طعن مدني رقم 298/ 46ق
طعن مدني رقم 298/ 46ق
خلاصة المبدأ
- قضاء الحكم بالتعويض استنادا على الحكم الجنائي بثبوت ركن الخطأ صحيح قانونا – بيان ذلك.
- القضاء بسقوط الجريمة بمضي المدة- أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 93/22 مدني جزئي صبراتة ضد الطاعن طالبا إلزامه بدفع مبلغ مائة وخمسين ألف دينار تعويضا له عن الضررين: المادي، والمعنوي، وجاء في شرح دعواه أن المدعى عليه دين بتهمة انتهاك حرمة مسكنه، وأنه قد تضرر ماديا ومعنويا بسبب ذلك نتيجة ما لحق سمعته وشرفه من أذى، فضلا عن النفقات التي تكبدها جراء طلاقه زوجته وتشريد أطفاله ثم دخوله المستشفى للعلاج ؛ الأمر الذي حدا به إلى رفع دعواه تلك. ومحكمة أول درجة قضت بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغا قدره سبعة عشر ألف دينار تعويضا عن الضرر الذي لحقه، وقضت الدائرة الاستئنافية بمحكمة الزاوية الابتدائية في الاستئنافين المقامين من الطرفين بقبولهما شكلا، ورفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف، وتحميل كل منهما بمصاريف استئنافه.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.12.15، وأعلن بتاريخ 1999.4.17 فقرر محامي الطاعن بتاريخ 1999.5.7 الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم، ومودعا الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه، وأخرى الحكم الجزئي، وبتاريخ 1999.6.3 أودع مذكرة شارحة كما أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في 1999.5.26.
ولم يقدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه.
وأعدت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن خلصت فيها إلى قبوله شكلا، ورفضه موضوعاً، وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالبطلان، وبالقصور في التسبيب، وبالفساد في الاستدلال، وبيان ذلك:-
- أن الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه باطل ؛ إذ أنه صدر بتاريخ 1997.12.31، ولم تودع أسبابه إلا في 1998.2.11 أي بعد مضي مدة العشرين يوما المحددة لإيداعه حسب نص المادة 274 مرافعات، ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تقم بتصحيح هذا البطلان رغم أن الأمر يتعلق بالنظام العام، بل أيدته واتخذت من أسبابه أسبابا لحكمها فإن حكمها يغدو باطلا هو الآخر وهو ما يوجب نقضه.
- أن الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر أركان المسؤولية التقصيرية في حق الطاعن، بما يجعله قاصر الأسباب.
- أن الحكم اعتمد في إثبات الخطأ في حق الطاعن على الحكم الجنائي الصادر في الجنحة 89/206 والمؤيد استثنافيا، ولما كانت المحكمة العليا قد قضت في الطعن الجنائي رقم 40/215 المقام من الطاعن بنقض الحكم المطعون فيه وسقوط الجريمة التي دين بها الطاعن بمضي المدة، فإنه لم يعد للحكم الجنائي الصادر في الجنحة المشار إليها من أثر، بما يجعل الحكم المطعون فيه – وقد اعتمد عليه في قضائه -فاقد الأساس، ومن جهة أخرى فإن استناد الحكم المطعون فيه على الحكم الشرعي في الدعوى رقم 89/66 الذيقضى بثبوت طلاق المطعون ضده لزوجته لا يصلح هو الآخر دليلا على خطأ الطاعن وحصول الضرر في جانب المطعون ضده، كما أن المرض الذي أصاب المطعون ضده لم يكن نتيجة خطأ الطاعن، وإنما يرجع إلى أسباب صحيحة أخرى، ولكل ذلك يكون الحكم المطعون فيه معيبا بما يوجب نقضه.
ومن حيث إن النعي في وجهه الأول مردود ؛ ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لإيداعه بعد الميعاد هو من الدفوع الموضوعية، وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يسبق له إثارة هذا الدفع أمام المحكمة المطعون في حكمها، فإنه لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا.
ومن حيث إن النعي في وجهيه: الثاني، والثالث، غير سديد، ذلك أنه يبين من حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه دلل على قيام موجبات المسؤولية في حق الطاعن عن فعله الضار، وما نتج عنه من أضرار مادية ومعنوية بالمطعون ضده، وأشار إلى المستندات المقدمة في الدعوى ومنها حكم الإدانة الصادر ضد الطاعن في الجنحة رقم 89/206 صبراته، عن تهمة انتهاك حرمة مسكن المطعون ضده، والحكم الصادر من المحكمة الشرعية بصبراتة بإيقاع المطعون ضده الطلاق على زوجته بسبب ارتكاب الطاعن الجنحة المشار إليها، وتقرير طبي بشأن دخول المطعون ضده للمستشفى للعلاج، مما ألم به من مرض نتيجة المشاكل التي تعرض لها بفعل الطاعن، وبعد أن استعرض ما قدم من مستندات خلص إلى القول: (( وحيث إنه قد ثبت للمحكمة من مطالعة كافة الأحكام والمستندات التي تقدم بها المدعي – المطعون ضده –والتقارير الطبية المرفقة بملف الجنحة المذكورة سلفا أن الأضرار التي لحقت المدعي كانت بفعل المدعى عليه – الطاعن – وما اقترفه من أعمال تجاه كيان أسرة المدعي، فقيامه بانتهاك حرمة سكنه ومعاقبته عليها دليل على قيامه بها، مما ترتب عليه إلحاق أضرار بالمدعي، وانتهاء بعدم ثقته بزوجته لتردد شخص غريب عليها، واشتباهه بحصول علاقة غير مشروعة، مما جعله يقوم بطلاقها ويهد عش الزوجية الذي بناه بعد جهد جهيد، أضف إلى ذلك الأضرار التي لحقت بالمدعي وبقائه بالمستشفى طريح الفراش مما حدث له من عار، وانتقال خبر العلاقة غير المشروعة بين زوجة المدعي والمدعي عليه كانتقال النار في الهشيم، فإن المحكمة تطمئن إلى أن النتيجة التي لحقت بالمدعي كانت نتيجة تصرفات المدعى عليه، وارتباط علاقة السببية وقيامها ما بين الفعل والنتيجة ؛ ومن ثم فإن تصرفات المدعى عليه نتيجة مباشرة لها، وما تم عرضه من ارتباط الضرر الذي لحق بالمدعى ارتباط السبب بالمسبب، والعلة بالمعلول ؛ مما يستتبع مسؤولية المدعى عليه وفقاً لنص المادة 166 مدني دون الالتفات إلى ما صدر من المحكمة العليا بشأن القضية رقم 206 لسنة 1989ف، والتي قضت بقبول الطعن شكلا، ونقض الحكم المطعون فيه، وسقوط الجريمة المدان بها الطاعن بمضي المدة.. ).
ولما كان هذا الذي ساقه حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه في منطق سائغ وبما له من أصل ثابت بأوراق الدعوى، يتفق والتطبيق الصحيح للقانون ؛ ذلك أن القضاء بسقوط الجريمة بمضي المدة لا ينفي حصول الأضرار الناشئة عنها اللاحقة بالمجني عليه، ومن ثم فإن اعتماد الحكم المطعون فيه على إدانة الطاعن بموجب الحكم الجنائي الصادر في الجنحة رقم 89/206 المشار إليها، رغم قضاء المحكمة العليا بسقوط الجريمة المنسوبة للطاعن بمضي المدة، واعتباره أساساً لمسؤوليته عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمطعون ضده، من طلاقه لزوجته، وهدم كيان أسرته، واعتلال صحته، وما تعرض له من مساس بشرفه وسمعته، كنتيجة مباشرة لفعل الطاعن، لا يخالف القانون ؛ بما يتعين معه رفض الطعن برمته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصاريف.