قضية الطعن الإداري رقم 57/389 ق
بجلستها المنعقدة علنا صباح يوم الثلاثاء 30 ربيع الآخر 1437 هجرية الموافق: 2016.2.9 ميلادية بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس.
الحضور
برئاسة السيد الأستاذ المستشار: د.نورالدين علي العكرمي ” رئيس الدائرة ” وعضوية المستشارين الأستاذين: نصرالدين محمد العاقل، محمود محمد الصيد الشريف.وبحضور المحامي العام بنيابة النقض السيد الأستاذ: إسماعيل سالم جهان.ومسجل المحكمة السيد موسى سليمان الجدي.
الملخص
أصدرت الحكم الآتي في قضية الطعن الإداري رقم 57/389 ق المقدم من:
- أمين مؤتمر الشعب العام بصفته.
- أمين اللجنة الشعبية العامة للتخطيط والمالية بصفته.
- أمين اللجنة الشعبية العامة بصفته.
- أمين اللجنة الشعبية العامة لجهاز المراجعة المالية بصفته.
- أمين اللجنة الشعبية العامة لجهاز التفتيش والرقابة الشعبية بصفته “تنوب عنهم إدارة القضايا”
ضد:
(…..)
“وكيله المحامي/ خليفة ذياب” عن الحكم الصادر من محكمة استئناف طرابلس- الدائرة الإدارية – بتاريخ 2010.6.8 في الدعوى الإدارية رقم 2008/139.بعد الإطلاع على الأوراق، وتلاوة تقرير التلخيص، وسماع المرافعة الشفوية و رأي نيابة النقض والمداولة
الوقائع
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 139 لسنة 2008 أمام الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف طرابلس ضد الطاعنين بصفاتهم طالبة إلغاء القرارين رقمي 158، 159 السنة 2008 الصادرين من أمين اللجنة الشعبية لجهاز المراجعة المالية بإلزامه وآخرين بترجيع مبالغ مالية محددة وبصفة مستعجلة وقف تنفيذهما وجاء في شرح دعواه أنه يعمل موظفا- أمين اللجنة الشعبية للصحة بشعبية ترهونة ومسلاته سابقا وتقديرا منه لتوفير المستلزمات والمستحضرات الطبية بالمرافق الصحية والمستشفيات قام بإصدار أوامر تكليف بتوريدها عن طريق التشاركيات الوطنية وفي نهاية سنة 2005 قام بحجز المبالغ المخصصة للتوريد بإصدار صكوك مالية وإيداعها خزينة اللجنة الشعبية للمالية لكي يتفادى عدم تمكن الشركات من توريد كامل المستلزمات الطبية، ثم خاطب أمين المالية للشعبية بعدم صرف أي صك منها أو تسليمه للشركات الموردة إلا بعد الإفادة منه كتابية بتمام التوريد، وبتاريخ 2006.2.26 نفذت تلك التوريدات وتم استلامها وصرفها على المرافق الصحية والمستشفيات وفقا لحاجة كل منها، إلا أن جهاز المراجعة المالية بالشعبية قام بمراجعة توريدات قطاع الصحة بها، واستدعى الطاعن للاستفسار والذي قدم كل التوضيحات والمستندات المتعلقة بأذونات واستلام المواد الموردة للقطاع، إلا أن المطعون ضده الرابع أصدر القرارين محل الطعن-الأول-بإلزامه وآخرين بترجيع مبلغ وقدره تسعة عشر ألفا وأربعمائة واثنان وثلاثون دينارا.والثاني بإلزامه وآخرين بترجيع مبلغا قدره تسعة وخمسون ألف ومائتان وسبعة وعشرون دينارا، وانتهى إلى قبول طعنه شكلا وفي الموضوع تمسك بطلباته المبينة أعلاه، والمحكمة بعد أن فصلت في الشق المستعجل نظرت الموضوع وقضت فيه بإلغاء القرارين الإداريين المطعون فيهما.وهذا هو الحكم المطعون فيه.
إجراءات الطعن
الإجراءات صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ2010.6.8 م، وأعلن في 2010.7.31، وبتاريخ 2010.9.26 م قررت إدارة القضايا الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا وأودعت مذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وصورة من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 2010.10.7م أودعت أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بموطنه المختار في 2010.10.2 م، وبتاريخ 2010.11.6م أودع محامي المطعون ضده مذكرة دفاع مشفوعة بسند وكالته.وأودعت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا ونقض الحكم المطعون فيه وفي الدعوى الإدارية رقم 139 لسنة 2008 استئناف طرابلس برفضها.وبتاريخ 2013.5.26قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت نيابة النقض برأيها وحجزت الدعوى للحكم لجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا وحيث تنعى الجهة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله والقصور في التسبيب وبيان ذلك:
- انه اعتبر القرارين المطعون فيهما قد صدرا دون بيان الأسباب بما يجعلهما فاقدي ركن السبب، وهو ما يخالف الأصل، وأن الإدارة غير ملزمة أن تفصح عن أسباب قرارها إلا إذا ألزمها القانون ذلك، كما أن الأصل قيام القرارات الإدارية على سبب صحيح يبرر صدورها قانونا، إلى أن يثبت المدعي العكس، وأن أسباب القرار غير مشروعة، ولما كان القراران قد صدرا من المختص بإصدارهما، وقاما على سبب صحيح، وهو ما جاء بديباجتهما بعبارة (وما عرضه الأخ مدير الإدارة العامة لفحص حسابات الأمانات وعلى ما تقتضيه المصلحة العامة) ولو أن المحكمة قامت بفحص المستندات المقدمة وهي تمارس رقابتها القانونية على صحة القرارات الإدارية وما تضمنته من مخالفات مالية ومن اعتراف للمطعون ضده صراحة بمحضر جمع الاستدلالات بارتكابه مخالفة توريدات وهمية وصرف مبالغ مالية دون وجه حق، وشهادة الشهود بذلك الاستظهرت السبب ولكان حكمها غير ما انتهت إليه والذي جاء قاصرة في بيانه متعين النقض.
- أنه أغفل دفاع الجهة الطاعنة بشأن عدم صفة الطاعنين الثاني والثالث والخامس في الدعوى وهو دفع جوهري كان على المحكمة إيراده والرد عليه إذ لا علاقة لأمين اللجنة الشعبية العامة بموضوع الطعن فهو لا يملك إشراف إدارية على جهاز المراجعة المالية وهو لا يتبعه وإنما يتبع أمانة مؤتمر الشعب العام-سابقا- كما لا علاقة لأمين جهاز التفتيش والرقابة الشعبية ولا صفة له في الدعوى وجاء الحكم المطعون فيه مخ بحق الدفاع جديرة بالنقض.
وحيث إن الوجه الأول من النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر أن القرار الإداري سواء أكان لازمة تسبيبه كإجراء أو لم يكن لازما يجب أن يقوم على سبب يبرره إذ هو ركن من أركانه ويؤدي تخلفه إلى بطلانه لعيب في سببه.وحيث ولئن كان أمين اللجنة الشعبية العامة بجهاز المراجعة المالية سابقا هو المختص بإصدار قرارات استرجاع الأموال العامة أو الإلزام بدفع التعويضات عنها إلا أن قراره يجب أن يقوم على سبب يبرر صدوره، وهو توافر الضوابط المحددة بالقانون..وهو ما أشارت إليه الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 2007 بشأن إنشاء وتنظيم جهاز المراجعة المالية التي بينت اختصاص أمين الجهاز: (بإصدار قرارات استرجاع الأموال ودفع التعويضات وفقا للضوابط المحددة بالقانون).لما كان ذلك وكان القانون المذكور قد حدد هذه الضوابط بالمادة (13) والتي جرى نصها على أنه (للجهاز أن يقرر إلزام أي موظف في الجهات الخاضعة لمراجعته أو أي شخص مكلف بخدمة عامة بدفع أي مبلغ يرى أنه صرفه أو أمر بصرفه من الأموال العامة دون وجه حق أو بالمخالفة للقواعد المقررة، أو أن يدفع تعويضا عما ترتب على المخالفة من ضياع الأموال العامة أو خسارة أو تلف للمخزونات أو الممتلكات أو غير ذلك من الأضرار التي تلحق بالدولة أو إحدى الجهات الخاضعة لمراجعة الجهاز بسبب إهماله أو فعله العمدي، ويحدد القرار مقدار ذلك التعويض، ولمن صدر في حقه القرار المذكور أن يطعن فيه أمام القضاء الإداري.).فإن مقتضى النص المذكور أن الأمين الجهاز إذا تبين له من خلال ما يجريه الجهاز من عمليات فحص ومراجعة مالية وما يقوم به من تفتيش على المخازن والخزائن العامة والحسابات للجهات العامة الخاضعة لمراجعته، وجود صرف للمال العام أو أمر به من الشخص المكلف أو الموظف المسئول عنه دون وجه حق، أو أنه نفذه بالمخالفة للقواعد المقررة قانونا أن يعمل على إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الصرف المخالف، وله أن يصدر قرارا يلزم فيه ذلك المسئول بإرجاع المبلغ المصروف، أو أن يصدر قرارا بإلزامه دفع تعويض عما ترتب عن المخالفة من ضياع المال العام أو تضرره بأي صورة من الصور إذا ماأسفرت عمليات الفحص والمراجعة التي قام بها الجهاز أن ذلك حدث نتيجة إهمال ذلك المسئول أو نتيجة فعله العمدي.
