طعن مدني رقم 85/ 48 ق
العنوان
- استناد الحكم لصحة قرار فصل العامل لعدم إطاعة أوامر رب العمل، ثم القضاء باستحقاقه لمرتباته – تناقض في الأسباب – أثر ذلك.
الحكم
الوقائع
تخلص الواقعة في أن المطعون ضده أ ـده أقام الدعوى رقم 1998/74 أمام محكمة طرابلس الابتدائية ضد الطاعن بصحيفة معلنة إليه، قال فيها: إنه تم التعاقد بينهما بخصوص العمل بمكتب مبيعات الشركة الطاعنة للتذاكر، وقد تعرض مقر الشركة للسرقة مما ترتب على ذلك ضياع مبالغ مالية، وهي حصيلة مبيعات تذاكر لليوم الذي وقعت فيه السرقة واليومين السابقين، والتي بلغت قيمتها سبعة عشر ألف دينار، واتهمت الشركة الطاعنة المطعون ضده بالإهمال في عمله المتمثل في عدم إيداع المبالغ المتحصلة من بيع التذاكر الخزانة الحديدية، أو تسليمها إلى من أمر بتسليمها إليه، مما جرها إلى إصدار قرار فصله من العمل قبل صدور حكم البراءة، والذي على أساسه أقام المطعون ضده الدعوى أمام المحكمة الابتدائية طالبا الحكم له يوقف قرار الفصل، وترجيعه إلى العمل، وصرف مرتباته مع التعويض، وأثناء نظر الدعوى تقدمت الطاعنة بصحيفة دعوى مقابلة ضد المطعون ضده طالبة ندب خبير لبيان المبالغ المستحقة لها في ذمته، والحكم لها بنتيجة التقرير مع التعويض والفوائد، والمحكمة قضت في الدعوى الأصلية بوقف قرار فصل المطعون ضده، وبترجيعه لعمله، وصرف المرتبات والمزايا ورفض باقي الطلبات، وفي الدعوى المقابلة برفضها استأنف الطرفان هذا الحكم وقضت محكمة استئناف طرابلس في الاستئنافين:
- أولا/ في الاستئناف المضموم المرفوع من المطعون ضده برفضه.
- ثانيا/ في الاستئناف الأصلي -: أولا:- بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لوقف قرار فصل المستأنف عليه فيه، وترجيعه إلى سابق عمله، ورفض الدعوى المبتدأة بشأنها.
- ثالثا/ تأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وتقدمت الطاعنة بصحيفة دعوى تفسير للحكم فيما ورد به من عبارة (( وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وجاء بالحكم المفسر أن تلك العبارة تنصرف إلى المرتبات والمزايا ).
“وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه الأول بتاريخ 2000.9.13، وصدر الحكم المطعون فيه الثاني بتاريخ 2000.11.29، ولا يوجد ما يدل على إعلانهما، وقرر محامي الطاعن الطعن فيهما بالنقض بتاريخ 2000.12.9 لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم و مودعا الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من كلا الحكمين المطعون فيهما ومن الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات.
وأودع بتاريخ 2000.12.12 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 2000.12.31 أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه، وبتاريخ 2001.1.14 أودع محامي الطاعن صورة من الحكم التمهيدي، ومذكرة رادة على مذكرة المطعون ضده.وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبجلسة نظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
وحيث إن الطعن استوفى الأوضاع المقررة في القانون فهو مقبول شكلا.
وحيث إن محامي الطاعنة قصر طلباته في الطعن على الحكم المطعون فيه على السببين الثاني، والثالث، من أسباب الطعن، بما حاصله التناقض والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه ومن بعده الحكم المفسر قررا حق الشركة الطاعنة فصل المطعون ضده من العمل، وإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من وقف قرار الفصل والترجيع، ثم عاد وقضى له بحقه في صرف المرتبات عن الفترة التالية لتاريخ قرار الفصل، دون أن يبين أساس هذا القضاء، كما أنه رفض الحكم للطاعنة ما لها في ذمة المطعون ضده من مبالغ مالية قام بتحصيلها يوم وقوع السرقة، رغم وجود المستندات المقدمة في الدعوى، والتي تفيد إقرار المطعون ضده بأنها في ذمته، دون التعرض لهذه المستندات ومناقشتها بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذين التعيين في محلهما، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي القاضي بوقف قرار الفصل والإعادة إلى العمل على سند من القول (( أن المستأنف ضده كان يقوم بعمل للمستأنفة وهو مأمور بامتثال أمر رب العمل، وقد اعترف أثناء التحقيق معه بأنه لم يضع حصيلة عمله من النقود في الخزانة الحديدية، أو يسلمه لمن أمر بالتسليم له، وهو إذ لم يفعل ذلك يكون قد خالف أمر رب العمل مما يجعل الحق لهذه الأخيرة في فسخ عقد العمل، ويكون الاحتجاج بالحكم الجنائي الصادر في الدعوى رقم 97/2331 في غير محله، ويكون ما قام به ممثل المستأنف الأصلي من إجراء فصل المستأنف عليه في محله ولا غبار عليه ((، ثم قضى أيضا برفض دعوى الطاعنة المقابلة على قوله ( أما فيما يخص طلب المستأنفة الأصلي بخصوص رفض دعواها المقابلة فإن المستأنفة لم تثبت بالدليل القاطع أن لها في ذمة المستأنف عليه أية مبالغ مالية عدا المبلغ المتحصل عليه من حصيلة عمله بيع تذاكر اليوم الذي حصلت فيه السرقة، مما يجعل ما ذهبت إليه الشركة في غير محله )).
لما كان ذلك وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إلغاء وقف قرار الفصل والترجيع إلى العمل، والذي أسسه على أحقية الشركة الطاعنة فصل المطعون ضده لارتكابه خطأ تمثل في عدم إطاعة أوامر رب العمل، ثم عاد وقضى له بصرف المرتبات – حسبما ورد في الحكم المفسر – عن فترة الوقف، دون أن يبين أساس هذا القضاء، ولم يناقش المستندات المقدمة في الدعوى رغم عدم اعتداده بحجية الحكم الجنائي، فإنه يكون قد وقع في شائبة القصور في التسبيب والتناقض في الأسباب.
أما فيما يتعلق بنعي الطاعن بخصوص رفض دعواها المقابلة بالتعويض فهو في محله، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أشار إلى أن الطاعنة أثبتت عدم إيداع المطعون ضده حصيلة مبيعات يوم السرقة ورغم ذلك انتهى إلى رفض دعواها مما يجعل ما قرره بأسبابه، وهو ما يعيبه، إضافة إلى متناقضا مع ما انتهى إليه في منطوقه ما سبق، بما يوجب: نقضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده المصاريف.