أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 7/ 67ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 7
  • السنة القضائية: 67
  • تاريخ الجلسة: 29 مايو 2022

طعن مدني رقم 7/ 67ق

خلاصة المبدأ

ابرام مصلحة الأملاك العامة عقداً. مع مستثمر لاستثمار عقار – لزوم ضمانها منع التعرض له من الغير – أساسه.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 136 لسنة 2014 أمام محكمة غريان الابتدائية على المطعون ضدهم بصفاتهم قال بيانا لها: – إنه تقدم إلى المجلس المحلى غريان – الذي حل محله المطعون ضده الأول بصفته – بطلب بشأن رغبته في استثمار حديقة – وصفها بالأوراق – وبعد أن تحصل منه على الموافقة المطلوبة بتاريخ 2013/6/27 أبرم مع المطعون ضده الثاني بصفته العقدرقم 1 لسنة 2014 لمدة ثلاث سنوات بإيجار سنوي قدره ألف وخمسمائة وستون دينارا، وسدد له نصف القيمة على أن يتم خصم الباقي من مصاريف أنفقها على إنشاءات متفق عليها، كما سدد ما استحق على العقد من ضريبة إضافة إلى دفعه مبلغ ثلاثمائة وتسعين دينارا للمطعون ضده المذكور كتأمين احتياطي، وبعد أن شرع في تجهيز المشروع من ( تعشيب للحديقة وتنفيذ مبنى متفق عليه وصيانة شبكتي الكهرباء والري ) بتكلفة إجمالية بلغت مائة وستة وسبعين ألفا وثمانمائة وواحداً وسبعين دينارا، خاطبة المطعون ضده الأول بموجب كتابه رقم 1/1625 – 3 بتاريخ 2014/5/24 أمره فيه بالتوقف عن تجهيز الحديقة إلى حين إشعار آخر، مما اضطره إلي توجيه إخطار قضائي للمطعون ضدهم الأول والثاني والثالث بصفاتهم وذلك بتاريخ 2014/6/4 طلب منهم – بموجبه – الالتزام ببنود العقد وتمكينه من الانتفاع الحديقة أو بتعويضه عما فاته من كسب ولحقه من خسارة وأمهلهم ثمانية أيام لتسوية النزاع وديا، إلا أنه لم يتلق منهم استجابة، مما الحق ذلك به أضرارا مادية ومعنوية، وخلص إلي طلب الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين أن يدفعوا له سبعمائة وعشرين ألف دينار قيمة ما فاته من كسب، ومائة وثلاثة وثمانين ألفا وتسعمائة وعشرة دنانير قيمة ما لحق به من خسارة، وثلاثمائة ألف تعويضا عن الضررين المادي والمعنوي، فقضت المحكمة بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم أن يدفعوا للمدعي أربعمائة وسبعة وأربعين الف دينار شاملة للضررين، وقضت محكمة استئناف غريان في استئنافين مرفوعين من طرفي الخصومة، بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 2019/3/17، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الطاعن بتاريخ 6 / 10/ 2019 الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم و مودعا الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي وحافظة مستندات دونت مضامین محتوياتها على غلافها، وأودع بتاريخ 14/ 10/ 2019 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهم بصفاتهم في 7 / 10/ 2019، وأودع أحد أعضاء إدارة القضايا في 12 / 11/ 2019 مذكرة دفاع، وأودعت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيه إلي رفض الطعن، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلي هذه الدائرة، وبجلسة نظره تمسكت النيابة برأيها. ‏

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى الأوضاع المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.

وحيث إن حاصل مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وبيان ذلك: –

  1. إن المحكمة مصدرته قضت بإلغاء الحكم الابتدائي بمقولة إن الدعوى أسست على المسئولية العقدية وأن المطعون ضده الثاني ( ممثل مصلحة أملاك الدولة ) لم يصدر عنه أي إخلال بالعقد بل قام بتنفيذ التزامه التعاقدي، وهو قول من المحكمة مخالف للقانون والثابت بالأوراق، ذلكأن المذكور ملزم قانونا بمنع أي تعرض للطاعن ( المتعاقد معه ) في استغلاله للحديقة، خاصة وأنه قد أخطره على يد محضر بواقعة التعرض وطلبه منه العمل على منعه – لحصوله من ممثل ذات الجهة العامة ( المطعون ضده الأول ) التي أذنت لتلك المصلحة بإبرام العقد – فلم يفعل ذلك، بل لم يرد حتى على هذا الإخطار.
  2. جاء حكمها مخالفا ومناقضا للثابت بالأوراق أيضا عندما برت المطعون ضده الأول بصفته على أنه أجنبي عن العقد، فـ حين إن المجلس المحلي غريان – الذي حل محله المطعون ضده المذكور – هو من أذن بالتعاقد بموجب كتابه رقم 3475 المؤرخ في 2013/6/27 والذي بموجبه يجعله -هو الآخر ـ ضامنا لعدم التعرض له في الانتفاع بالعين المؤجرة، و لكل ذلك يكون الحكم معيبا مستوجب النقض.

