طعن مدني رقم 176/ 45ق
طعن مدني رقم 176/ 45ق
خلاصة المبدأ
الدعوى بتنفيذ التزام عقدي أو قانوني وجوب بحث سبب عدم الوفاء، تختلف ذلك – أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 1442 لسنة 1991 ف أمام محكمة طرابلس الابتدائية على الجمعية الطاعنة، وبقية المطعون ضدهم قائلاً في بيانها: إنه بصفته عضواً في الجمعية المدعى عليها اشترى منها قطعة أرض فضاء لبناء مسكن، ولما استعد للبناء فوجي بالاستيلاء على أرضه من قبل المدعى عليهم دون وجه حق، ودون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، ودون أن تخصص له قطعة أرض أخرى أو يعوض تعويضاً عادلاً، وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يخصصوا له قطعة أرض بديلة عن القطعة التي أخذت منه، وبأن يدفعوا له متضامنين مبلغ خمسة آلاف دينار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به، ومبلغ ثلاثمائة دينار من تاريخ رفع الدعوى حتى تسليم البديل، وقضت المحكمة بسقوط الدعوى بالتقادم، فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلاً، وبإلغاء الحكم المستأنف، وبقبول الدعوى، وبإلزام المستأنف عليهم بتوفير قطعة أرض للمستأنف بدلاً من قطعة الأرض التي أخذت منه، وبأن يدفعوا له مبلغ ثلاثة آلاف دينار تعويضا عن الضررين المادي، والأدبي، اللذين لحقا به.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1996.12.4ف، وتم إعلانه بتاريخ 1998.3.7ف، وقرر محامي الجمعية الطاعنة الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1998.4.4ف، مسدداً الرسم والكفالة، ومودعاً مذكرة بأسباب الطعن، وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ 1998.4.16ف أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده الأول يوم 1998.4.13ف، وإلى بقية المطعون ضدهم بتاريخ 1998.4.15ف، وبتاريخ 1998.5.14 ف أودع محامي المطعون ضده الأول مذكرة رادة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، ذلك أنه استند إلى أن المطعون ضده الأول قد دفع الثمن ولم يقم البائع بتسليم المبيع، مع أن الثابت أن الجمعية البائعة وضعت العقار تحت تصرف المشتري، ثم اعتدى عليه و نزعت ملكيته من جهات أخرى لا تربطها بالجمعية أية علاقة تبعية.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يتعين على المحكمة إذا ما رفعت إليها الدعوى بتنفيذ التزام عقدي أو قانوني، عيناً أو بطريق التعويض، أن تبحث سبب عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه، فإن تبينت أن الاخلال في جانب المدعى أو طرف أجنبي عن العلاقة بين الطرفين قضت برفض الدعوى في حق المدعي عليه، وإن ثبت لديها أن سبب عدم التنفيذ أو التأخير فيه عائد للمدعى عليه كان عليها أن تحمله تبعة ذلك، وأن تبنى كل ذلك على ما يحمله قانوناً وعقلاً، فإن هي قصرت في تقصي بحث الخطأ الذي سبب الضرر كان قضاؤها معيباً متعين النقض.
لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لخص واقعة الدعوى في أن الطاعن بصفته كان قد باع للمطعون ضده الأول قطعة أرض فضاء لبناء مسكن عليها ودفع الثمن بالكامل وشرع في البناء، إلا أنه فوجئ باستيلاء الجهات الإدارية عليها دون وجه حق ودون أن يخصص للمشتري قطعة أرض بديلة، أو يعوض تعويضاً عادلاً، وانتهى الحكم إلى توفير قطعة بديلة مع التعويض استناداً إلى (( أن من شروط العقد التزام المشتري بدفع الثمن إلى البائع والتزام البائع بتسليم المبيع ونقل الملكية إلى المشتري، وقد دفع المشتري الثمن ولم يقم البائع بتسليم المبيع ))، وهي عبارات مجملة لم تفصح على أن أمراً قد حال دون الوفاء، أو أن الطاعن بصفته قد تسبب فعلاً بتقاعس منه في عدم تسليم المبيع، ودون أن يورد الحكم من المبررات ما يؤيد ما انتهى إليه بإثبات أن للطاعن بصفته دوراً في عدم تنفيذ الالتزام بتسليم المبيع، ذلك أن الجهات الإدارية التي استولت على عقار المطعون ضده الأول لا تربطها بالجمعية الطاعنة أية علاقة تبعية لأنها تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن تلك الجهات، وإذ لم تتضمن أسباب الحكم ما يكفي لذلك فإنه يكون مخالفاً للقانون، وقاصر التسبيب، بما يتعين معه نقضه دون حاجة لمناقشة باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس، للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات.