أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 138/ 53ق

نشر في

طعن جنائي رقم 138/ 53ق

خلاصة المبدأ

  1. حالات تحقق جريمة التقصير في حفظ وصيانة المال العام يتعلق بمسألة موضوعية، من سلطة محكمة الموضوع.
  2. الضابط في قيام ركن التقصير في حفظ وصيانة المال العام الموجب للمسؤولية، يكون بالنظر إلى سلوك الشخص العادي – بيان ذلك.
  3. بيان الطاعن ماهية الدفوع التي أبداها لدى المحكمة المطعون في قضائها، شرط لقبول النعي على الحكم بعيب القصور – سبب ذلك.

الحكم

الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم بتاريخ 10.22 2002 بدائرة مركز شرطة العزيزية:

بوصفهم موظفين عموميين رجال شرطة مكلفين بحفظ وصيانة مال عام بأن أوكل إليهم مهمة تخزين وحيازة أقفال مخزن المتفجرات الكائن بمنطقة رأس اللفع، قصروا في حفظه وصيانته ولم يتحروا الدقة اللازمة عند صرفه مما نجم عنه حصول عجز في مادة الجيلاطين تقدر بخمسة وعشرين كيلو جراما وعلى النحو الثابت بالأوراق وقدمتهم إلى محكمة الجنايات مباشرة طبقا لنص المواد 1، 2، 15 من القانون رقم 2 لسنة 1979 بشأن الجرائم الاقتصادية والمادة 19 من القانون رقم 5 لسنة 1988 بشأن إنشاء محكمة الشعب المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1426 والمادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1737 و.ر بشان أيلولة الاختصاصات والصلاحيات التي كانت مسندة إلى الادعاء الشعبي إلى النيابة العامة، ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها بتاريخ 2005.8.16 حضوريا بمعاقبة كل واحد من المتهمين بالسجن سنة ونصف عما نسب إليهم وبلا مصاريف جنائية.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.8.16 ف وبتاريخ 2005.8.23 قرر المحكوم عليه (…) بالطعن في الحكم بطريق النقض أمام ضابط السجن، وبتاريخ 2005.10.9 وأودع محاميه لدى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم مذكرة بالأسباب التي بني عليها الطعن موقعة منه بتأشيرة ومحضر إبداع رسمي، أودعت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، حددت المحكمة جلسة 2006.6.25. لنظر الطعن ونظرته على النحو المبين بمحضرها، تلي تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض بمذكرتها السابقة، وحجز للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

وحيث حاز الطعن الوضع القانوني فهو مقبول شكلاً. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه:-

أولا: القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من وجهين:-

  1. أورد الحكم المطعون فيه وهو بصدد الرد على دفاع المتهمين قوله: وأضحى دفاع المحامين في غير محله و لا سند له من القانون والواقع وتعين الالتفات عنه وحيث إن المحكمة لم تتعرض بالبيان لدفوع المحامين حيث لم تبين تلك الدفوع ونوعها ومدى جديتها وهل هي دفوع شكلية أو موضوعية مما يكون معه رد المحكمة وعلى نحو ما سلف بيانه دون الإشارة إلى تلك الدفوع يجعل الحكم معيبا بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب الذي يتعين نقضه.
  2. ذكر الحكم المطعون فيه وهو بصدد التدليل على صحة قضائه بالإدانة قوله: وحيث إن العجز ثابت وأنهم اعترفوا به ولو كان العجز ناتجا عن الخطأ في العد أو في إعداد المحاضر فكل ذلك يثبت التقصير)) وحيث إن مجرد وجود العجز لا يمكن اعتباره تقصيراً، ولما كانت المحكمة قد اعتبرت بأن الخطأ في العد أو الخطأ في إعداد المحاضر يشكل جريمة التقصير في حين أن الخطأ في العد أو الخطأ في تدوين البيانات في المحاضر إنما يعد من قبيل الخطأ المادي ولا يشكل جريمة التقصير وحيث إن واقعة الحال تتضمن بيانات وأرقام ومركبات و طرح ما تم سحبه من المجموع لبيان المتبقي وكل ذلك من قبيل الأرقام، ومن ثم فإن أي خطأ سواء كان في عد الكميات أو طرحها أو بيان أرقامها في المحاضر يعد من قبيل الخطأ المادي ولا يدخل تحت التقصير مما يتعين معه نقض الحكم لهذا السبب.

