أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 386/ 67ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن:
    386
  • السنة القضائية:
    67
  • تاريخ الجلسة:
    24 يوليو 2022

طعن مدني رقم 386/ 67ق

خلاصة المبدأ

عمل إرهابي – وقوعه في مؤسسة لتدريب الشرطة نجم عنه فقدان مستجد لحياته – مطالبة ورثته تعويضهم وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية – وجوب استخلاص ركن الخطأ استخلاصاً سائغاً من جميع عناصر الدعوى – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 955 لسنة 2017 أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية على الطاعنين بصفاتهم قالوا بيانا لها: – إن مورثيهم ممن التحقوا بالدورة التدريبية الأولى لمنتسبي أمن السواحل التي أقامتها إدارة التدريب بوزارة الداخلية بمعهد تدريب الشرطة بمدينة زليتن، وبتاريخ تخرجهم في 7 / 1 / 2016 أقام المعهد احتفالية بذلك، وفي أثناء الحفل اقتحمت شاحنة نقل مياه مفخخة بوابة المعهد – بكل سهولة لعدم أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة ـ حتى وصلت إلى مكان الاحتفالية وقام قائدها ‏ بتفجيرها، مما أدى إلى وفاة مورثيهم، والحق بهم أضرارا مادية ومعنوية، وخلصوا إلي طلب الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم أن يدفعوا لكل منهم خمسة ملايين دينار تعويضا عن الضرر المادي الذي حل بمورثيهم فور حصول الواقعة وخلال تلقي العلاج لبعضهم قبل الوفاة، وعشرة ملايين دينار عن الضرر المادي الذي لحق بكل مدع، ومثلها عن الضرر المعنوي، فقضت المحكمة بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين أن يدفعوا للمدعين الأول والثاني والثالث والخامس والسابع والثامن عن أنفسهم وبصفاتهم خمسين ألف دينار تعويضا عن الضرر المادي، وخمسين ألفا عن الضرر المعنوي، وأن يدفعوا للمدعي الرابع بصفته وكيلا عن والدي “. خمسين ألف دينار عن الضرر المادي، وخمسين ألفا عن الضرر المعنوي، وأن يدفعوا له بصفته وكيلا عن زوجة المذكور عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها خمسين ألف دينار عن الضرر المادي، وخمسين ألفا عن الضرر المعنوي، وأن يدفعوا للمدعي السادس بصفته وكيلا عن والديه خمسين ألف دينار عن الضرر المادي، وخمسين ألفا عن الضرر المعنوي. وقضت محكمة استئناف طرابلس في استئناف أصلي مرفوع من المحكوم لهم بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض عن الضرر المادي لكل منهم بجعله مائة ألف دينار وبتأييده فيما عدا ذلك، وفي استئناف مضموم مرفوع من المـحكوم عليهم بصفاتهم برفضه

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 4 / 12/ 2019 و أعلن في 2020/1/21، وقرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بالنقض – نيابة عن الطاعنين بصفاتهم – لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 20 / 2 / 2020 مودعا مذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي وبتاريخ 8 / 3 / 2020 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهم بتاريخ 5 / 3 / 2020 وبتاريخ 8 / 7 / 2020 أودع محامي المطعون ضده الأول عن نفسه مذكرة دفاع مشفوعة بسند وكالته عنه ضمن حافظة مستندات

ضمنها دفعا بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه من غير ذي صفة لخلو التقرير بالطعن ومذكرة الأسباب من ختم إدارة القضايا. وأودعت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلي الرأي بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.

الأسباب

حيث إنه عن شكل الطعن، فإنه ولما كان ما أثاره محامي المطعون ضده الأول بشأن عدم قبوله تم من خلال ما حوته حافظة مستندات تم إيداعها قلم الكتاب بهذه المحكمة بتاريخ 8 / 7 / 2020 – حسبما هو مثبت بمحضر الإيداع – و بعد انقضاء الميعاد المحدد بالمادة 1/346 من قانون المرافعات، بما يجعل وجودها بملف الطعن لا يعدو عن كونه وجودا ماديا مفتقرا لمرتكز يسمح بترتيب إي اثر قانوني للاعتداد بها وما حوتها، ولا يغير من ذلك قيام قلم الكتاب بقبولها وعدم إعماله نص المادة 350 بشأنها والذي هو خطأ لا يسوغ الاستفادة منه، ولزام ذلك بالتالي عدم قبولها. وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.

وحيث إن حاصل مما ينعى به الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، ذلك أن المحكمة مصدرته قضت بمسئوليتهم عن واقعة التفجير التي أودت بحياة مورثي المطعون ضدهم، تأسيسا على عدم اتخاذ تابعيهم 3/7 تياطات اللازمة لمنع حصولها، وأن ذلك شكل خطأ نجم عنه الوفاة، في حين لم تأت المحكمة بما تدلل به على توافر ذلك الركن وغيره من أركان المسئولية التقصيرية التي أسست عليها ما قضت به من تعویض، مما يجعل حكمها معيبا، ويستوجب نقضه.

وحيث إنه عن هذا النعي، فإنه ولما كان قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تلم بوقائع الدعوى وأدلتها وأحكام التشريعات المنطبقة عليها، فإن هي أغفلت ذلك وقضت فيها ولم تورد في أسباب حكمها ما ينبئ عن أنها أحاطت بكل ما هو لازم للفصل فيها كان حكمها معيبا وكان الواقع في الدعوى يجمل استخلاصا من أوراقها في أن المطعـ ون ضدهم أقاموها أمام محكمة أول درجة بطل ب إلزام الط ا عنين بصفاتهم بتعويضهم عن أضرار مادية ذكروا أنها كانت قد لحقت بمورثيهم نتيجة تعرضهم لتفجير إرهابي أودى بحياتهم ( أي الضرر الموروث )، وعن أضرار مادية ومعنوية لحقت بهم شخصيا نتيجة وفاة أولئك المورثين، فقضت لهم المحكمة بما رأته من تعويض عن الضررين المادي والمعنوي وفق الوارد بمنطوق حكمها، والذي كان محل تأييد من الحكم المطعون فيه مع زيادة في قيمته عن الضرر المادي. فبالتالي ولما كان مورثو المطعون ضدهم قد التحقوا مستجدين بمؤسسة تدريب للشرطة، وكان القانون رقم 10 لسنة 1992 بشأن إصدار قانون الأمن العام – السارية أحكامه وقت حصول الواقعة ــــــ قد نص في مادته (105) على أن ” يصدر بتنظيم حقوق وأوضاع المستجدين أثناء فترة التحاقهم بمؤسسات تدريب الشرطة قرار من اللجنة الشعبية العامة للعدل “، وهي بدورها قد أصدرت بتاريخ 26/ 5/ 1423 (1993م) القرار رقم 280 لسنة 1423 (1993م) الذي جاء في مادته (3) ” تسري بشأن المستجدين الأحكام المقررة بالنسبة لرتبة فرد بالشرطة والمنصوص عليها في القانون رقم 10 لسنة 1992 المشار إليه “. وكانت المادة (101) من ذات القانون قد نصت على أنه ” استثناء من حكم المادة الرابعة والتسعين من هذا القانون تعتبر خدمة من يفقد حياته من أعضاء هيئة الشرطة أثناء تأديته لواجبات وظيفته أو بسببها مستمرة إلى حين بلوغه السن المقررة لترك الخدمة، ويعامل معاملة أقرانه من الأحياء بالنسبة لاستحقاق المرتب والترقية وكافة العلاوات والمزايا المالية والعيني الأخرى، وتصرف المرتبات وكافة الحقوق المالي للأسرة التي كان يعولها عضو هيئة الشرطة حال حياته. وبالتالي يكون المشرع ومن خلال نصوص هذه التشريعات الخاصة – قد تكفل بموجبها تحديدا لكيفية معالجة أوضاع المستجد عند حصول ما أفقد حياته أثناء فترة التحاقه بمؤسسات تدريب الشرطة شأنه في ذلك شأن غيره من المنضوين للعمل بسلك الأمن العام، وعلـــــى نـــحــو قد يتماشى مع ما يأمل المطعون ضدهم تلبية تحقيقه من رفعهم الدعوى بشقي طلباتهم فيها. وهو ما كان يفترض التنبه إليه من قبل محكمتي الموضوع لتقرير على هدي أي نصوص من تشريع هي أولى بالتطبيق على وقائع الدعوى، دون الركون في ذلك إلى تكييف من الخصوم قد يكون خاطئنا لا ينطبق على وقائعها، والذي – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا يقيد القاضي في إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح. وإذ كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة مصدرته – وبعد أن أثبتت في وقائعه مناعي دفاع الطاعنين الواردة بمذكرة استئنافهم والتي من بينها عدم استجابة محكمة أول درجة لطلبه بوقف السير في نظر الدعوى إلى حين انتهاء النيابة العامة من تحقيقاتها المستمرة بشأن ملابسات كيفية حصول الواقعة وبكونه قد أرفق إفادة تدعم ذلك – أوردت تبريرا لقضائها القول ” وحيث إن هذه المحكمة وبعد اطلاعها على الأوراق وما جاء في الحكم المستأنف – وهي بصدد تكوين عقيدتها في الدعوى، فإن ما ذهب إليه المستأنفون بصفاتهم في الاستئناف المضموم لا يجد له سندا في القانون، كما أنهم لم يأتوا بجديد في استئنافهم من شأنه النيل من سلامة الحكم المستأنف أو أن يغير وجه الرأي في الدعوى، ذلك أن الحكم المستأنف قد تعرض الواقعة الدعوى وانتهى إلى توافر أركان المسئولية التقصيرية في حق تابعي المستأنفين بصفاتهم، وذلك لعدم اتخاذهم الاحتياطات الأمنية اللازمة لمنع وقوع ما حدث، وأنه لولا ذلك التقصير والإهمال لما استطاع سائق الشاحنة المفخخة من الدخول إلى معهد التدريب بكل سهولة وقيامه بتفجيرها بجوار المدربين والمتدربين، ولا شك أن ذلك الإهمال والتقصير وهو ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية، وقد نتج عنه ما لحق بالمدعين من أضرار نتيجة وفاة مورثيهم، وهي أضرار مادية تمثلت في فقدان من كان يعولهم والإخلال بمصلحة مالية لهم مع ما لحقهم من ضرر معنوي..، وأن ما دفع به دفاع المستأنفين بصفاتهم من مخالفة الحكم المستأنف للقانون كون محكمة أول درجة لم توقف السير في الدعوى باعتبار وجود تحقيقات جنائية حول الواقعة، فإن ذلك في غير محله، ذلك أن المستأنف ضدهم في هذا الاستئناف قد أسسوا دعواهم على أساس المسئولية التقصيرية المتمثل في تقصير تابعي المستأنفين بصفاتهم في توفير الحماية الأمنية للمتدربين مع توقعهم خطرا يداهمهم، وهذا ما لا علاقة له في إقامة الدعوى الجنائية ضد من ارتكب حادث التفجير، خاصة وأن النيابة العامة كانت قد قيدت الواقعة قبل إقامة المستأنف ضدهم لدعواهم “.

لما كان ذلك، وكانت المسئولية التقصيرية – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تترتب قانونا إلا إذا كان الضرر نشأ عن خطأ، وأنه وإن كان لقاضي الموضوع أن يستخلص ثبوت هذا الخطأ من جميع عناصر الدعوى شريطة أن يكون استخلاصه سائغا وله أصله الثابت في الأوراق. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيسا على أحكام مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه المنصوص عليها في المادة 177 من القانون المدني، وأن ما ساقه للتدليل على تحقق قيام أركان تلك المسئولية من خلال نسبة التقصير في حق تابعي الطاعنين بقوله ” تقصير تابعي المستأنفين بصفاتهم في توفير الحماية الأمنية للمتدربين مع توقعهم خطرا يداهمهم ” جاء في عبارة عامة مرسلة خلت من بيان كنه الاحتياطات الأمنية اللازمة التي كان يتوجب على أولنــك التابعين – أو حتى الجهات المعنية – اتخاذها، والتي لو فعلت ذلك لحال دون حصول الفعل المسبب للكارثة، خاصة إزاء توقعهم خطرا يداهم ذلك المكان – حسبما صرح به الحكم – ولكن دون كشف منه عن مصدر استقائه لهذه المعلومة ولا ما ذهب إليه بقوله إن النيابة العامة كانت قد قيدت الواقعة قبل إقامة المستأنف ضدهم لدعواهم والذي جاء – هو الآخر – دون بيان لما انتهت إليه في قيدها، وجاء أيضا متناقضا كليا مع ما أورده في سياق سرده أسباب استئناف الطاعنين والتي ذكر فيها أن دفاعهم طلب من محكمة أول درجة وقف السير في نظر الدعوى إلى حين انتهاء النيابة العامة من تحقيقاتها المستمرة بشأن ملابسات كيفية حصول الواقعة وبكونه قد أرفق إفادة تدعيما لذلك الطلب. الأمر الذي يكشف جليا – من كل ما تقدم – عن مدى ما وقع فيه الحكم المطعون فيه من تذبذب سواء في فهم وقائع الدعوى وأدلتها والتشريعات المنطبقة عليها أو في استظهار أركان المسئولية التي حاول على أساسها حمل عليها ما انتهى إليه من نتيجة، فجاءت بالتالي مفتقرة لدليلها الواقعي والقانوني، الأمر الذي يصم الحكم المطعون فيه بعيب مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال ويتعين من ثم نقضه دون الحاجة لمناقشة باقي أسباب الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضدهم المصاريف.