طعن جنائي رقم 713-52 ق
طعن جنائي رقم 713-52 ق
خلاصة المبدأ
متى تلتزم المحكمة بالرد على الدفع.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده (…) كونه بتاريخ 20/2/2000 بدائرة مركز شرطة سوق الخميس.
أحدث بغيره اذى شخصيا خطيرا بجسمه ادى الى مرضه بأن اعتدى بالضرب عمدا على المجني عليه بكلتا يديه على وجهه فأحدث به إصابة تمثلت في كسر فكه السفلى نتج عنها صعوبة في المضغ سبب له عجزا دائما بنسبة 10 % وعلى النحو المبين بالتقرير الطبي الشرعي المرفق.
وقدمته لغرفة الاتهام لأحالته على دائرة الجنايات ومعاقبته وفق المادة 381 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك وأثناء نظر الدعوى تقدم المجني عليه بصحيفة ادعاء بالحق المدني طالبا إلزام المتهم (المدعى عليه) بأن يدفع له مبلغ مئة ألف دينار تعويضا عما لحقه من ضرر، ودائرة الجنايات الخمس) بمحكمة استئناف مصراته قضت فى الدعويين:
- اولا: بإدانة المتهم ومعاقبته بالحبس سنة مع الشغل عما نسب إليه وبلا مصاريف جنائية وأمرت بوقف نفاذ العقوبة المدة القانونية.
- ثانيا: بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ اربعة الاف دينار عن الضرر الأدبي مع المصاريف ورفض ماعدا ذلك من الطلبات.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1/3/2005 ف.
وبتاريخ 9/4/2005 ف قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن على الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم وعلى النموذج المعد لذلك وبذات التاريخ ولدى ذات القلم أودع مذكرة بالأسباب التي بني عليها الطعن موقعة منه وبموجب تأشيرة من القلم المختص واضحة الدلالة. وبتاريخ 30/4/2005ف قرر المحامي / فرج ابو عائشة الطعن على الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم على النموذج المعد لذلك نيابة عن المحكوم عليه وبموجب توكيل يخوله هذا الحق وبذات التاريخ ولدى ذات القلم أودع المحامي المذكور مذكرة بالأسباب التي بني عليها الطعن موقعة منه وبموجب محضر ايداع رسمي.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول طعن النيابة العامة وطعن المحكوم عليه بالنسبة للدعوى الجنائية شكلا وفى الموضوع برفضهما.
حددت جلسة 27/12/2005ف لنظر الطعن وتلا المستشار المقرر تقرير تلخيص عن الدعوى…وتمسكت نيابة النقض بما جاء فى مذكرتها… ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرها…ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
من حيث أن كل من طعن النيابة العامة وطعن المحكوم عليه قد حاز أوضاعه القانونية فهما مقبولان شكلا. ومن حيث أن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه / القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بمقولة إن المحكمة المطعون على حكمها استبدلت عقوبة السجن بعقوبة الحبس ونزلت بها الى حدها الادنى ثم قررت ايقاف تنفيذها دون أن تذكر الأسباب التي جعلتها تخفض العقوبة عملا بالمادة 27 عقوبات ،كما لم تذكر أسباب إيقافها عملا بالمادة 113 عقوبات ،بل اكتفت بالقول ان المتهم لم يكن من ذوى السوابق الجنائية وأنه تصالح مع المجنى عليه وارفق تنازلا بذلك وان المحكمة تعتقد أن المتهم لم يرتكب جرائم اخرى مماثلة وأنه سيقوم مسلكه ويصلح أمر نفسه ومن ثم فإن المحكمة تأخذه بأسباب الرأفة ،ومن ذلك يبين أن المحكمة استندت على سبب واحد وهو عدم وجود سوابق للمتهم ،وان الاسباب الاخرى لا تصلح اسبابا لتخفيف العقوبة وان سند التنازل الذى اشارت اليه المحكمة لا يعد تنازلا انما هو عبارة عن اقرار من المجني عليه صدر عنه دون ارادة وكان تحت ضغط المتهم وقد ذكر المجنى عليه ذلك في مذكرته ،وإن أمين اللجنة الشعبية للمؤتمر قد تراجع عن تصديقه على هذا المستند عندما عرف الحقيقة ،وبما تكون معه المحكمة المطعون على حكمها قد استندت فى تخفيف العقوبة على سند باطل.
