أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 155/ 52ق

نشر في

طعن جنائي رقم 155/ 52ق

خلاصة المبدأ

  1. متى يكون الاعتراف اختياريا أو كرها؟
  2. إجراؤها بمكتب عضو النيابة – عدم إثبات عدم علانيتها – لا قصور.

الحكم

الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعن، لأنه بتاريخ 2064,226. بدائرة قسم مكافحة المخدرات سرت: جاز وأحرز مواد مخدرة بقصد الاتجار واتجر فيها فعلاً، وذلك بان ضبط بحوزته كمية كبيرة، من مادة الحشيش المخدر التي اشتراها بقصد الاتجار ببيعها لآخرين، وعلى النحو الثابت بالأوراق.

وقدمته إلى غرفة الاتهام بمحكمة سرت الابتدائية، وطالبت إحالته على محكمة الجنايات المعاقبته عما أسند إليه، طبقاً لنصوص المواد 1،1 مکرر، 1/35، 35 مكرر، 42 من القانون رقم 7 لعام 1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1423، 23 لسنة 1369 و.ر، 169 من قانون العقوبات. والغرفة قررت ذلك، ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها بتاريخ 2004.9.11 حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة عشر سنوات، وتغريمه خمسة آلاف دينار عما نسب إليه، وأمرت المحكمة بمصادرة المادة المضبوطة، وينشر ملخص الحكم مرتين متتاليتين في صحف الفجر الجديد والميزان والقرضابية، على نفقة المحكوم عليه، وبلا مصاريف جنائية.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2004.9.11 مسيحي، وبتاريخ 2004.9.15 مسيحي، قرر المحكوم عليه الطعن على الحكم، بطريق النقض أمام مدير مؤسسة الإصلاح والتأهيل بالدافنية، وبتاريخ 2004.11.9مسيحي، أودع محاميه مذكرة بأسباب الطعن، موقعة منه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، قدمت نيابة النقض، مذكرة برأيها القانوني خلصت فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه حددت جلسة 2006.3.13 مسيحي، لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره وحجز الطعن للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

حيث إن الطعن قد حاز الشروط القانونية، فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع وذلك:

أولاً: مخالفة القانون: ذلك أن محاكمة الطاعن قد تمت بمقر النيابة العامة، بمدينة سرت وبداخل مكتب عضو النيابة المحقق دون حضور أي مواطن، حيث اقتصر حضور الجلسة على هيئة المحكمة والمتهم ودفاعه وهو ما يشكل مخالفة صريحة لنص المادة 241 إجراءات جنائية التي توجب علنية الجلسات، إلا أن الطاعن لا يستطيع إثبات ذلك لعدم تمكنه من الحصول على مستند يثبت ذلك من النيابة العامة التي هي خصم في الدعوى.

ثانياً: القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال: ذلك أن الدفاع قد أودع مذكرة دفع من خلالها ببطلان إجراءات التفتيش التي اتخذت في مواجهته.

وحيث إن ذلك الدفع من الدفوع الجوهرية التي يجب على المحكمة أن توردها وترد عليها، إذا ما عولت في قضائها بالإدانة على أي دليل، قد ترتب على ذلك التفتيش. وحيث إن المحكمة قد ردت على دفوع الطاعن بأن ما تم القيام به في مواجهة المتهم هو ما يعرف بالتفتيش الإداري، دون أن تبين التفتيش الإداري وفق مفهومها عندما اعتبرت أن التفتيش في البوابات تفتيشاً إداريا ومطابقاً لصحيح القانون، وهو رد غامض ومخالف للقانون، فما تم اتخاذه في مواجهة المتهم هو تفتيش ضد الأشخاص بالمعنى القانوني، وليس تفتيشاً إدارياً كما ورد بأسباب الحكم، فالتفتيش الإداري في البوابات يقتصر على البحث عن أسماء الأشخاص وهوياتهم وإجراءات المركبات الآلية، ولا يمتد إلى تفتيشهم تفتيشاً شخصياً وتفتيش أمتعتهم وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.

