طعن مدني رقم 368/ 45ق
طعن مدني رقم 368/ 45ق
خلاصة المبدأ
الدفع بانتفاء المسؤولية دفع جوهري يجب الرد عليه، إغفال ذلك أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 96/234 مدني كلي بنغازي ضد الطاعنين بصفتيهما بصحيفة جاء فيها: أن ابن المدعيين: الأول والثانية، كان يقود سيارة نقل على الطريق الساحلي، وكان معه على متن السيارة المدعي الثالث، وقد وقع له حادث أدى إلى وفاته، وأنه لما كان سبب الحادث هو اختلال توازن السيارة نتيجة وجود حفرة عميقة في الطريق،
وكان المدعى عليه الثاني بصفته مسؤولاً عن صيانة الطرق للحيلولة دون وقوع مثل هذه الحوادث ؛ الأمر الذي حدا بالمدعين إلى رفع دعواهم تلك ومحكمة أول درجة قضت بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بأن يدفعا للمدعين مبلغاً قدره عشرون ألف دينار لورثة (…) بسبب فقدانهم مورثهم، ومبلغ عشرة آلاف دينار للمدعى الآخر تعويضاً شاملاً له عما أصابه من أضرار بدنية نتيجة الحادث، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وقدرت مبلغ ثلاثين ديناراً أتعاب محاماة. ولم يجد هذا الحكم قبولاً لدى الطرفين فاستأنفه كل منهما أمام محكمة استئناف بنغازي التي بعد أن نظرت الاستئنافين معاً، قضت بقبولهما شكلاً، وفي الموضوع أولاً: بالنسبة للاستئناف رقم 98/31 المرفوع من المطعون ضدهم بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن الوفاة، وعما أصاب المستأنف الثاني من أضرار بدنية، إلى إلزام المستأنف ضدهما بصفتيهما بأن يدفعا للمستأنف الأول مبلغ ثلاثين ألف دینار، وبأن يدفعا للمستأنف الثاني مبلغ خمسة عشر ألف دينار مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين، وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لطلب التعويض عن تلف المركبة، وبإلزام المستأنف ضدهما بأن يدفعا للمستأنف الأول مبلغ خمسة آلاف دينار عن تلف المركبة مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين.
ثانياً رفض الاستئناف رقم 98/30 – المرفوع من الطاعنين – وإعفاء المستأنفين من المصاريف القضائية.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.6.7ف، وأعلن بتاريخ 1998.7.5 ف، فقرر أحد أعضاء إدارة القضايا بتاريخ 1998.7.29ف الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وأودع مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 1998.8.3ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم بذات التاريخ.
وقدم محامي المطعون ضدهم بتاريخ 1998.9.6ف مذكرة بدفاعهم مشفوعة بوكالته عنهم وبحافظة مستندات.
وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن انتهت فيها إلى قبوله شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول
شكلا.
ومن حيث إن مما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعنين قد دفعا أمام المحكمة المطعون في حكمها بإنتفاء الخطأ في جانبهما عما وقع من ضرر ؛ ذلك أن خطأ الطاعنين المتمثل في عدم صيانة الطريق وعدم وضع إرشادات لتنبيه السائقين – إن صح – لا يصلح بذاته سببا لوقوع النتيجة، التي حدثت ؛ لأن هذا الخطأ لا يؤدي وفقا للمجرى العادي للأمور، إلى تلك النتيجة، وإلا لحدث الشيء نفسه لكل السيارات التي استعملت ذلك الطريق في ذلك اليوم الذي وقع فيه الحادث موضوع الدعوى، كما أن وجود عوائق بالطرق العامة أمر مألوف، إلا أن خطأ مورث المطعون ضدهما الأول، والثانية، في عدم التزام الحيطة والحذر هو الذي أدى إلى الحادث ؛ وإذ لم ترد المحكمة المطعون في حكمها على ما دفع به الطاعنان في هذا الخصوص، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور وبالإخلال بحق الدفاع وهو ما يوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد تمسكا في أسباب استثنافهما برفض الدعوى لانتفاء مسؤوليتهما عن الحادث الذي أودى بحياة مورث المطعون ضدهما الأول والثانية تأسيساً على أنه وإن كان هناك خطأ في
جانب جهة الإدارة في عدم صيانة الطريق، إلا أن وجود العوائق بالطرق العامة يعد أمراً مألوفاً ومتوقعاً، وخاصة بالنسبة لممتهني حرفة قيادة المركبات ؛ الأمر الذي كان يقتضي من مورث المطعون ضدهما اتخاذ جانب أكبر من الحيطة والحذر، ومن ثم فإن تراخي جهة الإدارة في إجراء صيانة الطريق ووضع علامات إرشادية عليها لا يجب خطأ مورث المطعون ضدهما: الأول، والثانية، المتمثل في الإهمال وعدم الاكتراث ؛ وهو ما يجعل خطأه السبب الأقوى في إحداث الضرر وتنتفي – من ثم – مسؤولية الطاعنين.
و لما كان ما دفع به الطاعنان – على الوجه المتقدم – من انتفاء مسؤوليتهما لانعدام رابطة السبية بين ما هو منسوب إليهما وبين الضرر موضوع الدعوى دفاع جوهري، يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد هذا الدفع وأغفل الرد عليه مكتفياً بالقول بأن استئناف الطاعنين في جملته غير قائم على سند صحيح من القانون، ويتعين بالتالي رفضه، وأقام قضاءه بإلزام الطاعنين بالتعويض عن الضرر موضوع الدعوى على ما لم يكن من شأنه بطبيعته إحداث ذلك الضرر، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وهو ما يوجب نقضه دون حاجة إلى مناقشة السبب الآخر للطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف بتغاري للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.