طعن مدني رقم 186/ 46ق
طعن مدني رقم 186/ 46ق
خلاصة المبدأ
بحث أدلة و مستندات الدعوى والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها من سلطة محكمة الموضوع – شرطه.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 187 لسنة 1996ف أمام محكمة بنغازي الابتدائية، اختصم فيها الشركة المطعون ضدها طالباً الحكم بإلزامها بدفع مبلغ عشرين ألف دينار قيمة التعويض الفعلي المستحق له حسب نسبة العجز المقررة من اللجنة الطبية، وقال بياناً لها: إنه يعمل لدى الشركة العامة للكهرباء بمهنة فني خطوط وتعرض لحادث سقوط من عمود الكهرباء أثناء تأديته لعمله نجم عنه عجز بنسبة 100%، وكانت وثيقة التأمين عن الحوادث الشخصية المبرمة بين الشركة التابع لها والشركة المطعون ضدها تغطي التعويض عن تلك الأضرار بمبلغ عشرين ألف دينار وفق نسبة العجز المقدرة من اللجنة الطبية المختصة، وقضت المحكمة بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ عشرين ألف دينار، فاستأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي التى قضت في الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام شركة ليبيا للتأمين بأن تؤدي للمستأنف عليه مبلغ ثلاثة آلاف دينار.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.2.5ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999.3.16ف، مسدداً الرسم، والكفالة، و مودعاً مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ثم أودع بتاريخ 1999.3.17ف أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى الشركة المطعون ضدها بذات التاريخ، وبتاريخ 1999.4.22ف أودع أحد أعضاء إدارة القضايا – نيابة عن الشركة المطعون ضدها – مذكرة رادة بدفاعها، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين:
- إن الحكم تجاهل – عند تقديره مبلغ التعويض – تقرير اللجنة الطبية التي عرض عليها ومنحته نسبة عجز ب 100%، واعتمدت نسبة %15 المقدرة من لجنة صندوق الضمان الاجتماعي ببنغازي، وفي هذا مخالفة لمقتضى نصوص القانون رقم 13 لسنة 1980 ف بشأن الضمان، ولائحة تقدير العجز الصادرة بقرار اللجنة الشعبية العامة الاجتماعي رقم 94 لسنة 1425م، إذ أن اللجان الطبية الضمانية إنما تختص بتقدير العجز لأغراض تنفيذ أحكام قانون الضمان الاجتماعي ولوائحه، ولا علاقة لها بوثيقة التأمين الجماعية المبرمة بين شركة الكهرباء التي يتبعها الطاعن وبين الشركة المطعون ضدها.
- إن الحكم اعتمد عند تقديره مبلغ التعويض نسبة عجز مقدارها %15 واعتبرها نسبة صادرة من جهة مختصة ملزمة مع وجود تقرير آخر بنسبة 100% صادر عن جهة مختصة طبقاً للقانون.
وحيث إن النعي بوجهيه في محله، ذلك أنه وإن كان لقاضي الموضوع السلطة الكاملة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إلى الأخذ به منها، إلا أنه يجب أن يكون قضاؤه في هذا الشأن مقاماً على أسباب سائغة وصحيحة.
وحيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه – فيما قضی به من تعويض للطاعن – على تقرير لجنة تقدير العجز التابعة للضمان الاجتماعي على أساس أنها الجهة المختصة بتحديد نسبة العجز، نتيجة إصابة العمل، ولم يناقش ما أورده التقرير الصادر عن قسم التعويضات بالشركة المطعون ضدها ذاتها والمرفق صورة رسمية منه بملف الطعن إذ أورد قوله: (…) وحيث إنه لما كان الثابت أن المستأنف عليه (الطاعن) كان قد عرض على اللجنة الطبية بصندوق الضمان الاجتماعي (ببلدية بنغازي التي انتهت إلى أن نسبة العجز الناتجة عن إصابة المستأنف عليه خمس عشرة بالمائة…. وحيث إن هذه اللجنة هي المختصة في الكشف على المصابين من المنتجين… عند إصابة أحدهم أثناء قيامه بعمله بتحديد نسبة العجز وفقاً لقانون الضمان الاجتماعي، ومن ثم تطمئن إليها المحكمة فيما انتهت إليه في قرارها.. أما ما انتهى إليه الحكم المستأنف بأن نسبة العجز بالمستأنف عليه مائة بالمائة 100% في غير محله جدير بالإلغاء والتعديل واعتبار النسبة الصحيحة 15%.. )) وكان ما أورده الحكم بشان اختصاص لجنة تقدير العجز بالضمان الاجتماعي عن إصابة العمل لا يتفق مع المادة 1/14 من قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1307 لسنة 1981 بشأن لائحة تقدير العجز، التي تنص على أن تختص اللجان الطبية المشكلة بمقتضى أحكام هذه اللائحة دون غيرها بالتحقق من العجز الصحي، وبتقدير درجة هذا العجز لأغراض تنفيذ أحكام قانون الضمان الاجتماعي واللوائح والأنظمة السارية بمقتضاه ))، الأمر الذي جعل الحكم يعتمد في قضائه على التقرير الصادر عن اللجنة الطبية بصندوق الضمان الاجتماعي دون غيره باعتباره ملزماً للمحكمة، وهو ما حجبها عن أن تقول كلمتها في التقرير الذي تمسك به الطاعن والصادر عن قسم التعويضات بإدارة التأمينات العامة بالشركة المطعون ضدها، وعن الموازنة بين التقريرين، بما يجعل الحكم قاصر التسبيب، مستوجب النقض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات.