أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 60/ 53ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن:
    60
  • السنة القضائية:
    53
  • تاريخ الجلسة:
    18 يوليو 2006

طعن جنائي رقم 60/ 53ق

خلاصة المبدأ

إشارة الحكم إلى المادة 29 من قانون العقوبات دون تطبيقها بتخفيف العقوبة – أثره.

الحكم

الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 2004.3.21 م بدائرة مركز شرطة سوق الجمعة:-ضرب عمدا المجني عليه (…) ولم يقصد من ذلك قتله، ولكنه أفضى لموته، بأن قام بضربه بقطعة حجارة على رأسه في الجهة اليسرى، فالحق به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية المرفق التي أودت بحياته على النحو المبين بالأوراق، وطلبت من غرفة الاتهام بمحكمة شمال طرابلس الابتدائية إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمقتضى نص المادة 1/374 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك، والمحكمة قضت في الدعوى حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن مدة خمس سنوات عما نسب إليه وبلا مصاريف جنائية

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.8.7م وبتاريخ 2005.8.10 قرر المحكوم عليه الطعن على الحكم بطريق النقض أمام ضابط السجن وبتاريخ 2005.10.6م أودع محاميه لدى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه.

قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها رأت فيها قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا حددت جلسة 2006.7.11 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره ونظرت الدعوى على النحو المثبت بمحضر الجلسة ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

من حيث إن الطعن استوفى كامل الأوضاع الشكلية المقررة في القانون لقبوله، ومن ثم فهو مقبول شكلا. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب من وجهين:-

  1. كان المحامي المدافع عنه قد دفع أمام المحكمة المطعون على قضائها بأنه قد ثبت من خلال الكشف الذي أجراه عضو النيابة المحقق على المجني عليه بأنه قد تعرض لإصابة وعملية جراحية سابقة على الواقعة، وبذلك فإن ضربة الطاعن للمجني عليه قد لا تكون هي السبب في حصول النتيجة أي الوفاة، إلا أن المحكمة ردت على ذلك بعبارة مرسلة ومجملة.
  2. إن التبرير الذي أوردته المحكمة المطعون على قضائها يشوبه عيب التناقض، ففي الوقت الذي أبانت المحكمة عن نيتها في إعمال نص المادة 29 من قانون العقوبات مما يتطلب تخفيف العقوبة في حق الطاعن إلى نصف الحد الأدنى للعقوبة المقررة في نص 1/374 عقوبات إلا أنها رغم ذلك عاقبته بنصف الحد الأعلى لتلك العقوبة وهو ما يعيب حكمها بما يوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة وأورد شهادة شهود.

الإثبات التي استند إليها في الإدانة كما أورد مضمون تقرير الصفة التشريحية لبيان سبب الوفاة فقال: (وحيث تبين من فحص وتشريح جثة المتوفى أن الإصابة عبارة عن تكدم مزرق أبعاده 1سم و نصف سم يقع أسفنية الجفن السفلي للعين اليسرى، والثانية شق جراحي بطول 23سم مخيط بغرز، وبوضع قوس حوافه متورمة يقع على يسار الرأس، حيث يبدأ على صوان الأذن اليسرى بحوالي 4سم وليسار الخط المنصف للرأس بحوالي 12 سم وتتجه للخلف – وحيث إن الطبيب الشرعي قد انتهى إلى الرأي بأن تلك الإصابات تحدث من الضرب أو المصادمة بجسم صلب ويجوز حدوثها من مثل الضرب بحجر، وتعزى الوفاة إلى هذه الإصابة الرضية بالرأس بما أحدثته من كسور بالجمجمة ونزيف داخلي بالمخ، وأن الوفاه توافق تاريخ تصريح الدفن)، وقد أكد الحكم على هذا القول في الجزء الذي تبدو فيه قناعة المحكمة فقال: ((وحيث إن المحكمة وبعد اطلاعها على كافة الأوراق وسائر التحقيقات فقد ظهر لها من خلال ذلك أن المتهم بتاريخ الواقعة كان بالشارع الذي مر منه المجني عليه على متن سيارته، وكان يسير بسرعة فشد انتباهه سلوك المجني عليه، وأصر على إيقافه عند العودة من نفس المكان، وتبادلا السب وعبارات بذئية، و كان المتهم قد استعد لذلك الموقف بأن التقط قطعة حجر من الأرض وأمسكها بيده، وعندما بادر المجني عليه بضربه لكمـة علـى وجهه نزل المجني عليه ورد على المتهم بلكمة على وجهه عندها ضربه المتهم بقطعة حجارة أصابته في الرأس وتم نقله للمستشفى عندها ساءت حالته، وأجريت له عملية إلا أنه فارق الحياة بسبب ما أصاب الجمجمة من نزيف دموي، وعلى النحو الذي سلف بيانه بتقرير الصفة التشريحية المرفق، ومن ثم فإن أركان جريمة الضرب المفضي للموت قد توافرت أركانها في واقعة الحال من أن المتهم هو من ضرب المجني عليه بقطعة حجر أصابته في رأسه سببت له نزيفا دمويا، وأن تلك الإصابة كانت بفعل المتهم دون غيره، وأنها وحدها كانت سبب الوفاة)).

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صلة السببية من المسائل الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، وأنه لا يلزم إبرازها في شكل خاص، ويكفي استظهارها من كل ما يتضمنه الحكم، ولو كان ذلك في بيان الوقائع ما دامت المحكمة قد أحالت عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد عنى، وكما سلف، بإبراز تلك الصلة بين فعل الطاعن والنتيجة، وهي وفاة المجني عليه، وجزم بما جزم به الطبيب الشرعي بأنها هي السبب الوحيد لحدوث الوفاة، وكان لما انتهى إليه الحكم أصله بأوراق الدعوى، الأمر الذي يضحى معه نعي الطاعن على الحكم في بأنها هذا الشأن في غير محله.

لما كان ذلك، وكانت المادة 374 من قانون العقوبات التي عوقب بموجبها الطاعن تنص في فقرتها الأولى على أنه كل من جرح أو ضرب أحدا عمدا أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا ولكنه أفضى للموت يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات، كما أن المادة (29) من ذات القانون قد نصت في فقرتها الأخيرة على أنه وعلى كل حال يجوز للقاضي إذا توافرت الظروف المذكورة (ظروف الرأفة)، أن ينزل بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح إلى نصف الحد الأدنى الذي عينه القانون))، وكانت المادة 21 من قانون العقوبات قد بينت الحد الأدني العقوبة السجن بأنه يجب ألا تقل عن ثلاث سنوات وكانت المحكمة المطعون على قضائها قد أبانت في أسباب حكمها بأنها قصدت إعمال المادة 29 من قانون العقوبات بقصد تخفيف العقوبة عن الطاعن، إلا أنها خالفت، و هي تقدرها نصي المادتين 21-29 المشار إليهما وعاقبت الطاعن بنصف الحد الأعلى من العقوبة المقررة بنص المادة 1/374 من قانون العقوبات، وهو ما يعيب حكمها ويوجب تصحيحه في هذا الشأن. وحيث إنه لما كانت المادة الخامسة والعشرون من قانون المحكمة العليا رقم 82/6 تنص على أنه استثناءا من القواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية (إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وكان الموضوع صالحا للفصل فيه جاز لها أن تحكم فيه)، وكان استيفاء النقص الذي شاب الحكم المطعون فيه والمتمثل في خطئه في تطبيق القانون لا يحتاج إلى تحقيق موضوعي، ومن ثم فإن هذه المحكمة تفصل فيه بما يوفي تصحيح هذا الخطأ ونظراً لأن أقارب المتوفى تقدموا بتنازل للطاعن، ونظرا لظروفه وسنه، وخلو الأوراق مما يفيد وجود سوابق له، فإن هذه المحكمة ترى أخذ الطاعن بالرأفة وإعمال المادة – 29 – من قانون العقوبات في حقه والنزول بالعقوبة إلى نصف حدها الأدنى، وعلى النحو الوارد بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وتصحيح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالحبس مدة سنة ونصف ورفضه فيما عدا ذلك.