ومفاد ما تقدم أنه متى ما تضمن قرار أمين الجهاز قيامه على حالة من تلك الحالات المبينة في نص المادة (13) المذكورة أو استشفت المحكمة توافرها فيه من واقع الدعوى وأدلتها المطروحة، كان القرار قائمة على سبب يبرر صدوره، وإن افتقد ذلك كان مفتقرا لركن السبب معرضة للإلغاء، سواء أكان قد أحال في ديباجته- كما ورد بوجه النعي.إلى عرض مدير الإدارة العامة لفحص الحسابات أو إلى محضر الضبط أو إلى أي وثيقة أخرى أو لم يكن، طالما أنه خلا مما يدل على قيامه على أحد الضوابط المقررة بالمادة (13) على نحو ما سلف من بیان لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وأقام قضاءه بإلغاء القرارين المطعون فيهما على سند من القول: ((الأمر الذي يترتب عليه أن الإدارة ملزمة بأن تضمن قرارها بالإرجاع المبررات والأسباب التي تفيد عدم أحقية صرف المال العام في حالة صرفه، وأن يكون هذا الصرف مخالفة للقواعد المقررة تشريعية ولائحية، وحيث إن القرارين المطعون فيهما قد خليا من بيان الحالة الواقعية والقانونية التي أملت على أمين الجهاز إصدارهما حيث اقتصر على إلزام الطاعن وآخرين برد المبالغ المالية المدرجة فيهما دون بيان أو إفصاح عن أسباب، فإن هذين القرارين وبهذه الصورة فقدا رکنا جوهرية لقيام كل منهما، وهو السبب مما يجعلهما جديرين بالإلغاء، ولا يسعف هذه الإدارة في الرد على ذلك ما ورد بديباجة القرارين المطعون فيهما من أن صدورهما قد اقتضته المصلحة العامة))، فإن ما ساقه الحكم يصلح لحمل قضائه ومتفقة والتطبيق الصحيح للقانون وله أصله الثابت بالأوراق ومما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل الأمر الذي يكون النعي عليه غير قائم على أساس ويتعين رفضه.
وحيث إنه عن الوجه الثاني من النعي فهو غير سديد أيضا، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الحكم الصادر بشأن طلب وقف التنفيذ يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة لما فصل فيه من مسائل فرعية تتعلق باختصاص المحكمة وقبول الدعوى، ولا يجوز المحكمة القضاء الإداري أن تعود عند نظر طلب الإلغاء فتفصل فيه من جديد لأن حكمها الأول نهائي وليس مؤقت.ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها قضت في طلب وقف التنفيذ المقدم من المطعون ضده بقبول الطعن شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه لا يجوز لها أن تفصل مجددا في مسألة الصفة محل نعي الجهة الطاعنة لتعلقها بقبول الطعن شكلا والتي سبق لها وأن قضت فيه بحكم نهائي عند نظر الشق المستعجل ومن ثم يكون النعي في هذا الوجه لا محل له حرية بالرفض.
الحكم
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.
- المستشار د.نورالدين علي العكرمي رئيس الدائرة.
- المستشار نصر الدين محمد العاقل عضو الدائرة.
- المستشار محمود محمد الصيد الشريف عضو الدائرة.
- مسجل المحكمة موسى سليمان الجدي.