ويكون الحكم المطعون فيه قد جاء معيبا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.. وانتهت النيابة الطاعنة الى طلب نقض الحكم المطعون مع الاعادة.
ومن حيث انه بالاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه يبين انه جاء بأسبابه…”.. وحيث انه بالنظر لظروف الواقعة وملابساتها، وحيث ان المتهم لم يكن من ذوي السوابق الجنائية ولا يوجد بالأوراق ما يفيد غير ذلك، وحيث أن المتهم تصالح مع المجني عليه وارفق تنازلا بذلك، وحيث ان المحكمة تعتقد أن المتهم لن يرتكب جرائم أخرى مماثلة سيقوم مسلكه ويصلح أمر نفسه ومن ثم فإن المحكمة تأخذ بأسباب الرأفة وتستبدل العقوبة إلى الحبس بدل السجن وتوقعها وكما بالمنطوق عملا بأحكام المواد 27، 28، 112، 113 عقوبات..”.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن استعمال ظروف الرأفة وفقا للمادة 29 عقوبات بتخفيف العقوبة أو استبدالها من عدمه من الأمور الموضوعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض، فإذا ما رأت من ظروف الدعوى وملابساتها ما يبرر إسعاف المتهم بالرأفة او لم تر موجبا لذلك فلا تقبل مجادلتها فيما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد استعمل فى حق المتهم المادة 29 من قانون العقوبات. وأمر بوقف نفاذها المدة القانونية وبرر ذلك بعدم وجود سوابق جنائية للمتهم و لا يوجد فى الأوراق ما يفيد غير ذلك ،وان المحكمة تعتقد أن المتهم لن يرتكب جرائم مماثلة وأنه سيقوم مسلكه ويصلح نفسه واشار الى وجود سند تنازل ،وحيث ما أورده الحكم المطعون فيه يتضمن بعض العناصر المطلوبة وفقا لنص المادتين 28 ، 113 من قانون العقوبات وليس بلازم أن يورد الحكم جميع هذه العناصر كما أنه على فرض أن بعض ما ذكره الحكم من عناصر لا يصلح – كما ذهبت النيابة العامة الطاعنة اساسا للتبرير فإنه لا تأثير له مادامت باقي العناصر كافية لذلك… الأمر الذى يكون معه نعى النيابة العامة الطاعنة قد جاء على غير أساس وبما يستوجب رفضه.
ومن حيث أن المحكوم عليه (الطاعن) ينعى على الحكم المطعون فيه / الخطأ فى تطبيق القانون، والقصور فى التسبيب، والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، بمقولة ان دفاع الطاعن دفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي بحقه…وان المحكمة المطعون على حكمها لم تتناول هذا الدفع ولم ترد عليه، كما أن المحكمة لم توضح بأسبابها توافر أركان الجريمة خاصة القصد الجنائي أن المتهم كان فى حالة دفاع شرعي، وانتهى إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه مع الاعادة.
ومن حيث أنه من المقرر أن الدفع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو ذلك الدفع الجوهري الذي يقرع سمع المحكمة ويثار أمامها بالجلسة وبصورة جدية وجازمة ،ومن حيث أنه بالاطلاع يبين أن الطاعن لم يثر الدفع بتوافر حاله الدفاع الشرعي أمام المحكمة المطعون على حكمها كما جاء محضر جلسات بالمحكمة خلوا من ذكر هذا الدفع أو اثارته من قبل الطاعن او دفاعه ،ولما كان هذا الدفع يتطلب تحقيقا يخرج عن اختصاص هذه المحكمة باعتبارها محكمة قانون الامر الذى يكون معه اثارته لأول مرة امامها غير مقبول وبما يكون معه الحكم المطعون فيه بمنأى عما يصمه به الطاعن من إخلال بحق الدفاع او القصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ويكون النعي برمته غير سديد متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول طعن النيابة العامة وطعن المحكوم عليه شكلا، وفى الموضوع برفضهما.