طعن إداري رقم 114/ 43 ق
طعن إداري رقم 114/ 43 ق
خلاصة المبدأ
- قرار اعتبار الموظف مستقيلا لانقطاعه عن العمل ، لا يعد قرارا إداريا نهائيا – أساس ذلك.
- لا يجوز اعتبار الموظف مستقيلا إذا أحيل إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية.
الحكم
الوقائع/ تتحصل واقعات الدعوى – كما تبين من أوراق الطعن – في أن المطعون ضده أصدر القرار رقم 24/477 بتاريخ 95/6/22 بشأن اعتبار استقالة بعض الموظفين من تاريخ انقطاعهم عن العمل ، ومن بينهم الطاعن ، وبدعوى أن انقطاعه عن عمله بنيابة سوسة الجزئية بناء على وقفه عن العمل من قبل رئيس نيابة الجبل الأخضر بتاريخ 24/1/7 ، فقد أقام الدعوى الإدارية رقم 95/39 أمام دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف الجبل الأخضر بصحيفتها المودعة قلم كتابها في 95/11/12 ، طلب فيها إلغاء ما تضمنه القرار رقم 24/477 باعتباره مستقيلا ، والمحكمة بجلسة 96/6/25 قضت بقبول الدعوى شكلا ، ورفضها موضوعا .
وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 96/6/25 فقرر محامي الطاعن الطعن عليه بالنقض بالتقرير به لدى قلم تسجيل المحكمة العليا ، بتاريخ 96/8/17 أرفق به مذكرة بأسباب طعنه – ضمنها طلبا خاصا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، والذي قررت فيه هذه المحكمة بجلسة 96/12/29 بعدم القبول – كما أودع بذات تاريخ التقرير بالطعن سند إنابته وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله مع أوراق أخرى ضمن حافظة أشار إليها على غلافها ومسدداً الرسم ، والكفالة المقررة .
و بتاريخ 96/8/25 أعلن الطعن للمطعون ضده لدى إدارة القضايا فرع درنه ، وأودع أصل ورقة إعلانه في 96/8/27 .
ليس في الأوراق ما يفيد تقديم مذكرة شارحة من الطاعن ، أو مذكرة بدفاع المطعون ضده أو مستندات.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع بالنقض مع الإعادة تأسيسا على أن أسباب الحكم قاصرة لعدم بيان رأيه في المستندات المقدمة التي تفيد في مجموعها صدور تعليمات من النيابة العامة بوقفه عن العمل ، وثبوت ذلك من عدمه بتوقف مصير القرار المطعون فيه.
حددت جلسة 2000/4/16 لنظر الطعن ، وتأجلت إدارياً لجلسة 2000/4/30 وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ، وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها ، وحجزت للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم .
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا .
وحيث إن مبنى طعن الطاعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ، والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجوه ، حاصلها أن عدم وجود كتاب رئيس النيابة بوقف الطاعن عن عمله بملفه الشخصي لا يعني عدم صدور قرار الوقف كما ذهب الحكم ، لأن الطاعن غير مسئول عن عدم إرفاقه بملفه الشخصي، وكان بإمكان الحكم التحقق من وجود ذلك القرار بكافة وسائل الإثبات، خاصة وأن الطاعن ذكر في صحيفة دعواه بأن وقفه عن العمل من غير سبب ، وبدون اتخاذ أي إجراء قانوني ، ودلل على ذلك بالشهادة المحررة من رئيس القلم الجنائي بنيابة سوسة الجزئية بشأن تعليمات النيابة بخصوص وقفه عن العمل وعدم تسليمه أي عمل .. وهي شفوية وغير مكتوبة ، والحكم المطعون فيه شايع جهة الإدارة في تأويلها خطأ لما اعتبرته انقطاعا عن العمل بدون سبب مشروع ، وهو في الحقيقة وقف له عن عمله ، وسحبه منه ، والمستندات التي قدمها تثبت عدم انقطاعه عن العمل وظل متواجداً بمقر عمله بشهادة رئيسه وزملائه ، مما يجعل القرار المطعون فيه غير قائم على سبيه ، والحكم إذا ذهب إلى خلاف ذلك مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه وفق حكم المادة 109 من قانون الخدمة المدنية يجوز اعتبار الموظف مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية .. ولا يجوز اعتباره مستقيلا إذا قدم خلال الثلاثين يوما التالية لانقضاء الخمسة عشر يوماً عذراً عن تغيبه وقبله «الكاتب العام» أو رئيس المصلحة .. أما إذا لم يقدم الموظف خلال المدة المشار إليها عذراً عن تغيبه أو قدم هذا العذر ورفضه الكاتب العام أو رئيس المصلحة ، عرض الأمر على السلطة المختصة بالتعيين ، ولها أن تقرر عدم اعتباره مستقيلا إذا رأت قبول العذر الذي قام به .. كما يكون لها إنهاء خدمته من تاريخ انقطاعه أو اتخاذ الإجراءات التأديبية قبله.
و المستفاد من ذلك ، أن قرار اعتبار الموظف مستقبلا لانقطاعه عن العمل لا يعد قراراً إدارياً نهائياً ، وإنما هو قرار إداري غير نهائي لأنه لا يجوز اعتباره مستقيلا إذا قدم عذرا عن تغيبه خلال المعاد المحدد في المادة سالفة البيان ، وبالتالي لا تنتهى خدماته إلا إذا رأت السلطة المختصة بالتعيين إنهاء خدماته سواء قدم العذر ورفض أو لم يقدم العذر أصلاً ، وفي جميع الأحوال لا يجوز اعتبار الموظف مستقيلا إذا أحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو كان محالاً إليها عن وقائع تتعلق بالخدمة.
لما كان ذلك ، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن لم يباشر عمله منذ 24/1/7 ولغاية صدور القرار رقم 24/477 بتاريخ 24/6/22 من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام باعتبار الطاعن وآخرين مستقبلين استقالة اعتبارية من تاريخ انقطاعهم عن العمل ، وليس هناك ما يفيد أنه تقدم بعذره المبرر لغيابه ، وكان بإمكانه ذلك ، ويتخذ من تعليمات رئيس النيابة بوقفه عن عمله وعدم إسناد أي عمل له بعد عملية السطو على مقر النيابة – مبرراً لانقطاعه عن العمل ، أما وقد تنكب هذا الطريق ولجأ إلى القضاء الإداري بطلب إلغاء قرار اعتباره مستقيلا ، وهو قرار إداري غير نهائي ، مما يجعل الطعن فيه بالإلغاء غير مقبول ، ثم إن ما ينعاه بشأن ثبوت أو عدم ثبوت صدور قرار وقفه عن العمل – وأياً كان الأمر بشأنه – فإن طرحه على القضاء وقبل أن تقول جهة الإدارة كلمتها فيه يجعله غير منتج.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض دعواه ، بدلا من أن يقضي بعدم قبولها ، ولا يجديه أن يكون مال دعواه الحكم فيها بعدم القبول ، وبذلك فإن مصلحته في ذلك مجرد مصلحة نظرية بحتة ، وبالتالي لا تعود عليه أية فائدة من نقض الحكم لهذا السبب ، مما يتعين معه رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع برفضه .