ثانيا: – الإخلال بحق الدفاع:- دفع المحكوم عليهم أمام النيابة العامة وأمام المحكمة المطعون قضاءها بدفع جوهري مفاده أنه قد يكون مرجع العجز إلى الخطأ في العــد مما كان يجب إعادة مأمورية الجرد إلى لجنة أخرى للوصول للحقيقة، وبيان مدى اتفاق التقرير الجديد مع التقرير السابق، وكانت المحكمة أهملت هذا الدفع ولم تتصد له، مما وصم حكمها بعيب الإخلال بحق الدفاع ويستوجب نقضه، والإعادة.

وحيث يبين من مدونات الحكم المطعون فيه لخص وقائع الدعوى في قوله: ((وحيث تخلص الواقعة في أنه بتاريخها تقدم مدير مكتب المفرقعات بالإدارة العامة للحماية المدنية ببلاغ إلى مركز شرطة العزيزية

مفاده أنه بصفته رئيسا للجنة الجرد التي شكلت لبيان محتويات مخازن المفرقعات الخاصة بشركة إفريقيا للهندسة والواقعة بمنطقة رأس اللفـع العزيزية تبين وجود عجز يقدر بصندوق من مادة الجيلاتين وزنه خمسة وعشرون كيلو جرام، خاصه وأنه لا يتم صرف المواد إلا بإجراءات معينة، وتتولى الشركة المذكورة حفظها وحراستها، وأن المخزن لم يتم فتحه بعد تاريخ 2002.10.22، ولم تسحب منه أية كمية، لانتهاء ترخيص شركة أفريقيا للهندسة التي تقوم بالسحب من تلك المخازن، ولم يتم تجديده، وكان المخزن الذي حصل فيه العجز مقفل بأربعة مفاتيح كل واحد منها مسلم إلى كل متهم من المتهمين الأربعة باعتبارهم ممثلين للدفاع المدني وكتيبه الهندسة، والأمن الداخلي، والمربع الأمني العزيزية)).

ثم يبين الحكم أقوال المتهمين في مرحلتي الضبط القضائي والنيابة العامة وأورد الأدلة التي دان بموجبها الطاعن وآخرين في قوله: ((وحيث إن العجز ثابت، ولو كان هذا العجز ناتجـا عن الخطأ في العدد أو في إعداد المحاضر، الأمر الذي تتوافر به كافة الأركان القانونية، وذلك استنادا إلى اعترافات المتهمين تحقيقا واستدلالا بثبوت العجز، وإلى شهادة رئيس اللجنة الذي قام بالجرد وبعد ذلك رد الحكم المطعون فيه على دفوع الطاعن بما حاصله أنها أضحت في غير محلها ولا سند لها في الواقع والقانون، وتعين الالتفات عنها.

وحيث نعى الطاعن الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب قولا بأن المحكمة قد اكتفت بالرد على دفاع الطاعن بأنها في غير محلها ولا سند لها في القانون دون أن تبين تلك الدفوع وحتى جديتها.