ثالثاً: الإخلال بحق الدفاع: ذلك أن دفاع الطاعن قد دفع ببطلان اعترافات الطاعن أمام النيابة العامة، وذلك لحضور عضو النيابة العامة إجراءات الاستدلال بمكتب الأمن الداخلي الذي تم فيه ضبط أقوال الطاعن، مما ترتب عليه استمرار الإكراه المعنوي في نفس المتهم عند مثوله أمام عضو النيابة المحقق، إلا أن المحكمة المطعون في قضائها لم تتصد لهذا الدفع على الإطلاق، واقتصر ردها على دفع المتهم ببطلان أقواله أمام مأمور الضبط ودون أن تتطرق إلى الدفع ببطلان اعترافه أمام النيابة العامة من قريب أو بعيد مما يعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع.

وحيث إن المحكمة المطعون في حكمها قد لخصت واقعة الدعوى بالقول: [.. وحيث إن الواقعة تخلص حسب الثابت من الأوراق من أن المتهم بتاريخ الواقعة كان راكباً في حافلة نقل ركاب، وعند وصول الحافلة البوابة سرت الغربية، وكانت تجري الاستعدادات لعقد قمة الاتحاد الأفريقي، وكانت هناك إجراءات أمن بالبوابة، وبهذا أنزل ركاب الحافلة جميعاً مع أمتعتهم وبتفتيش جميع الركاب بقي المتهم وانشغل رجال الأمن بغيره، فصعد الحافلة مع أمتعته وطلب من السائق الانطلاق باتجاه المدينة، بعد إيهامه أنه تم إجراءات تفتيشه وانتبه له رجال الأمن، وأمروا السائق بالوقوف، والرجوع وعند ذلك قفز المتهم من الحافلة وفر هارباً فاشتبه فيه أنه إرهابي وتم تكثيف البحث عنه، حيث ضبط بعيداً عن الطريق بداخل الصحراء ومعه كيس وجد بداخله كمية من المخدرات وعند أخذ إفادته وأقوال شهود الحافلة تبين أنه تاجر مخدرات اعترف بشرائها من مدينة طرابلس ويقوم بنقلها إلى المدن الشرقية لأجل البيع..].

وبعد أن لخص الحكم واقعة الدعوى – على نحو ما سلف – تطرق لأسانيد قضائه بالقول: [.. والمحكمة من خلال سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً، تبين لديها بأن ما نسب للمتهم ثابت في حقه ثبوتاً قاطعاً لا يتطرق إليه الشك، وذلك تأسيساً على اعترافات المتهم الواضحة والصريحة والمفصلة للواقعة أمام النيابة العامة، وبمحضر ضبط الواقعة من أنه كان بتاريخ الواقعة يستقل الحافلة مع الركاب وأثناء عملية التفتيش قفز منها ولاذ بالفرار حتى تم القبض عليه، وكان يحمل معه كمية من المخدرات، التي ضبطت بحوزته، كان قد اشتراها من مدينة طرابلس من شخص يدعى (…)، وصديقه (…)، وهي عدد ثماني عشرة كتلة تزن الواحدة تقريباً حوالي مائتين وخمسين جراماً، وأيضاً أخذاً بشهادة مأموري الضبط الذين قاموا بمطاردة المتهم وضبطه بعد الفرار، والذين أكدوا جميعاً مشاهدتهم بأنهم وجدوا المتهم بعيداً عن الطريق، في الصحراء بعد أن فر من البوابة، وتم إحضاره في مركبتهم وكان يحمل حقيبة بداخلها كمية المخدرات المضبوطة، وأيضا ما ذكره ركاب الحافلة الذين كانوا يستقلونها مع المتهم، من أنه قد قام بالفرار أثناء عملية التفتيش من البوابة، وكان أثناء فراره يحمل كيساً داخل حقيبة نسائية سوداء التي وجدت أخيراً بداخلها كمية المخدرات..].

