طعن مدني رقم 123/ 46ق
طعن مدني رقم 123/ 46ق
خلاصة المبدأ
– إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار فإنهم متضامنون في التزامهم بتعويض الضرر – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 401 لسنة 1994 م أمام محكمة بنغازي الابتدائية، اختصم فيها الطاعن وباقي المطعون ضدهم بصفاتهم، وقال شرحا لدعواه إنه يمتلك دارا كان يقطنها الطاعن منذ 1978.6.1 وحتى 1992.11.30ف بموجب تخصيص صادر عن جهة الإدارة دون إجراء أية إصلاحات أو ترميمات طيلة هذه المدة مما نجم عنه حدوث أضرار كبيرة حالت دون انتفاعه بها بعد ردها إليه، وهو ما دعاه إلى رفع دعوى مستعجلة بإثبات حالتها، وانتهى إلى طلب الحكم له بالمبلغ الذي حدده الخبير في تقريره والبالغ 28376.400 د.ل قضت بإلزام المدعى عليهم بدفع المبلغ المذكور، وبرفض ما عدا ذلك والمحكمة من طلبات
استأنفت الجهات الإدارية هذا الحكم بالاستئناف رقم 149 لسنة 1996 كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 5 لسنة 1996، والمحكمة قضت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضهما
” وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.8.21 وليس بالأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 1999.2.4 قرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم، والكفالة مودعا سند وكالته، ومذكرة بأسباب طعنه، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، ثم أودع في 1999.2.7 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده الأول بمكتب محاميه، في مراحل الدعوى السابقة بتاريخ 1999.2.6 ف، وإلى جهة الإدارة في اليوم اللاحق.
وبتاريخ 1999.3.14 ف أودع محامي المطعون ضده الأول مذكرة رادة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته.
وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب على النحو التالي:-
- إن الدعوى رفعت من غير ذي صفة لأن العلاقة التأجيرية كانت بين الطاعن وجهة الإدارة ولم يكن للمطعون ضده أي دور أو صفة، والمحكمة المطعون في حكمها تجاهلت ذلك مما يكون معه حكمها قد خالف القانون، كما أن الثابت أن شغل العقار – موضوع الدعوى- كان بموافقة جهة الإدارة دون اعتراض من المطعون ضده الأول من ثم تكون الدعوى مرفوعة من غير ذي صفة على غير ذي صفة وتمسك الطاعن بهذا الدفع أمام المحكمتين ولم تردا عليه، واعتبرت المحكمة مسؤولية الطاعن تقصيرية في حين أن العلاقة التأجيرية قاصرة على طرفي العقد.
- بذل الطاعن العناية اللازمة في استعمال العين المؤجرة والمحافظة عليها وفق التقرير الهندسي المعتمد من المحكمة المبين به الإصلاحات التي أجراها الطاعن من ماله الخاص، وقدرها الخبير بثمانية آلاف دينار في حين قدرها الطاعن بثلاثة عشر ألف دينار، وبذلك يكون الطاعن قد أوفى بالتزاماته.
كما أنه استعمل العين المؤجرة على النحو المتفق عليه ولم يقم بأي تغيير مادي فيها كما جاء بالتقريرين المودعين بالحافظة، حيث استغلها في سكناه وعائلته وهذا الانتفاع لا يشكل ضرراً، ومن ثم فإن إلزامه بالتعويض عن هذا الانتفاع في غير محله.
- أحال الحكم المطعون في أسبابه على حكم محكمة أول درجة الذي قضى بإلزام الطاعن بالمبلغ المحكوم به بالتضامن مع جهة الإدارة دون بيان لسند التضامن وأساسه، والتضامن وفقا للمادة 266 من القانون المدني لا يكون إلا بقانون أو اتفاق وكلاهما غير متوافر في الدعوى الراهنة.
- لم تطلب جهة الإدارة من الطاعن أن يسمح لها بإجراء الترميمات الضرورية اللازمة التي من شأنها حفظ العين و هي من مسؤوليتها، وإذ لم تفعل فإن المسؤولية تقع على عاتقها وحدها ولا مجال للتضامن بينها وبين الطاعن.
وحيث إن هذه المناعي جميعاً في غير محلها، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد رد على دفع الطاعن – بانعدام صفته في الدعوى، وأن الحكم ألزمه بالتعويض تأسيسا على أحكام المسؤولية التقصيرية في حين أنه تربطه بجهة الإدارة علاقة تأجيرية قاصرة على طرفي العلاقة العقدية – بقوله: إن المطعون ضده الأول لم يطالب بأجر ولم يؤسس دعواه استناداً إلى عقد الإيجار وإنما يطالب بتعويض عن أضرار سببها المدعى عليهم ويكفي بشأنها توافر ركن الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه استناداً إلى ثبوت خطأ جهة الإدارة باستيلائها على الدار التي تخص المطعون ضده الأول دون وجه حق وتسليمها للطاعن الذي شغلها لمدة أربعة عشر عاماً مقرراً أن الطاعن يشترك مع جهة الإدارة في تحمل المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بها لكونه المتسبب المباشر في حدوثها نتيجة الاستعمال، وإهماله في القيام بالترميمات التأجيرية التي يلزم بها قانوناً، فضلاً عن تقصير جهة الإدارة في القيام بالصيانة والترميمات الضرورية، كما رد الحكم على ما دفع به الطاعن من أن الدعوى مرفوعة من غير ذي صفة لعدم ثبوت ملكية المطعون ضده الأول للدار بأن ملكيته ثابتة، واستدل على ذلك بإقرار جهة الإدارة وقيامها بردها إليه وقضى بإلزام الطاعن بالتضامن مع باقي المدعى عليهم بأداء المبلغ المحكوم به للمدعي مستنداً في ذلك إلى تقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة الذي اطمأنت إليه المحكمة مؤسسة قضاءها على أحكام المسؤولية التقصيرية استناداً إلى المادة 172 من القانون المدني التي تنص على أنه إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر.
لما كان ذلك، وكان الحكم على النحو المذكور قد تضمن ردودا على كافة ما دفع به الطاعن بما له أصل ثابت في أوراق الدعوى، وعلى نحو سائغ ومقبول يكفي لحمل النتيجة، التي انتهى إليها بما يجعله بمنأى عن مخالفة القانون، أو القصور في التسبيب، بما يتعين معه رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه و بالزام الطاعن بالمصروفات.