طعن مدني رقم 109/ 46ق
طعن مدني رقم 109/ 46ق
خلاصة المبدأ
توافر الصفة في رافع الدعوى شرط لقبولها – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 937 لسنة 1995 ف أمام محكمة طرابلس الابتدائية على المطعون ضدهم، طالبا الحكم ببطلان الهبة التي تمت بين والده والمدعى عليهم الثلاثة الأول، وإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ عشرة آلاف دينار على سبيل التعويض، وقال شرحا الدعواه:- إنه يجوز قطعة الأرض المبيئة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وبتاريخ 1994.1.3ف علم أن الثلاثة الأول من المدعى عليهم قد تنازلوا عنها لبقية المدعى عليهم بزعم أن والدهم تنازل لهم عنها مع أن الهية لا تكون إلا بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة، وأن هذه الهبة لم تنفذ لأن الأرض موضوعها لا زالت في حيازته، فقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه ”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.11.4 ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999.1.27 ف، مسددا الرسم والكفالة، ومودعا مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ثم أودع – بتاريخ 1999.2.2ف – أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم: الرابع، والخامس، والسادس، في اليوم السابق كما أودع بتاريخ 1999.2.10ف أصل ورقة إعلان الطعن المعلنة إلى المطعون ضدهم للثاني والثالث يوم 1999.2.2ف وللأول يوم 1999.2.6ف، وفي يوم 1999.3.6 ف أودع محامي المطعون ضدهم: الرابع، والخامس، والسادس، مذكرة رادة بدفاعهم مشفوعة بسندات وكالته.
وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن عدلت عن رأيها إلى نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بعدم قبول الدعوى على سند من القول إن والد الطاعن لا يزال على قيد الحياة، ومن ثم فإن الطالب لم يصبح وارثا له بعد، وأن صاحب الرجوع في الهبة هو الوالد فقط وهو صاحب الحق في المطالبة ببطلانها مع أن الثابت أن والد الطاعن كان قد توفي بتاريخ 1994.5.28 ف حسب تقرير طبيب الصحة المرفق، والدعوى قد رفعت بتاريخ 1995.4.12 ف فضلاً عن أن المطعون ضدهم لا ينازعون في واقعة الوفاة.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المراد من وجوب توفر الصفة في الخصم سواء أكان مدعياً أم مدعى عليه حسب المستقر عليه هو أن تكون له مصلحة شخصية ومباشرة في رفع الدعوى، أو – بحسب تعبير المادة الرابعة من قانون المرافعات – أن تكون له مصلحة قائمة يقرها القانون، وأن ثبوت صفة الخصم كصاحب حق أو نائب عنه شرط القبول الدعوى.
ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب بطلان عقد هبة قطعة أرض كان والده قد وهبها بورقة عرفية لإخوته الذين تنازلوا عنها للمطعون ضدهم الآخرين، وقدم تأييداً لدعواه تقرير طبيب الصحة الذي يثبت أن والده قد توفي بتاريخ 1994.5.28ف إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن والده – وهو صاحب الحق في هذا الطلب – لا زال على قيد الحياة ولم يصبح الطاعن وارثاً بعد، كما أيده الحكم المطعون فيه على سند من القول: إن شرط كون المستأنف وارثاً لوالده ضمن المستأنف عليهم لم يكن متوافراً لديه، وأن التقرير الطبي الذي مفاده أن والدهم (…) قد توفي بتاريخ 1994.5.28 ف لا يغني عن استصدار حكم يقضي بثبوت وفاة والد الجميع وانحصار إرثه فيمن يستحقونه شرعاً بحيث يتضح عدد الورثة ونصيب كل وارث منهم.
وحيث إن ما أورده الحكمان: الابتدائي، والمطعون فيه لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهيا إليها من عدم صفة الطاعن في المطالبة ببطلان عقد الهبة الصادر عن والده تأسيساً على عدم تقديم الفريضة الشرعية، ذلك أن أساس الدعوى لم يكن مطالبة الطاعن بحقه في الإرث عن والده حتى يستلزم الأمر تقديم تلك الفريضة.
وحيث إن الشهادة الرسمية الصادرة عن طبيب الصحة التي قدمها الطاعن إلى المحكمة المطعون في حكمها تثبت وفاة والده بتاريخ سابق على رفع الدعوى فإنها تكون كافية لإثبات صفة الطاعن.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وانتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على رفعها من غير ذي صفة، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن قضاء الحكم على هذا النحو قد حجب المحكمة عن التصدي لموضوع الدعوى فإنه يتعين أن يقترن النقض بالإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.