طعن مدني رقم 210/ 45ق
طعن مدني رقم 210/ 45ق
خلاصة المبدأ
يكفي لصحة الحكم أن يصدر من ذات الهيئة التي تداولت فيه، ولا يشترط النطق به من ذات الهيئة التي أصدرته – أساسه.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1995/381ف أمام محكمة الزاوية الابتدائية بصحيفة اختصم فيها الطاعن، وأميني اللجنة الشعبية العامة واللجنة الشعبية العامة للصناعة بصفاتهم، وقال شرحاً لها: إنه تعاقد مع الشركة العامة للصناعات الكيماوية على أن تبيع له ألفاً وخمسمائة طن من مادة الصواد الكاوية التى تكون نسبة التركيز فيها (( 47,5% ))، وتعبئتها سائلة فى ناقلة بحرية وذلك بمبلغ إجمالي قدره [ 841,533 ] دل، تم تسديده بصك مصدق، مختلفة عن وقام بتصديرها إلى شركة تجارة المواد الكيماوية بتونس، وعند وصولها، وتسلمها تبين لها أن مواصفاتها تلك المتفق عليها حيث كانت نسبة التركيز فيها (( 47.3% ) مما أدى بالجهة التي صدرت لها الشحنة إلى عدم دفع قيمتها إليه، وإلى المطالبة بتخفيض السعر المتفق عليه إلى النصف، وانتهى إلى طلب الحكم على المدعى عليهم:
- بأن يدفعوا – له مبلغ [ 418,25,473 ] قيمة نصف ثمن الشحنة موضوع التعاقد.
- وبإلزامهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ [ 500000 ] ديل تعويضاً له عما لحقه من ضرر مادي ومعنوي بسبب إخلال المدعى عليه الثالث بشروط التعاقد.
- وإلزامهم بدفع مبلغ مائتي ألف دينار مقابل ما فاته من كسب جراء الإخلال بالالتزام والمحكمة المذكورة قضت بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي مبلغ مائتي ألف دينار تعويضاً له عما لحقه من ضرر مادي، وخمسين ألف دينار عن الضرر المعنوي يسبب إخلال المدعى عليه الثالث بالالتزام التعاقدي – ورفضت ما زاد على ذلك من طلبات. لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى أطرافه فاستأنفه المدعى ( المطعون ضده) بالاستئناف رقم 42/745 ق، واستأنفه أمينا اللجنة الشعبية العامة، وأمين اللجنة الشعبية العامة للصناعة »، المدعى عليهما الأول، والثاني »، بالاستئناف رقم 42/1099ق، والمدعى عليه الثالث ( الطاعن ) بالاستئناف رقم 42/1100ق، كل ذلك أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت:
أولاً: بقبول ترك المستأنف ( المطعون ضده)، لاستئنافه رقم 42/745ق بالنسبة للمستأنف عليهما أمينا اللجنة الشعبية العامة واللجنة الشعبية العامة للصناعات.
ثانياً: – بقبول الاستثنافات شكلاً، وفي موضوعها.
أولاً: فيما يتعلق بالاستئناف رقم 42/1099ق بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
ثانياً: وفيما يتعلق بالاستئناف رقمي 42/745، 42/1100 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف
” وهذا هو الحكم المطعون فيه” الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.1.26ف، وأعلن للطاعن بتاريخ 1998.4.1ف، وبتاريخ 1998.4.30ف قرر محامي الطاعن الطعن عليه بالنقض أمام قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم، ومودعاً الكفالة وسند الوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 1998.5.13 ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده إدارياً بتاريخ 1998.5.11ف، وبتاريخ 1998.5.17 ف أودع مذكرة شارحة، وحافظة مستندات، ثم بتاريخ 1998.6.8ف أودع أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية مذكرة بدفاع المطعون ضده مشفوعة بسند الإنابة، كما قدم حافظة مستندات، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً. وحيث إن الطاعن بصفته نعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان، ذلك أن الهيئة التي أصدرته مشكلة من المستشارين / محمد الحضيري الهمالي / وعبد السلام محمد العكروت / وخليفة أحمد البدوي / بتاريخ 1998.1.26ف، ولكن بالرجوع إلى محضر الجمعية العمومية لمحكمة استئناف طرابلس الصادر بتاريخ 1998.1.1ف، والذي بدأ العمل به من 1998.1.4 ف يبين منه أن الدائرة المدنية بالزاوية قد أعيد تشكيلها من مستشارين آخرين الأمر الذي لم يعد معه للهيئة السابقة صلاحية إصدار الحكم المطعون فيه، والنطق به من هيئة أخرى بالتاريخ المذكور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المادة 1/272 من قانون المرافعات نصت على أن: تجرى المداولة في الحكم سراً في غرفة المداولة التي تقتصر على القضاة الذين حضروا المرافعة… ألخ )) كما نصت المادة 275 مرافعات على أنه -: (يصبح الحكم علنياً بإيداعه قلم الكتاب من المحكمة التي أصدرته ألخ )، ومن هذين النصين يتضح أنه يكفي لصحة الأحكام أن تصدر عن ذات الهيئة التي نظرت الدعوى، وتداولت فيها وأصدرت حكمها فيها، وأما النطق بالحكم فهو نافلة لا تستوجبه نصوص القانون على ذات الهيئة التي أصدرته، بل يكفي أن يصبح الحكم علنيا بإيداعه قلم الكتاب من المحكمة التي أصدرته.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي نظرت الدعوى موضوع الطعن هي ذات الهيئة التي تداولت بها، وأصدرت حكمها فيها، ووقعت عليه – فإنه لا تثريب على هيئة أخرى أن تنطق به في اليوم المحدد للنطق به بما يجعل وصم الحكم بالبطلان لعدم النطق به من الهيئة التي أصدرته مقاماً على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أنه دفع أمام المحكمة المطعون على قضائها بأن شركة تجارة المواد الكيماوية بتونس قد أرسلت إليه خطاباً أقرت فيه بأن شحنة الصودا الكاوية قد تسلمتها، ودفعت قيمتها كاملة إلى تشاركية زوارة البحرية للاستيراد والتصدير، وقدم للمحكمة الخطاب المشار إليه لإثبات ما دفع به، إلا أنها استبعدته تأسيساً على أنه لا قيمة له في الإثبات رغم أن المطعون ضده لم ينازع في حجية هذه الورقة.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة، والمستندات المقدمة في الدعوى، واستخلاص ما تقتنع به إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ما استندت إليه مستخلصاً استخلاصاً سائغاً، وينتهي بمنطق سليم إلى النتيجة التي رتبت عليها حكمها.
وحيث إن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بما انتهى إليه على مستند مقدم من المطعون ضده وهو عبارة عن رسالة موجهة إليه من الشركة التونسية التجارة المواد الكيماوية بتاريخ 1995.4.22ف لا تحمل ختم الشركة المذكورة، ولا اسم موقعها، ولا صفته ضمنتها عدم استعدادها لدفع قيمة شحنة الصودا – الكاوية بالمبلغ المتفق عليه معه وتأمل تخفيضه إلى:- [ %50 ] لأنها اشترطت في العقد أن تكون نسبة التركيز فيها [ 47.5% | غير أنه بعد وصول الشحنة وتسلمها اتضح لها أن التركيز فيها كان بنسبة [ %47,3 ] الأمر الذي أدى به إلى رفع الدعوى، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين منه أن الطاعن بصفته قدم للمحكمة التي أصدرته رسالة من ذات الشركة التي يتعامل معها المطعون ضده صادرة بتاريخ 1996.5.8ف تفيد فيها الشركة المذكورة أنها قد تسلمت شحنة الصودا -، ودفعت قيمتها كاملة إلى تشاركية زوارة للاستيراد، الكاوية من الجهات المختصة والتصدير، إلا أن المحكمة استبعدت تلك الرسالة، ولم تعول عليها في دفع الطاعن بصفته لدعوى المطعون ضده تأسيساً على أن تاريخها جاء لاحقاً لتاريخ الحكم المستأنف، ولم يتضح بها شخص مصدرها، و مركزه في الشركة المذكورة كما أنها لم تكن مصدقة. حتى يؤخذ بها في مجال الاثبات.
وحيث إن هذا الذي أوردته المحكمة في حكمها المطعون فيه على نحو ما سلف لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.. / ذلك أنه بالاطلاع على أصل الرسالة المودعة في حافظة مستندات الطاعن والمؤشر عليها رسمياً بأنها كانت مطروحة أمام محكمة الموضوع يبين منها أنها صادرة عن الشركة التونسية لتجارة المواد الكيماوية بتاريخ 1996.5.8 ف، و تحمل ختم الشركة المذكورة، واقترن توقيع الشخص الذي أصدرها باسمه المقروء، وهي ولئن كان تاريخها لاحقا لتاريخ الحكم المستأنف إلا أن مضمونها لم يخرج عن موضوع الدعوى محل الحكم المذكور، فضلاً عن ذلك وأن المطعون ضده لم يدفع بعدم حجيتها.
متى كان ذلك، وكانت البيانات التي اشتملت عليها الرسالة التي تقدم بها الطاعن للمحكمة المطعون في قضائها لدفع دعوى المطعون ضده لم تكن متوافرة في الرسالة التي استظهر بها المطعون ضده أمام محكمة البداية لإثبات إخلال الطاعن بشروط الاتفاق، وعدم وفائه بالالتزام فإن حكم المحكمة المطعون في قضائها، وقد استبعد الرسالة المشار إليها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب، متعين النقض، دون حاجة إلى مناقشة بقية أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف الزاوية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات.