أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 16/ 51ق

نشر في

طعن جنائي رقم 16/ 51ق

خلاصة المبدأ

  1. نقض الحكم في الدعوى الجنائية يستتبع بالضرورة نقضه في الدعوى المدنية التابعة – أساس ذلك.
  2. استظهار نية القتل يخضع لسلطة محكمة الموضوع.

الحكم

الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بتاريخ 1997.8.1 ف. بدائرة مركز شرطة أوباري:

  1. قتلوا عمدا مع سبق الإصرار والترصد المجني عليه (…)، وذلك بأن عقدوا العزم على قتله، ودبروا الوسائل اللازمة لذلك سيف وسكاكين ذوات حدين وعصا، ثم بحثوا عنه، وتربصوا له في الأماكن التي يتردد عليها، وعندما ظفروا به استولوا على سيارته، واستدرجوه لمكان الواقعة، حيث انهال عليه الثاني والثالث ضربا بالعصا وطعنا بالسكين ذات الحدين، ثم طعنه الأول طعنة قوية بالسيف أسقطته على الأرض، فألحقوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي على أثرها فارق الحياة، وذلك على النحو الوارد بالأوراق.
  2. حازوا وأحرزوا سلاحاً بدون ترخيص، وذلك بأن حازوا وأحرزوا سيفاً وسكاكين ذوات حدين، وعلى النحو الثابت بالأوراق.

وطلبت النيابة من غرفة الاتهام بمحكمة سبها الابتدائية إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بمقتضى نص المادة /1 من القانون رقم 6 لسنة 1423 بشأن أحكام القصاص والدية، والمواد 368، 369، 370 من قانون العقوبات والمادتين 2، 2/3 من القانون رقم 7 لسنة 1981 بشأن حيازة الأسلحة والذخائر والمفرقعات، والغرفة بعد أن تقدم أمامها كل من (….) وأبنائه…..،…) بصحيفة يدعون فيها مدنياً ضد الطاعنين طالبين إلزامهم بدفع مبلغ مائتي ألف دينار تعويضاً عن الأضرار الأدبية التي لحقت بهم قررت إحالة الدعويين إلى محكمة جنايات طرابلس التي نظرتهما، وأصدرت فيهما حكماً حضورياً:

أولاً: بمعاقبة المتهمين…،…،…) بسجن كل واحد منهم عشر سنوات، وبحرمانهم من حقوقهم المدنية مدة تنفيذ العقوبة وسنتين بعدها، وذلك عن التهمة الأولى، وببراءتهم من التهمة الثانية.

ثانياً: إلزام المحكوم عليهم بتعويض المدعين بالحق المدني عن الضرر الأدبي بواقع خمسة آلاف دينار لكل واحد منهم، ويرفض ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمت المحكوم عليهم بالمصاريف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2003.1.6 وفي اليوم التالي لتاريخ صدوره قرر المحكوم عليهم الطعن على الحكم بطريق النقض أمام ضابط السجن وبتاريخ 2003.1.30 تحصل محامي الطاعنين على شهادة من قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم بعدم إيداعه وبتاريخ 2003.2.26 أودع المحامي المذكور مذكرة بأسباب طعون الطاعنين لدى القلم السالف ذكره موقعة منه ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إخطار الطاعنين بالإيداع.

وبتاريخ 2003.2.1 قرر أحد أعضاء النيابة بنيابة سبها الطعن على الحكم بطريق النقض لدى القلم المذكور وبتاريخ 2003.2.2 تحصلت النيابة العامة من القلم السالف بيانه على شهادة بعدم إيداع الحكم وأخطرت بالإيداع بتاريخ 2003.2.27 فأودع أحد أعضائها مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى ذات الجهة، بتاريخ 2003.3.3 قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها رأت فيها قبول الطعون شكلاً ورفضها موضوعاً.

حددت جلسة 2006.1.31. لنظر الطعون وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ونظرت الدعوى على النحو المثبت بمحضر الجلسة ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

من حيث إن الطعون استوفت كافة الأوضاع الشكلية المقررة في القانون، ومن ثم فهي مقبولة شكلاً.

وحيث إنه وبغض النظر عما ينعى به بقية الطاعنين من غير النيابة فإنه مما تنعى به النيابة العامة على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم القانون، والقصور في التسبيب، حيث كيفت المحكمة المطعون على قضائها الواقعة بأنها ضرب أفضى للموت، في حين أن الأدلة والوقائع تؤكد أن ما قام به المطعون ضدهم يشكل جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد كما قيدتها بها النيابة العامة وأحالتها بها غرفة الاتهام، وذلك أخذاً من الأدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة، وهي سيف

وسكاكين لها حدان، ومن الأماكن التي تم الطعن فيها من جسم المجني عليه، وهي مواطن قاتلة – الصدر – الكبد – وقطع الأوعية الدموية، وحسبما هو وارد بالتقرير الطبي الشرعي، وما ثبت من شهادة الشهود، إلا أن المحكمة خالفت ذلك كله، وأثبتت في أسباب حكمها تبريراً لتكييفها للواقعة أن الطعنات والضربات التي لحقت بالمجني عليه لم تكن بالشدة التي تنبى على نية القتل، ومما يؤكد توافر نية القتل ما غضت المحكمة الطرف عنه من منع المطعون ضدهم للشهود الحاضرين من الاقتراب من المجني عليه وإسعافه، بأن قاموا بتهديد بعض الشهود، وقاموا بضرب الآخرين عندما حاولوا إبعادهم عن المجني عليه واستمروا في ضربه وطعنه حتى خارت قواه وسقط يتخبط في دمه، كما أن المحكمة خالفت ما هو ثابت بالتقرير الطبي الشرعي من أن سبب الوفاة كانت نتيجة إصابة المجني عليه في مواضع قاتلة، وهي جرح قطعي في المعصم الأيمن والمرفق الأيمن حتى ظهور العظم، وجرح ثقي في الجهة اليمنى من الصدر في مستوى الضلع التاسع، والجرح ممتد إلى الكبد، وجرح ثقي في الكبد – كل ذلك يؤكد القتل العمد عند المطعون ضدهم، كما أن المحكمة وقعت في تناقض عندما نفت وجود نية القتل، وأثبتت سبق الإصرار والترصد من إعداد المطعون ضدهم للأسلحة واستدراجهم للمجني عليه وطعنه طعنات نافذة بتلك الأسلحة، وهو ما يؤكد وجود تلك النية، وهو ما يجعل حكمها معيباً بما يوجب نقضه

وحيث إن الواقعة كما صورها الحكم المطعون فيه تجمل في قول المحكمة: وحيث إن واقعة الدعوى تخلص وفق ما تفصح عنه أوراقها أنه في اليوم السابق على يوم الواقعة حصل خلاف بين المجني عليه والمتهم الثالث (…) حول اتهام الأول للثاني بأنه يعاكس أخواته، وأسفر ذلك عن ثقب إطارات مركبة المتهم الثالث الخلفية. الأمر الذي أثار حفيظة المتهم الثالث وبعد إصلاح الإطارات المعطوبة ذهب وأحضر إخوته المتهمين الأول والثاني وبحثوا عن المجني عليه، إلا أنهم لم يجدوه، وفي صباح اليوم الثاني حضر ثلاثتهم وبحثوا عن المجني عليه الذي حضر صدفة إلى حيث كانوا يتواجدون، وعندما لاحظ المجنى عليه سوء نيتهم فر إلى مسكن والده، إلا أن المتهمين لحقوا به ووجدوا مركبته الآلية متوقفة أمام منزل والده حيث ركبها المتهم الأول وقربها من القرية التي يقيمون بها حيث نزل المجني عليه كي يستعيد مركبته إلا أن المتهمين اشتبكوا معه وانهالوا عليه ضرباً بالعصا وطعنا بالسكين. وقد حاول من حضر مع المجني عليه تخليصه منهم، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك، لأن المتهمين ضربوا البعض وهددوا البعض الآخر، فأصيب المجني عليه بإصابات نقل على أثرها إلى المستشفى حيث فارق الحياة، وقرر الطبيب الشرعي في تقريره أن سبب الوفاة هبوط بالقلب والتنفس ناتج عن جرح بالمعصم الأيمن والمرفق الأيمن وجرح وثقب في الجهة اليمنى من الصدر متضمنا الكبد)).

