طعن مدني رقم 308/ 49ق
طعن مدني رقم 308/ 49ق
خلاصة المبدأ
تقدير عناصر الضرر الداخلة في تقدير التعويض من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده عن نفسه وبصفته – الدعوى رقم 2000/1373 ضد الطاعن بصفته، بصحيفة قال فيها إن مورثه تعرض لحادث سير على الطريق العام، بأن صدمه المدعو (…) بالسيارة التي كان يقودها، والمؤمنة لدى المدعى عليه بصفته بوثيقة تأمين سارية المفعول وقت الحادث، وقد دين السائق بحكم جنائي نهائي، وانتهى إلى طلب الحكم بتعويضه، عن نفسه وبصفته، مبلغ خمسمائة ألف دينار عما أصابه وموكليه من أضرار مادية ومعنوية، والمحكمة قضت له وموكليه بمبلغ أربعين ألف دينار تعويضاً عن الضررين المادي و المعنوي، مع المصاريف، وثلاثمائة دينار أتعاب المحاماة، ورفض ما زاد على ذلك من الطلبات.
وقضت محكمة استئناف طرابلس في الاستئنافين، الأصلي المرفوع من المطعون ضده، والمقابل المرفوع من الطاعن بصفته، بقبولهما شكلاً، وفي الموضوع، أولاً: في الاستئناف الأصلي بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به إلى إلزام المستأنف عليه فيه بأن يدفع للمستأنف فيه (…) زوجة المتوفى (…) و (…) و (…) و (…) لكل واحدة منهمن مبلغاً قدره خمسة آلاف دينار عن الضرر المادي، وخمسة آلاف دينار عن الضرر المعنوي، لكل واحد من باقي المستأنفين.
ثانياً:- وفي الاستئناف المقابل بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتعويض عن الضرر المادي للمستأنف عليهم فيه (…) و(…) و (…) و (…)، وألزمت المستأنف عليه فيه بمصاريف الاستئنافين.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه “
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2.2.16 200ف، وأعلن إلى الطاعن بصفته بتاريخ 2002.4.14ف، وبتاريخ 2002.5.9ف قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بالنقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مدداً الرسم، ومودعاً الكفالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة وصورة من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 2002.5.13 ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن، معلنة للمطعون ضده عن نفسه وبصفته في اليوم السابق، وبتاريخ 2002.6.8ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه، وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن شكلاً، وبجلسة نظره أصرت على رأيها.
الأسباب
وحيث إن ما أثارته نيابة النقض من أن عدم تقديم إدارة القضايا لسند الإنابة عن الشركة الطاعنة يجعل الطعن مرفوعاً من غير ذي صفة غير سديد. ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطعن قرر به من قبل أحد أعضاء إدارة القضايا بتاريخ 2002.5.9ف، وكان قرار وزير العدل رقم 76/688 بإنابة إدارة القضايا عن الشركة الطاعنة فيما يرفع منها أو عليها أمام جميع المحاكم يعمل به منذ 1977.1.1ف فإن الطعن – وقد رفع بعد تاريخ نفاذ القرار المذكور – يكون مرفوعاً من ذي صفة.
وحيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع المقررة في القانون فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، ذلك أنه قضى بتعديل الحكم المستأنف بالزيادة في قيمة التعويض من أربعين ألف دينار إلى القدر المبين في منطوق حكمه عن الضررين المادي، والأدبي، دون أن يبين الأسباب التي دعته إلى تلك الزيادة في التعويض، ودون أن يبين الأسانيد التي اعتمد عليها في ذلك، مما يجعل الحكم المطعون فيه قاصر التسبيب متعين النقض.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك وإن كان التعويض يقدر بمقدار الضرر، وكان هذا التقدير من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين العناصر المكونة للضرر، والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض يعتبر من المسائل القانونية التي تهيمن عليها المحكمة العليا، لأن هذا التعيين من قبيل التكييف القانوني، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بزيادة مقدار التعويض عن الضررين المادي، والأدبي، على سند من القول ( وحيث إنه بعد الاطلاع على أسباب الاستئناف الأصلي فيما يتعلق بالإحجاف بحق المستأنفين، والقصور في التسبيب، قد جاء في محله، ذلك أن الحكم المستأنف لم يبين مقدار التعويض المادي والأدبي، ومن ثم فإن المحكمة ترى تعديل الحكم المستأنف فيما قضى به إلى ما هو وارد بالمنطوق ).
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قضى بالزيادة في مقدار التعويض عن الضررين المادي، والأدبي، وإن كان قد بين في أسبابه ما يخص كل ضرر من مقدار التعويض، إلا أنه لم يبين الحاجة التي دعته إلى زيادة مقدار التعويض عن كل ضرر، فإنه يكون مشوباً بعیب القصور في التسبيب، بما يتعين معه نقضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده عن نفسه وبصفته المصروفات.