أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 40/ 53ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 40
  • السنة القضائية: 53
  • تاريخ الجلسة: 4 يونيو 2006

طعن مدني رقم 40/ 53ق

خلاصة المبدأ

  1. طلب التعويض عن واقعة تنطوي على مخالفة للنظام العام، غير جائز – أساس ذلك.
  2. فهم الواقع في الدعوى من اطلاقات قاضي الموضوع – شرطه.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 854 لسنة 1995 في أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية على المطعون ضدهم قائلاً في بيانها:- إنه اتفق مع المدعى عليه الثالث وآخرين على صفقة تجارية تكبد خلالها مبلغ مليون ومائتين وخمسين ألف دينار (1250.000د.ل) وقد تسلم منهم صكا مصدقاً ضمانا للصفقة قام بإجراء تصديقه المدعى عليه الثالث الذي تربطه علاقة وظيفية بالمعلن إليهما الأول والثاني بصفتهما، وقام المدعى عليه الثالث بتزوير ذلك الصك واختلاسه من المصرف ثم اتضح للمدعي بعد ذلك أنه وقع ضحية جريمة نصب وتزوير، فما الحق به خسارة فادحة و طلب الحكم برد قيمة الصك المذكور وتعويضه مبلغ مليون وخمسمائة الف دينار عن الضررين المادي والمعنوي، فقضت المحكمة برفض الدعوي.. فاستأنف الطاعن هذا الحكم امام محكمة استئناف طرابلس التي فضت بقبول الاستناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وبتاييد الحكم المستأنف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.2.20 ف، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2008,10.18 ف مسدداً الرسم و الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي ثم أودع بتاريخ 2008.11.5 م أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهم بتاريخي 20 و 2008.10.30، وبتاريخ 2005.11.17 ف أودع محامي المطعون ضدهما الأول والثاني مذكرة بدفاعهما مشفوعة بسند وكالته وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها. 20 الأسباب حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب من الوجوه الآتية:-

إن الحكم اعتمد في فضائه على الحكم الجنائي في أن الطاعن اشترك في الجريمة موضوعه في حين أن الحكم الجنائي يخص عصابة من بينهم المطعون ضده الثالث التابع للمطعون ضدهما الأول والثاني، وأن الطاعن كان مجنياً عليه في تلك الجرائم وأن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن سلم المبلغ المالي بالقيمة الواردة بالصك المصدق بعد حصوله على ضمان وهو الصك المصدق الصادر عن مصرف الجمهورية فرع بني وليد، وهو مستوف لكامل شروطه القانونية، كما أقر دفاعه في صحيفة الاستئناف، وهو من الحكم غير صحيح للأسباب الآتية:

  1. إن الطاعن قدم الأدلة المؤيدة لدعواه، وهي صورة طبق الأصل من الصك المصدق كما شهد تابعو المطعون ضدهما الأول والثاني بأن كشف الصكوك المصدقة في عهدة المطعون ضده الثالث وتوقيعه على الصك هو المعتمد في الصرف وصورة من الحكم الجنائي.
  2. إن الحكم اعتمد في قضائه على سند من القول: إنه لا يجوز للطاعن أن يصور الواقعة خلافاً لما هو وارد بالحكم الجنائي، ولا يجوز لـه مناقشته أمام أية جهة أخرى مادام الحكم الجنائي قد عبر عن الحقيقة، وهو من الحكم غير صحيح، وما أوردته المحكمة المطعون في حكمها في هذا الخصوص نجد أنه لمصلحة الطاعن وليس ضده، لأن الحكم الجنائي انتهى إلى أن الطاعن لم يتعامل بالنقد الأجنبي فقد كان يرغب في استيراد كمية من الخشب.
  3. جاء في أسباب الحكم، أما قول المستأنف – الطاعن- إن محكمة البداية قد اختلط عليها الأمر وأخطأت في فهم الواقع والقانون لأن دعوى المدعي لم يكن أساسها العقد، وإنما كان أساسها مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة وفقاً للمادة 177 من القانون المدني، وهذا في غير محله، وفيه مجافاة للواقع والقانون، لأن تكييف الدعوى وإعطائها الوصف الصحيح من صميم عمل محكمة الموضوع، وكان الثابت من الحكم الابتدائي أن المحكمة كيفت الواقعة وأعطتها الوصف الصحيح دون التقيد بالوصف المعروض عليها من جانب المدعي، وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه يخالف الحقيقة والواقع، إذ إن أساس دعوى الطاعن هي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه، ذلك أن المطعون ضده الثالث يتبع الأول والثاني وقد زور الصك الذي قدم للطاعن ضماناً لتسليم المبلغ، ومحكمة البداية المؤيد حكمها بالحكم المطعون فيه هي التي كيفت الواقعة تكيفا مخالفاً للواقع والقانون.
  4. إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثالث هو الذي أعد الصك المصدق الذي يقابله دفع الطاعن المبلغ المالي بقيمة الصك للشركة المزعومة، وهو موظف بالمصرف، وهو مشرف على وكالة مصنع الصرف الصادر عنها الصك، وهو المسؤول عن كل الصكوك المصدقة، وفي عهدته وتوقيعه على الصكوك المصادقة، وبالتالي إعداده وتصديقه وإعطاؤه للطاعن كان بحكم وظيفته بالمصرف، وبالتالي فإن المطعون ضدهما الأول والثاني مسؤولان عنه بعمله غير المشروع، وإذا خالف الحكم الابتدائي هذا النظر واعتبر أساس الدعوى العقد غير المشروع، وأيده الحكم المطعون فيه، وأحال على أسبابه، فإنه يكون قد خالف القانون.

وحيث إن الوجه الأول في غير محله، ذلك أن نص المادة 135 من القانون المدني قد جرى على أنه (إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا )، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز الاستناد للمطالبة بالتعويض على واقعة تنطوي على مخالفة للنظام العام أو الآداب، كما أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن فهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع بلا رقابة عليها من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغا وله أصل ثابت في أوراق الدعوى تقضي بما يطمئن إليه وجدانها، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه فصل في الدعوى في حدود سلطته التقديرية على أساس أن الثابت في الدعوى من مستنداتها وما قدمه الطاعن من مستندات منها الحكم الجنائي الصادر في الدعوى الجنائية رقم 4 لسنة 1995 ف جرائم اقتصادية المودع صورة منه ملف الطعن أن المدعي – الطاعن – عرض أمواله للضياع بخطئه بالاتجار في النقد الأجنبي، وانتهى إلى رفض الدعوى على سند من إنه لا يجوز الاستفادة من فعله غير المشروع، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم سائغا وكافيا لحمل قضائه، ذلك أن ما قام به الطاعن يخالف القانون رقم 1 لسنة 1993 ف بشأن المصارف والائتمان، والذي حدد وحدة النقد في الجماهيرية بالدينار الليبي، وهى العملة الرسمية المتداولة وأن التعامل بالنقد الأجنبي لا يكون إلا عن طريق المصارف والجهات المرخص لها بذلك من مصرف ليبيا المركزي، ولا ينال من سلامة الحكم كون الطاعن كان مجني عليه في الدعوى الجنائية لأن الثابت من الحكم الجنائي ومحضر الضبط أن الشكوى التي تقدم بها تفيد أنه اشترى من آخرين عملة أجنبية ودفع مقابلها بالدينار الليبي على أن يتسلمها في تونس بما يكون معه الحكم قد طبق صحيح القانون.

وحيث إن النعي في بقية أوجهه غير سديد، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى تأسيسا على أن الثابت من الحكم الجنائي رقم 1533 لسنة 41ق و سجلات النيابة العامة رقم 95/14 جرائم اقتصادية المؤيد من قبل المحكمة العليا في قضية الطعن الجنائي رقم 4 لسنة 95 ق أن المستأنف – الطاعن – هو من تعامل في النقد الأجنبي – الدولار – وهو من اشترك في تلك الجريمة وسلم أمواله للطاعنين طواعية وعن طيب خاطر وهو من ساهم في السيناريو الخاص بها والمتسبب الأول والأخير في وقوعها بقصد الكسب السريع بالمخالفة للقانون، وهي وقائع ثابتة بالحكم الجنائي وبذلك فإن المستأنف لا يجوز له أن يصطنع وقائع أخرى، وكان ما ساقه الحكم على النحو المتقدم للتدليل على أن أساس الدعوى الذي فصلت فيه، هو العمل غير المشروع كاف لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى وبعدم إلزام المطعون ضده الأول – المصرف – بالضمان باعتباره مسؤولا عن تابعه طبقا للمادة 177 من القانون المدني استنادا إلى أن الطاعن كان قد ساهم في حصول الضرر بعمله غير المشروع، لأنه لا يجوز أن يستفيد المخطئ من خطئه، يكون قد طبق صحيح القانون بما يستوجب معه رفض الطعن برمته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وبالزام الطاعن بالمصروفات.