وحيث إنه عن الطعن بسببيه، فإنه ولما كان قضاء هذه المحكمة جرى على أن محكمة الاستئناف إذا ما انتهت إلى إلغاء الحكم المستأنف فعليها أن ترد على الأسباب التي بني عليها ذلك الحكم بأدلة سائغة ومقبولة تحمل قضاءه وتؤدي إلي النتيجة التي انتهت إليها. وإلا كان حكمها قاصر البيان متعين النقض. كما جرى على أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تلم بوقائع الدعوى وأدلتها وأحكام التشريعات المنطبقة عليها، فإن هي أغفلت ذلك وقضت فيها ولم تورد في أسباب حكمها ما ينبئ عن أنها أحاطت بكل ما هو لازم للفصل فيها كان حكمها معيبا. وإذ كان يبين من مدونات الحكم الابتدائي أنه أسس قضاءه على سند من القول )).. وباطلاع المحكمة على ملف الدعوى وحافظة مستندات المدعي تبين بأنه مرفق بها العقد موضوع الدعوى وهو عقد انتفاع مبرم بين مصلحة أملاك الدولة ويمثلها السيد (…) مدير مكتب المصلحة بغريان كطرف أول والمدعو (…)” المدعي ” كطرف ثاني وهذا العقد يحمل رقم 1 لسنة 2014 وموقع من الطرفين ومسدد عليه الضرائب المقررة بموجب الختم الملصق عليه وإيصال دفع الضريبة بتاريخ 19 / 5 / 2014 تحت إيصال رقم ” 381668″.. وحيث إن الثابت بالأوراق أن الطرف الأول في العلاقة التعاقدية وباعتباره هو من يقوم بإدارة أملاك الدولة – كمدعى عليه ثاني في الدعوى – وعن طريق المدعى عليه الأول والذي هو خلف أو حل محل رئيس المجلس المحلي قام الأخير بتوجيه كتاب أو مراسلة إلي المدعي يطلب فيه منه التوقف عن عملية البناء و عدم استغلال والانتفاع بأي مساحة فضاء داخل الحديقة موضوع الدعوى وإلي حين إشعار آخر أو حل الإشكال القائم وذلك بموجب الرسالة المدرجة تحت رقم ” 1/1625 – 3 المؤرخة في 2014/5/24 دون بيان مدة الإيقاف وأسبابه.. وأن هذا الإيقاف لم يتم الإيضاح فيه عن المصلحة العامة أو الأسباب الأخرى التي جعلت المدعى عليه يلجأ إلى هذا الإيقاف حتى يتسنى للمحكمة بسط رقابتها في تقدير هذه المصلحة والأسباب ومدى ملائمتها للقانون والعقد من عدمه، بل على العكس من ذلك إن المدعي هو من قام بإخطار المدعى عليهم كتابيا عن طريق قلم المحضرين كما هو ثابت بالإخطار المرفق بحافظة مستنداته المؤرخ في 2014/6/3 على تسوية الموضوع وديا وخلال مهلة ثمانية أيام وقد تم استلام هذا الإخطار عن طريق ممثلهم فرع إدارة القضايا بغريان، إلا أنه لم يحصل في الأمر شيء، الأمر الذي ترى معه المحكمة بأن أحد عناصر المسئولية – وهو لا – المطلوب توافره في قيام المسئولية تجاه المدعى عليهم والمتمثل في الإخلال بالتزام تعاقدي متحققا،.. وحيث إنه عن الضرر بنوعيه المادي والمعنوي اللاحق بالمدعي فهو ثابت، ذلك أن الضرر المادي تمثل في ما تكبده المدعي من دفعه نصف مقابل الانتفاع لمدة سنة، والتأمين والضرائب وقيمة المبنى المنفذ من قبله.. ومتطلبات تجهيز الحديقة.. وعن الضرر المعنوي فإنه ثابت وهو يتمثل في الأسى والحزن والحسرة وخيبة الأمل الذي أصاب المدعي جراء تصرف المدعى عليهم المتمثل في إيقافه عن الاستغلال والانتفاع بالحديقة دون سبب أو جريرة اقترفها وبدون سابق إنذار أو مهلة يتوقى بها العديد من الأضرار والمخاطر )). ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه برر قضاءه بإلغاء ذلك الحكم بقوله (( وبما أنه من المقرر أن المدعي يقع عليه عبء إثبات دعواه، وبما أنه يؤسس دعواه على أن مصلحة الأملاك العامة قد تعاقدت معه بموجب عقد مؤرخ في 2014/4/3 لمدة ثلاث سنوات لاستثمار في الحديقة الكائنة بغريان، وأنه دفع من الثمن نصفه، وأن الجهة المتعاقد معها قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية، وأن مؤدى طلباته تقوم على المسئولية العقدية، وأنه مازال متمسكا بها كسبب لدعواه، ومن ثم فإن هذه المحكمة مقيدة به وحيث إنه ادعى بأن سبب توقفه عن العمل هو الكتاب الموجه له من قبل رئيس المجلس المحلي الذي حل محله عميد البلدية المؤرخ في 2014/5/24 والذي يطلب منه فيه التوقف عن عملية البناء وعدم استغلال الحديقة حتى إشعار آخر لحل الإشكال القائم، وحيث إن الثابت بالأوراق أن الطرف الأول من العقد ” مصلحة الأملاك العامة ” قد قامت بكل ما يفرضه العقد عليها من إجراءات وتسليم العقار ولم يصدر منها ما يعرقل تنفيذ العقد، وأنه لا صفة للبلدية في العقد وليست مخولة أو مختصة بالتدخل فيه قانونا وهي طرف أجنبي عن العقد، فمصلحة الأملاك العامة غريان هي فرع من الإدارة العامة والتي لها الذمة المالية المستقلة والشخصية الاعتبارية ولا تتبع الجهة الصادر عنها الكتاب المشار إليه وفقا لقانون إنشائها ومن ثم لا تتحقق معه المسئولية العقدية باعتباره إخلالا بالتزام عقدي نسبه الحكم المستأنف لمصلحة الأملاك العامة وقضى على أساسه في الدعوى.. وإذ الحكم قضى بذلك ودون أن يبين أو يدلل على علاقة المدعى عليهم من حيث العقد أو بالمدعى عليه مصلحة الأملاك العامة، بل قضى في الدعوى في مواجهتهم جميعا متضامنين يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتكون الدعوى بأكملها غير قائمة على أساس قانوني سليم ويكون المدعي في الدعوى المبتدئة قد أخفق في إثبات دعواه عندما عجز عن إثبات الإخلال التعاقدي من قبل المتعاقد معه مصلحة الأملاك العامة وهو الركن الأساسي في دعوى المسئولية العقدية، بما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى )). لما كان ذلك، وكان يبين جليا مما ساقه الحكم الابتدائي أنه استقى دليل ما أقام عليه قضاءه من خلال عقد الانتفاع رقم 1 / 2014م المبرم بين الطاعن وبين مصلحة الأملاك العامة ( المطعون ضدها الثانية ) وذلك بإذن صادر من سلف المطعون ضده الأول والذي هو بذاته من قام لاحقا بإيقاف الطاعن عن الاستمرار في تنفيذ العقد، في حين يبين جليا مما ساقه الحكم المطعون فيه أنه جاء متذبذبا في محاولة استظهاره انتفاء وجود أي مسئولية للمطعون ضدهما – سالفي الذكر – عن الإضرار محل طلب التعويض عنها، وذلك من خلال القول ” بأن مصلحة الأملاك العامة ” قد قامت بكل ما يفرضه عليها العقد من إجراءات وتسليم العقار ولم يصدر منها ما يعرقل تنفيذ العقد، وأنه لا صفة للبلدية في العقد وليست مخولة أو مختصة بالتدخل فيه قانونا وهي طرف أجنبي عن العقد “، وذلك دون التطرق لمناقشة كون سبب المطالبة بالتعويض ليس مجرد وجود العلاقة التعاقدية المشار إليها، بل بسبب إيقاف الطاعن عن الاستمرار في تنفيذ العقد باعتباره مصدراً لالتزام تم الإخلال به بتصرف من سلف المطعون ضده الأول، شكل – وفق ما يراه الطاعن – تعرضا له في الانتفاع بالعين المستأجرة، ويرى أنه كان لزاما على المطعون ضده الثاني – وقد أخطره بحصول التعرض – المبادرة باتخاذ ما من شأنه منعه ولكنه لم يفعل ذلك وهو ما قد يجد له سندا لبحثه من خلال نص المادة 21 من العقد ذي الصلة – المودع بملف الطعن – والتي جاء نصها ” ما لم يذكر في العقد يخضع لأحكام لائحة إيجار وحماية المباني المملوكة للدولة وتعديلاتها، والتشريعات ذات العلاقة “، فبالتالي ولما كان القانون المدني قد أورد في فصله الأول من بابه الثاني بشأن العقود الواردة على الانتفاع بالشيء، بما يجعله نصا مكملا لبنود العقد، ويقتضي بالتالي أن يكون ما تضمنه هذا الباب من نصوص محل بحث عن مدى انطباق أي منها على واقعة الدعوى، وهو ما فات على المحكمة المطعون في قضائها التنبه إليه أثناء تطرقها لبحث العلاقة التعاقدية بين الطاعن ومصلحة الأملاك العامة وآثارها، وكذلك أيضا عن مدى وجود أي تأثير للتصرف الصادر عن الجهة الإدارية بإيقاف الطاعن عن تنفيذ العقد وانعكاس ذلك على مجريات الدعوى وطلباته فيها، الأمر الذي يكشف جليا أن قضاء المحكمة في موضوع الدعوى تم دون إلمام كاف منها بوقائعها وأدلتها وأحكام التشريعات المنطبقة عليها، وينبئ عن عدم أحاطتها بكل ما هو لازم ‏للفصل فيها، مما يصم حكمها بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويتعين من ثم نقضه دون حاجة لمناقشة باقي أسباب الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن. شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف غريان للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصاريف.