طعن إداري رقم 62/ 44ق
طعن إداري رقم 62/ 44ق
خلاصة المبدأ
استقالة اعتبارية بسبب الغياب سلطة جهة الإدارة في تقدير مبررات الغياب أثره في إنهاء الخدمة.
الحكم
الوقائع/ تتحصل واقعات الموضوع – كما تبين من أوراق الطعن – في أن المطعون ضدها وهي عاملة بمركز البحوث الصناعية، ولانقطاعها عن العمل، وعدم تقديم ما يبرر غيابها أصدر الطاعن القرار رقم 96/40 بتاريخ 96/10/13 باعتبارها مستقيلة استقالة اعتبارية، وبتاريخ 96/10/27 طلبت اعتبار غيابها إجازة بدون مرتب ولكنه رفض، ثم تقدمت بمذكرة ذكرت فيها أنها دخلت المستشفى خلال فترة غيابها ولديها راحة طبية، فلم يقبل منها مما دفعها إلى إقامة الدعوى الإدارية رقم 26/85 بتاريخ 97/2/3 بصحيفتها المودعة قلم كتاب دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس طلبت فيها إلغاء القرار المطعون فيه وبصفة مستعجلة وقف تنفيذه، والمحكمة بجلسة 97/3/18 قضت بقبول الطعن شكلا، وفي الشق المستعجل من الدعوى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. والحكم الصادر في الشق المستعجل من الدعوى هو محل الطعن بالنقض
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 97/3/18 فقررت إدارة القضايا الطعن في الحكم بالنقض بالتقرير به لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 97/5/13 أرفقت به مذكرة بأسباب طعنها ضمنتها طلبا خاصا بوقف التنفيذ – والذي قررت فيه هذه المحكمة بتاريخ 97/6/22 برفضه – كما أودعت بذات تاريخ التقرير بالطعن، مذكرة شارحة أحالت فيها إلى أسباب الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله ضمن حافظة مستندات مع أوراق أخرى أشارت إليها على غلافها.
وبتاريخ 97/5/18 أعلن الطعن للمطعون ضدها بتسليمه لشقيقها المقيم معها بمحل إقامتها لعدم وجودها وقت الإعلان، وأعيد أصل ورقة إعلانها في اليوم التالي.
ليس في الأوراق ما يفيد تقديم المطعون ضدها مذكرة بدفاعها أو مستندات ما عدا التوكيل الصادر منها لمحاميها في تمثيلها والدفاع عنها ضد الطاعن أمام المحكمة العليا والمقدم من المحامي بجلسة نظر طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه دلل وبشكل سائغ على توافر ركني وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأسباب الطعن لا تنال منه.
حددت جلسة 2000/12/24 النظر الطعن، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وسمعت الدعوى على النحو البين بمحضرها، وحجزت للحكم حيث صدر بجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول.
وحيث إن مبنى طعن الجهة الطاعنة يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، وبالقصور في التسبيب من وجوه:-
حاصل الوجه الأول – أن المحكمة المطعون في حكمها لم تراع ميعاد رفع الدعوى الذي تم بعد الميعاد المقرر، لأن المطعون ضدها أبلغت برفض طلبها واعتبارها مستقيلة في 96/11/10، وبتظلمها المقدم فى 96/11/11 الذي يفيد علمها بفحوى الرد يبدأ الميعاد الذي ينتهي في 97/1/10 وحتى على فرض أن الميعاد يبدأ من 96/12/3 تاريخ الرد على التظلم الثاني فإن آخر ميعاد هو يوم 97/2/2.
وحاصل الوجه الثاني – عدم جدية أسباب طعنها، لأن المطعون ضدها خالفت مقتضيات واجباتها الوظيفية بتغيبها عن العمل ولم تقدم ما يفيد أن قوة قاهرة حالت دون حضورها إلى عملها ما يقارب من ثلاثة أشهر، وعدم اكترائها بإخطارات جهة الإدارة مما يؤكد أنها غير محتاجة إلى الوظيفة وإلى مقابلها النقدى مما يجعل ركن الاستعجال غير قائم وحاصل الوجه الثالث أن أسباب الحكم المطعون فيه بشأن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قاصرة وفاسدة في استدلالها، حيث لم يستظهر ركن الجدية المتمثل في قيام القرار المطعون فيه على سبب مشروع وهو غيابها دون مبرر رغم تكرار مخاطبتها ولا ينال من ذلك عدم مناقشة جهة الإدارة المبررات الغياب ما دامت اتبعت في ذلك صحيح القانون وأعطت الفرصة الكافية لها للحضور وتبرير الغياب، كما لم يراع الحكم المطعون فيه علم المطعون ضدها بخطابات جهة الإدارة إليها وعدم ردها عليها والذي يفيد علمها اليقيني بالقرار المطعون فيه وبالأخص توقيعها على رد جهة الإدارة في 96/11/11 وبخصوص تظلمها، وهو يعيب الحكم مما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه وفق نص المادة 109 من قانون الخدمة المدنية يجوز لجهة الإدارة أن تعتبر الموظف المنقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوما متتالية مقدما استقالته إذا لم يقدم خلال الثلاثين يوما التالية لانقضاء الخمسة عشر يوما عذرا مقبولا عن تغيبه، ولها أن تقرر عدم اعتباره مستقيلا، كما لها أن تنهي خدمته من تاريخ انقطاعه أو اتخاذ الإجراءات التأديبية قبله.
ومفاد ذلك أن علاقة الموظف بجهة عمله لا تنتهي بمقتضى الاستقالة الاعتبارية، ولا تعد خدمته منتهية إلا بالقرار الصادر بانتهاء خدمته ويتخذ من الانقطاع عن العمل سببا له، ومرد ذلك أن جهة الإدارة تترخص في قبول الاستقالة الضمنية وفقا لما تراه محققا للصالح العام، والقول بغير ذلك يؤدي إلى أنه يكفي لانتهاء خدمة الموظف أن ينقطع عن العمل مدة معينة لكي تنتهي علاقته الوظيفية بإرادته المنفردة، وهو ما لا يستقيم مع حسن استمرار سير المرفق العام الذي يعد من أولى الواجبات التي يفرضها القانون.
لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها وإن انقطعت عن العمل مدة تزيد على خمسة عشر يوما ولم تقدم عذرا عن تغيبها خلال الثلاثين يوما التالية لانقضاء المدة السابقة إلا أن جهة الإدارة نظرت في تظلمها من اعتبارها مقدمة لاستقالتها لانقطاعها عن العمل، وبحتث عذرها المبرر لغيابها المقدمين منها بعد انقضاء المدة سالفة البيان، وانتهت إلى عدم قبولهما، مما يدل على أن علاقة المطعون ضدها بجهة عملها لا تزال قائمة إلى ما بعد صدور قرارها باعتبارها مقدمة لاستقالتها، وبالتالي تعد خدمتها مستمرة إلى أن تخطرها بإنهاء خدمتها بسب الانقطاع عن العمل أو قد تكون محلا للمؤاخذة التأديبية بغير انتهاء الخدمة.
متى كان ذلك، وبحسب الظاهر من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ولحين الفصل في طلب إلغائه من محكمة الموضوع – إن لم يصدر بعد – أن جهة الإدارة قد اقتصرت على إصدار قرارها باعتبارها مقدمة استقالتها لانقطاعها عن العمل ولم تتخذ حيالها أي إجراء آخر تال له تحدد به مركزها بصفة نهائية مما يستلزم التزم معه حمايتها مؤقتا لحين الفصل في موضوع القرار، والحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، وأن ما تنعاه الجهة الطاعنة من جميع الوجوه في غير محله مما يتعين معه رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حکمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.