ثم أورد الحكم وهو بصدد تبرير تغيير الوصف من القتل العمد إلى الضرب المفضي للموت قوله ( وعن التهمة الأولى، وحيث إن النيابة العامة قد أسندت للمتهمين تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وحيث إن جريمة القتل العمد يلزم لقيامها فضلا عن القصد الجنائي العام قصد خاص، وهو نية إزهاق الروح، وحيث إن النية من مكنونات النفس، وإنما يستدل عليها من المظاهر الخارجية السابقة أو المعاصرة لارتكاب أفعال الجريمة، وحيث إن المتهمين وإن استعملوا أدوات في شأنها الإيذاء، إلا أن الضربات والطعنات لم تكن بالشدة التي تنبئ عن نية القتل، كما أنها لم توجه للأماكن التي من شأنها إحداث القتل كما يفيد ذلك تقرير الطبيب الشرعي، ومن ثم فإن القدر المتيقن، والذي تطمئن له المحكمة أن الواقعة تشكل جريمة الضرب أو الجرح المفضي للموت)).

لما كان ذلك، ولئن كان تقدير قيام نية القتل أو عدم قيامها أمراً موضوعيا تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى ووقائعها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الوقائع والظروف التي أثبتتها المحكمة وأسست رأيها عليها، من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبتها عليها فإذا كان ما أورده الحكم في هذا الشأن لا يستند إلى فهم صحيح للواقعة وليس مستمداً من أصولها الثابتة في الأوراق، وكانت العبارة التي أوردها الحكم تبريراً لانتفاء نية القتل لدى المطعون ضدهم مبهمة وغامضة ومجافية لوقائع الدعوى وواقع الثابت بالأوراق فإنه يكون قاصر البيان وفاسد الاستدلال. وكان ما أورده الحكم في هذا الصدد، وكما سلف بیانه، مخالفاً لما هو ثابت من تقرير الطبيب الشرعي المرفق بالأوراق، والذي جاء به تفصيل الإصابات التي لحقت بالمجني عليه من أنها جرح قطعي 8.5 سم في منطقة المعصم الأيمن والعظام مكشوفة والأنسجة الرقيقة والأوعية الدموية مقطوعة وجرح قطعي 7 سم في مفصل المرفق الأيمن المفصل مكشوف والزند الأيمن مقطوع وكل الأنسجة الرقيقة والأوعية الدموية مقطوعة وجرح طعني ثقبي في الجهة اليمنى من الصدر في مستوى الضلع (9) في المنطقة الجانبية والجرح ممتد إلى الكبد، ويوجد جرح طعني ثقي في الكبد، ويوجد دم في التجويف البريتوني “، ولم تورد المحكمة هذه الإصابات وهي تقدر شدة الطعنات التي استنتجت منها عدم توفر نية القتل، ولم تقل كلمتها فيها مما يتعين معه نقض الحكم، وإعادة الدعوى إليها للفصل فيها مجدداً.

وحيث إن الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تستمد مقومات وجودها من الدعوى الجنائية وتسير معها وجوداً وعدماً، ومن ثم فإن نقض الحكم في الدعوى الجنائية يستتبع بالضرورة نقضه في الدعوى المدنية التابعة لها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعون شكلاً، ونقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به بشأن التهمة الأولى، وإعادة الدعوى بشقيها الجنائي والمدني إلى محكمة جنايات طرابلس لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.