وحيث إن متى كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، من أنه وقع باطلاً لانعقاد جلسة المحاكمة بمقر مكتب عضو النيابة العامة، دون حضور أي مواطن، فإنه يبين من محضر جلسات محاكمة الطاعن، ومن الحكم المطعون فيه أنها قد تمت بشكل علني، حيث ورد بمحضر جلسة المحاكمة، وأيضاً بصدر الحكم المطعون فيه بالجلسة المنعقدة علناً بتاريخ….، ولما كان الطاعن لم يثبت صحة دعواه، وكان ما أثبت بمحضري الجلسة والحكم من علانية الجلسات لا يمكن دحضه إلا بالتزوير، وهو ما لم يدعه الطاعن فإن النعي على الحكم في هذا لا يسانده الواقع والقانون مما يتعين رفضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من بطلان إجراءات التفتيش، وإنه لم يبين مفهوم التفتيش الإداري، وإن ما وقع على الطاعن ما هو إلا تفتيش ضد الأشخاص بالمعنى القانوني وليس تفتيشاً إدارياً، فإنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد أورد… ولا مجال لما دفع به دفاعه في مذكرة دفاعه من بطلان اعترافاته وبطلان القبض عليه، والتفتيش لأن ما جاء في الوقائع والأوراق كان مطابقاً لصحيح القانون، وهو التفتيش الإداري الذي أجرى بالبوابة والذي أسفر عنه وجود جريمة، وأن اعترافات المتهم كانت بإرادة حرة واعية..] لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن قد تم ضبطه بعد خضوع الحافلة التي كان يستقلها للتفتيش وقيامه بالهرب وعدم انصياعه للتفتيش الإداري الذي كان يجري للحافلة المذكورة حاملاً حقيبة، وقد قامت أمارات وقرائن قوية على أنهزيخفي معه شيئا و هذا ما حصل في هذه الدعوى – حسب الثابت من الحكم المطعون فيه – فإن ما ينعى به الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله يتعين رفضه.

وحيث إنه عما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أن اعترافات الطاعن كانت وليدة إكراه ذلك أن عضو النيابة كان حاضراً إجراءات الاستدلال، وأن المحكمة لم تتصد لهذا الدفع، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاعتراف الذي يعول عليه، هو الذي يصدر عن المقر بمحض اختياره، فإذا كان الاعتراف وليد ضغط أو إكراه فلا يكون اختيارياً، وبالتالي فيكون غير مقبول، وتقع تبعة إثبات ذلك على كاهل المتهم، إذ لا يكفي التذرع باختلاق دفوع لا دليل عليها في الأوراق بغية التحلل من الاعتراف، ولما كان ذلك، وكان الاعتراف لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات، وهو على هذا الاعتبار يعود تقديره دائما لمحكمة الموضوع التي تملك – مع تقدير الظروف والملابسات – أن تعتبره دليلاً، فإذا اعتبرته دليلاً وأوردت أسباباً سائغة تبرر اطمئنانها إلى صحته بناء على أصول ثابتة في محاضر التحقيق فلا يكون عليها من تثريب في ممارستها حقها.

لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد أورد بصدد هذا الأمر ولا مجال لما دفع به دفاعه من بطلان اعترافه وبطلان القبض عليه والتفتيش، لأن ما جاء في الواقع والأوراق كان مطابقاً لصحيح القانون.. وأن جميع اعترافات المتهم كانت بإرادة حرة وواعية ولم يثبت استخلاصها منه بالقوة أو نتيجة إكراه من أي نوع، ومن ثم تكون دفوع الدفاع غير منتجة في واقعة الحال، ولا يوجد ما يؤيدها ولا يدعمها مما يتعين الالتفات عنها، وكل ما سقناه من أسباب كافياً للرد عليها..]، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف، وأن الطاعن لم يثبت وقوع الإكراه عليه، فضلا عن أن حضور عضو النيابة العامة جلسات الاستدلال – على فرض حصوله – لا يعد إكراها مما يجعل النعي في غير محله متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.