طعن مدني رقم 101/ 51ق
طعن مدني رقم 101/ 51ق
خلاصة المبدأ
دعوى ضمان عدم التعرض للمشتري شروط تحققها قواعد الضمان ليست من النظام العام، أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ اختصم الطاعن المطعون ضده أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية بالدعوى رقم 98/897 قال شرحا لها: إنه بتاريخ 1995.2.20 اشترى من المدعى عليه قطعة أرض صالحة للزراعة كائنة بمحلة الحميدية تاجوراء، وفقا للحدود والمعالم الواردة في صحيفة الدعوى بموجب عقد بيع رسمي أقر فيه البائع أنه يملك العقار دون منازع ولم يسبق له التصرف فيه وأن حق الانتفاع سليم وخال من جميع الموانع، وبعد أن استلم العقار و أنفق عليه مبالغ طائلة اتضح أن العقار المبيع يقع ضمن مشروع طبقا لأحكام القانون رقم 128 لسنة 90 ف بشأن التصرف في الأراضي الزراعية المستصلحة المملوكة للدولة، وأنه تضرر ماديا وأدبيا، وخلص إلى طلب الحكم له بالآتي:
أولا:- إبطال العقد المبين بصدر صحيفة الدعوى.
ثانيا: إلزام المدعى عليه بأن يره للمدعي الثمن والنفقات وقدرها 135,00، 120 دينارا،
ثالثا: إلزامه بأن يدفع المدعي تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية بمبلغ 44027.00 ديناراً.
وبتاريخ 6.9 1999 قضت المحكمة بإبطال العقد المبرم بين المدعى والمدعي عليه والمحرر بتاريخ 24/2/20 (1995) وببره الكمن وقدره مائة وعشرة الاف دينار مع تعويضه بمبلغ خمسة آلاف دينار عن الأضرار المعنوية ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 46/544 في كما استأنفه الطاعن باستئناف مقابل أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع:
أولا: في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف ويرفض الدعوى.
ثانيا: في الاستئناف المقابل برفضه.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 2008.14 ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه، بتاريخ 2004.1.3 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا مسدها الرسم ومودعا الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الابتدائي بتاريخ 2014.17 أروع حافظة مستندات، وبتاريخ 2004.1.15 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده بتاريخ 2004.1.14 وقدمت نيابة النقض مذكرة التهت فيها إلى قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الاسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالأسباب التالية:
أولا: الخطأ في تطبيق القانون:- ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى على رسالة منسق عام الزراعة المؤرخة في 1998.7.6 م التي تفيد أن الطاعن تحصل على قطعة أرض بدلا من الأرض المباعة، في حين أن عقد الانتفاع اللاحق كان عقدا جديدا وليس استبدالا للأرض موضوع النزاع.
ثانيا: الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع: اعتبر الحكم المطعون فيه رسالة منسق عام الزراعة أنها تتضمن إقراراً من المالك الحقيقي ببيع ملك الغير وفقا لنص المادة 455 من القانون المدني، وقد دفع الطاعن أمام المحكمة بأن الرسالة المذكورة لا علاقة لها بالدعوى، وأن الأرض الجديدة تم شراؤها بعقد لا يتضمن نصا كونها بديلة عن الأرض السابقة، والمحكمة أغفلت هذه الدفوع ولم يتناولها الحكم إيرادا ولا ردا.
ثالثا: دفع الطاعن بأن الرسالة المنسوبة إلى منسق عام الزراعة والموجهة إلى الشرطة الزراعية هي صورة ضوئية لا أصل لها ولم يقدمها المطعون ضده أمام محكمة أول درجة، إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالقول إنها أصل وليست صورة واعتد بها.
رابعا: طلب الطاعن إعادة المأمورية إلى خبير آخر ليقوم بالمهمة على الوجه الصحيح ويثبت وجود تلك الرسالة وصدورها من الجهة المنسوبة إليها ولكن المحكمة لم تذكر هذا الدفع ولم ترد عليه بما يجعل حكمها قاصرا متعين النقض لمخالفته مبادئ المحكمة العليا. خامسا:- اعتبر الحكم المطعون فيه رسالة منسق عام الزراعة إقرارا من الجهة مالكة العقار لعقد البيع الذي أبرمه المطعون ضده للطاعن في العقار محل الدعوى، وهذا تفسير في غير محله، ذلك أن العقار قد تم الاستيلاء عليه من لجنة التطهير، كما أن إبرام عقد جديد مع الطاعن لا يعتبر إقرارا من الدولة لواقعة البيع، بل أن القطعة الجديدة قد تم شراؤها بمقابل بما يعني أنها لم تكن بديلة عن القطعة التي تم الاستيلاء عليها من لجنة التطهير.
وحيث إن هذه المناعي جميعا في غير محلها ذلك أن المادة 428 من القانون المدني تنص على أن يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله هو أو من فعل أجنبي يكون له وقت البيع حق على المبيع يحتج به على المشتري، ويكون البائع ملزما بالضمان ولو كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه كما تنص المادة 434 من ذات القانون، في فقرتها الأولى على أنه يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق أو أن ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان…).
و مقتضی ذلك أن البائع يضمن التعرض الذي يصدر منه ضد المشتري سواء كان التعرض ماديا أو قانونيا، أما إذا كان التعرض صادرا من الغير فلا يضمنه البائع إلا إذا وقع التعرض فعلا من شخص أجنبي ليس طرفا في عقد البيع وبدعي حقا على المبيع مبنيا على سبب قانوني، وأن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع أو تاليا له لكنه مستمد من البائع فإذا انتزع الغير المبيع من المشتري عنوة كان عملا ماديا لا يكون البائع مسؤولا عنه ويكون المشتري في هذه الحالة أن يواجه الغير بالمطالبة بحقوقه، غير أن هذه القواعد ليست من النظام العام حيث يجوز
للمتعاقدين الاتفاق على تعديل أحكام ضمان التعرض الصادر من الغير بزيادة هذا الضمان أو إنقاصه أو إسقاطه على أن يكون ذلك التعديل باتفاق خاص ومصاغا بعبارات واضحة.
ولما كان الطاعن يطالب في دعواه بإلزام المطعون ضده بدفع المبالغ المطالب بها على أساس ما حدث له من تعرض بسبب شرائه الأرض من المطعون ضده بموجب عقد رسمي موثق لدى محرر العقود بتاريخ 1998.10.20 واستلم العقار المبيع، ثم قامت أمانة الزارعة ممثلة في لجنة التطهير بالاستيلاء على الأرض دون أن يكون للبائع المطعون ضده يد في حرمان الطاعن من الانتفاع بالأرض المبيعة، ولا يوجد بينهما اتفاق خاص بتعديل الضمان فإن الدعوى في حقيقتها تكون دعوى ضمان لا تتوافر فيها الشروط السالفة الذكر، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون بغض النظر عن التقريرات الخاطئة التي أوردها، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس بما يتعين معه رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن بالمصروفات.