بنص خاص، وذلك عملا بنص المادة 20 من القانون رقم 6 لسنة 2006 بشأن نظام القضاء، فإذا ما أراد المشرع تقرير اختصاص هيئة ما بنزاع معين خروجاً عن الأصل المذكور لمصلحة ارتأها فيجب أن يكون ذلك الخروج بأداة موازية وهو القانون وليس بأداة أقل منها من حيث مرتبتها القانونية من القرارات واللوائح، فإذا ما أوجب القانون قبل طرح الخصومة أمام المحاكم أن تتخذ إجراءات معينة مثل العرض على لجان التعويض ففي هذه الحالة يمتنع على المحاكم نظر الدعاوى قبل اتخاذ تلك الإجراءات، وينشأ دفع موضوعي هو من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص بسبب وجوب اتخاذ الإجراءات قبل رفع الدعوى أو وجوب طرح النزاع أولا على هيئة خاصة، وحيث إن رئيس الوزراء أصدر القرارين المذكورين ولم يقرر الإجراء بقانون بل بقرار فإنه يكون قد خالف القانون رقم 6 لسنة 2006 وبذلك يكون الاختصاص ما زال منعقدا للمحاكم العادية، فالقراران المذكوران لا يسلبان المحاكم اختصاصهما ” وكان رد المحكمة على نحو ما سلف يحمل ما انتهت إليه من نتيجة بأسلوب سائغ يتفق مع التطبيق الصحيح لنصوص القانون – ويتماشى مع قررته دوائر هذه المحكمة مجتمعة بتاريخ 22 / 11 / 2023 ما مفاد إمكانية اللجوء إلى القضاء مباشرة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة – وبالتالي يكون كافيا للرد على الدفع، مما يجعل ترديده أمام هذه المحكمة بقصد الوصول إلى نتيجة مغايرة لا جدوى منه و يتعين الالتفات عنه.

وحيث إن الطعن في سببه الثاني مردود أيضاً، ذلك أن الدعوى لم تكن مقامة من المطعون ضده بطلب تعويضه عن أضرار ناشئة عن كوارث طبيعية أو غيرها مما قد يندرج في مفهومها، الأمر الذي يجعل من محاولة إخراج الدعوى عن مسار سببها القانوني المرفوعة به إلى اختلاق مسار آخر لم ترفع به غير مقبول إمام هذه المحكمة.

وحيث إن السبب الأخير للطعن في محله، ذلك أن دوائر هذه المحكمة مجتمعة قررت بجلسة 2 / 1 / 2023م أن مسؤولية الدولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن الاشتباكات المسلحة لا تتأتى – عند رفع الدعوى بذلك أمام المحاكم – إلا من خلال إثبات ارتكاب الدولة أو تابعيها عملاً شكل خطأ موجباً للتعويض عنه، فإنه ولئن كان مفاد ذلك هو إمكانية لجوء المتضرر من تلك الأعمال إلى القضاء مباشرة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن تلك

الأعمال وفقا لأحكام المسئولية التقصيرية، إلا أنه لا يجزي في سبيل إثبات تلك المسئولية مجرد الاستناد إلى أي قرار صادر عن سلطة تنفيذية بتقريرها التعويض عن تلك الأعمال من خلال اللجوء إلى لجان بعينها وفقا لضوابط ومعايير محددة لها لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم الابتدائي أنه‏ أورد تبريرا لقضائه قوله ” حدد التقرير سبب الأضرار التي لحقت بالعقار بأنها كانت بسبب الأحداث المسلحة التي وقعت بمنطقة ورشفانه، ولما كان الأمر كذلك وأن الخطأ ثابت بحق المدعى عليهم ونتيجة عدم فرضهم الرقابة ومتابعة أتباعهم من التشكيلات المسلحة من عسكريين وثوار المناط بهم تنفيذ القرار رقم 2014/18، وعملا بنص المادتين 166، 177 مدني يكون المدعى عليهم مسئولين عن تعويض المدعي عن الأضرار التي لحقت بمنزله “، ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد تبريرا لقضائه بتأييد الحكم الابتدائي في شقه المتعلق بما قضى به من تعويض مادي قوله ” وحيث إنه بالاطلاع على تقرير الخبرة المرفق وقد جاء به لوحظ من خلال المعاينة والزيارة الميدانية إلى موقع العقار تعرض المنزل إلى التصدعات والتكسير والتخريب والعبث بمحتوياته وتكسير المواد الصحية للمطبخ والحمامات وتخريب شبكة الكهرباء وتكسير الأبواب والنوافذ وسقوط القواذف بالموقع، وحيث ما أثبته الخبير بالتقرير من أضرار هو عمل تخريبي نتيجة لعدم ضبط الأمور من قبل المكلفين بتنفيذ قرار القائد الأعلى للجيش الليبي.. أما ما يثبت أن المدعى عليهم أو تابعيهم من تسبب في الأضرار التي لحقت به، فإن ما صدر عن المستأنفين من قرارات حول تشكيل للجان للتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأعمال العسكرية في كامل البلاد بعد إعلان التحرير لدليل واعتراف بالمسئولية عن هذه الأضرار والتي منها قرار مجلس الوزراء رقم 12 لسنة 2014 بشأن سريان قراره رقم 271 لسنة 2012 على المباني….، والقرار رقم 372 لسنة 2013 بتشكيل لجنة رئيسية للتعويضات عن الأضرار الواقعة لمنقولات خلال الحرب، والقرار 668 لسنة 2013 بشأن اعتماد الأسس والضوابط الخاصة بعمل اللجنة.. إضافة إلى أنه كان على من يقومون بتنفيذ القرار رقم 18 لسنة 2014 المذكور أن يتخذوا الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وممتلكاتهم، وبالتالي فإن مسئولياتهم القانونية قائمة ” الإثبات غير قائم على أساس وإذ كانت المسئولية التقصيرية – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تترتب قانوناً إلا إذا كان الضرر نشأ عن خطأ، وأنه وإن كان لقاضي الموضوع أن يستخلص ثبوت هذا الخطأ من جميع عناصر الدعوى، إلا أنه يشترط أن يكون استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. وكان يظهر جليا مما ساقته المحكمة المطعون في قضائها – على النحو المتقدم ـ أنها وإن كانت قد عمدت إلى تأصيل الواقعة بإظهار أن بعضاً مما لحق بالمنزل من أضرار كان بفعل عمدي ارتكبه من كلف بتنفيذ القرار رقم 2014/18، في حين أن بعضها الآخر كان نتيجة سقوط القذائف الحربية العشوائية وفق ما أورده الخبير في تقريره، إلا أن اتخاذ المحكمة من مجرد صدور قرارات عن السلطات التنفيذية بتقرير إمكانية التعويض عن تلك الأعمال من خلال لجان شكلتها بالخصوص، وركون المحكمة إلى استخلاص من تلك القرارات على أنها تعد اعترافا من الدولة بالمسئولية عن تلك الأضرار، وبالتالي يشكل أساساً لدليل أقامت عليه قضاءها الذي حاولت تدعيمه بمجرد قولها إضافة إلى أنه كان على من يقومون بتنفيذ القرار رقم 18 لسنة 2014 المذكور أن يتخذوا الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وممتلكاتهم و بالتالي فان مسئولياتهم القانونية قائمة على كل ما حصل من تدمير للأموال، مما يكون معه الدفع بعدم الأثبات غير قائم على اساس/

المسئولية التقصيرية – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تترتب قانوناً إلا إذا كان الضرر نشأ عن خطأ، وأنه وإن كان لقاضي الموضوع أن يستخلص ثبوت هذا الخطأ من جميع عناصر الدعوى، إلا أنه يشترط أن يكون استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. وكان يظهر جليا مما ساقته المحكمة المطعون في قضائها – على النحو المتقدم ـ أنها وإن كانت قد عمدت إلى تأصيل الواقعة بإظهار أن بعضاً مما لحق بالمنزل من أضرار كان بفعل عمدي ارتكبه من كلف بتنفيذ القرار رقم 2014/18، في حين أن بعضها الآخر كان نتيجة سقوط القذائف الحربية العشوائية وفق ما أورده الخبير في تقريره، إلا أن اتخاذ المحكمة من مجرد صدور قرارات عن السلطات التنفيذية بتقرير إمكانية التعويض عن تلك الأعمال من خلال لجان شكلتها بالخصوص، وركون المحكمة إلى استخلاص من تلك القرارات على أنها تعد اعترافا من الدولة بالمسئولية عن تلك الأضرار، وبالتالي يشكل أساساً لدليل أقامت عليه قضاءها الذي حاولت تدعيمه بمجرد قولها إضافة إلى أنه كان على من يقومون بتنفيذ القرار رقم 18 لسنة 2014 المذكور أن يتخذوا الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وممتلكاتهم ” والتي لا تعدو عن كونها عبارات عامة مرسلة – لم تأت بجديد من شأنه تدراك ما سارت عليه محكمة أول درجة بذات النسق للتدليل على قيام أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للقضاء بالتعويض – والتي خلت من بیان كنه الاحتياطات اللازمة التي كان يتوجب على المطعون ضدهم – أو تابعيهم – لو تقيدوا بها لحالت دون حصول الفعل المسبب للضرر على الأقل في جانبه المتعلق بسقوط القذائف العشوائية على المنزل وما خلفته من حصول بعض الأضرار به، وكانت جزءً مما أتخذ منها الخبير عنصراً من عناصر قدر من خلالها إجمالي قيمة التعويض المادي المحكوم به، في الوقت الذي كان يتوجب عليه حصر قيمة الأضرار الناجمة عن الأعمال التي عبر عنها بأنها عمدية عن تلك الناشئة من جراء سقوط القذائف حتى يتسنى إخضاع كل شق منها للدليل المعتد به قانوناً في إثباتها وفقا للمعيار المحدد بموجب المبدأ الصادر عن دوائر هذه المحكمة مجتمعة – المشار إليه – الذي استبعد إمكانية الركون إلى مجرد صدور أي قرار من سلطات تنفيذية يتضمن تقرير التعويض عن الأضرار الناشئة عن الأعمال الحربية كدليل إثبات أمام القضاء على قيام ركن الخطأ، والذي كان ذات ما أسست عليه المحكمة المطعون في نتيجة قضائها، بما يجعل حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، و يتعين معه نقضه

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده المصاريف.‏