ومتى كان ذلك، وكان الطاعن هو أيضا لم يبين ما هي الدفوع التي أبداها محاميه أمام محكمة الموضوع وأهملتها وغضت الطرف عنها، و كان من المقرر أنه يشترط لقبول أسباب الطعن بالنقض أن تكون واضحة محددة لعيوب الحكم المطعون فيه حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبتها والتأكد من صحتها أو عدم صحتها إذ إن أسباب الطعن هي وسيلة المحكمة العليا إلى الكشف عن عيوب الحكم ولا يمكن لها من تلقاء نفسها أن تكشفها بنفسها خاصة وأن القانون أنـاط بعض الدفوع برغبة صاحب المصلحة في إثارتها والدفع بها، ولما كان الطاعن لم يحدد الدفوع التي أهملتها محكمة الموضوع، ولم تتناولها بالإيراد والرد، وهل هي دفوع موضوعية أو شكلية جوهرية تتطلب من المحكمة ردا صريحا بما يفندها أو غير جوهرية تعفي المحكمة من تناولها ويكفي في شأنها الرد الضمني في الأخذ بالدليل المقابل، ومتى كان نعي الطاعن غامضاً غير واضح ومبهم غير محدد، ومن ثم فإن المحكمة معفاة من بحثها ومناقشتها والرد عليها، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بقصور التسبيب و فساد الاستدلال في غير محله ومستوجب الرفض وحيث إنه عن النعي الثاني والذي هو بشأن حصول العجز وبمقولة أن ذلك لا يعد دليلا على قيام التقصير في حقه وأن حصول العجز يرجع إلى الخطأ في العد وإعداد محاضر الجرد فإنه مردود عليه بأنه يبين من مذكرة دفاع الطاعن المكتوبة أن محاميه قد دفع بأن حصول العجز مرده إلى الخطأ في العد، وكان يبين من أقوال المتهم بمحضر جمع الاستدلالات قوله بأن سبب العجز هو الخطأ أثناء السحب من المخزن إلى موقع التفجير، وفي محضر تحقيق النيابة العامة قال المتهم إن سبب العجز هو وجود خطأ في عملية العد عند سحب المواد المتفجرة، نظرا لعدم إمكانية السرقة من المخزن لوقوعه تحت الحراسة المشددة مما استلزم تحرير محضر عند السحب يتم التوقيع عليه من عدة جهات أمينة، وأكد بأن المادة التي حصل بها العجز لا تشكل خطرا لوجودها دون الفتيل والكبسولة المفجرة، ولما كان ذلك كذلك وكانت جريمة التقصير في حفظ وصيانة المال العام المنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 2 لسنة 1979م بشأن الجرائم الاقتصادية التي أدين بها الطاعن تتحقق بثبوت حصول تقصير من الموظف العام في حفظ وصيانة المال العام المكلف بحفظه وصيانته، وذلك نتيجة الإهمال والرعونة وعدم الحيطة والحذر والتفريط، وعدم مراعاة القوانين واللوائح، والضابط في قيام التقصير الموجب المسئولية صاحبه جنائيا من عدمه يكون بالنظر إلى سلوك الشخص العادي المتمتع بقدر عادي من الحرص لا هو بشديد الذكاء ولا هو من بشديد الغباء إذا ما وجد في تلك الظروف التي يكون فيها المتهم، وهو أمر يتعلق بمسألة موضوعية يكون القول الفصل فيها لمحكمة الموضوع ما دامت تقيم تقديرها بشأنها على ما لا يجافي العقل والمنطق، ومن أدلة لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى، وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد أوردت دفاع الطاعن بأن العجز في مادة الجيلاتين مرده إلى الخطأ في العد، وإعداد المحاضر وردت عليه بقولها: وحيث إن العجز ثابت وأن المتهم اعترف به أمام الجهات المذكورة ولو كان العجز نتج عن الخطأ في العد أو في إعداد المحاضر فكل ذلك يثبت التقصير في حقه، ومن ثم يتعين إدانته عما نسب إليه مما يضحى دفاع الطاعن في غير محله، ومتى كان ذلك وكان قول الطاعن بان العجز سببه الخطأ في العد وإعداد المحاضر دون ان يحدد ما إذا كان ذلك عند سحب الجهات المختصة للمواد المتفجرة وتفجيرها في المواقع المحددة لها أو عند جرد اللجنة المشكلة الجرد المخزن موضوع القضية والتي أثبتت حصول العجز، فإن كان ذلك عند سحب الجهات الطالبة للمواد المتفجرة، فإن الواجب يفرض عليه، وعلى غيره من المتهمين أن تكون المواد المسحوبة في حدود ما تم طلبه، وتدوين ذلك الخطأ في العدد، وتحرير محضر بذلك، وإن عن كان العجز قد تم أمام لجنة الجرد الأخيرة التي قام بها المتهمون، والتي اكتشفت وجود العجز بعد أن قامت بجرد المستندات المحررة والموقع عليها من طرف المتهم وغيره ومقارنتها بالمواد الموجودة بالمخزن، فإن الإهمال والتفريط الذي صدر عنهم يحمل المتهم وغيره المسئولية الجنائية ذلك وحيث إن الطاعن لم يثبت ما يفيد أن العجز كان قد تم سلفا، ولم يكن بسبب تقصيره أو إهماله، ومن ثم فإن ما أثاره بشأن الأدلة التي استقت منها المحكمة عقيدتها بتوافر التقصير في حفظ وصيانة المال العام في حق المتهم الطاعن هو نعي في غيرمحله و يتعين رفضه وينصرف ذلك إلى نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع ذلك أنه يشترط في الدفع الذي تكون المحكمة ملزمة بإيراده والرد عليه أن يقرع سمع المحكمة، وأن يكون صريحا وجازما وأن يظل صاحبه متمسكا به حتى ففل باب المرافعة في الدعوى، وكان يبين من مذكرة دفاع الطاعن المكتوب المقدم أمام المحكمة المطعون في حكمها وان المدافع عنه قد اكتفى بالقول إن موكله اعترف بخصوص العجز المعزو للخطأ في العد ولم ينسبها لنفسه وانتهى إلى الدفع بشيوع الاتهام بين المتهمين مما يتعذر معه معرفة المتسبب في العجز، ولم يطلب من المحكمة تكليف لجنة الجرد محتويات المخزن ومقارنتها بما توصلت إليه لجنة الجرد الأولى، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابته إلى ما سكت هو عنه أمامها ولم يقرع به سمعها، وهو ما يجعل الحكم بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع ويكون الطعن قد أقيم على غير أساس من القانون وتعين تبعا لذلك رفض موضوع الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.