أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 452/ 45ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 452
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 31 مايو 2003

طعن مدني رقم 452/ 45ق

خلاصة المبدأ

استيلاء جهة الإدارة على العقار دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها القانون يعتبر غصبا له – الأساس القانوني للتعويض عنه – بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 95/76 مدني كلي جادو ضد الطاعنين طالبا إلزام المدعى عليهم متضامنين بتسليمه قطعة أرض صالحة للاستغلال عوضا عن أرضه التي استولوا عليها، وبدفع مبلغ مائتي ألف دينار كقيمة تقديرية لتلك الأرض، وبدفع مبلغ مائة وثمانين ألف دينار كتعويض عن حرمانه من الانتفاع بالأرض، وبدفع مبلغ ثمانية آلاف دينار كريع سنوي للأرض من تاريخ الاستيلاء عليها، مع المصاريف وجاء في شرح دعواه: انه يملك قطعة أرض بمنطقة الزنتان مبينة الحدود والمعالم، الت إليه بطريق الشراء بتاريخ 1974.11.23، وقد كان يستغلها في الحرث والرعي، وأن المدعى عليهم استولوا على تلك الأرض أثناء غيابه عن المنطقة، وأقاموا عليها مركزا للتدريب المهني واستراحة ومركزا للضمان الاجتماعي دون استصدار قرار بنزع الملكية للمنفعة العامة وتعويضه تعويضا عادلا، وأنه لما كان الاستيلاء على أرضه يعد غصبا يخوله المطالبة بالتعويض، فإنه أقام دعواه بالطلبات المبينة فيما تقدم. ومحكمة أول درجة قضت بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم.وألزمت رافعها المصاريف، وقضت محكمة استئناف طرابلس الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بقبوله شكلا، وببطلان الحكم المستأنف لإيداعه بعد الميعاد، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي مبلغا قدره سبعة وثلاثون ألفا ومائتان وعشرون دينارا قيمة الأرض موضوع الدعوى، وبأن يدفعوا له مبلغ خمسة عشر ألف دينار مقابل التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت المدعى عليهم بالمصاريف عن الدرجتين.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.5.11، وأعلن بتاريخ 1998.8.16، فقرر أحد أعضاء إدارة القضايا بتاريخ 1998.9.15 الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وأودع مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 1998.9.29 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 1998.9.24.

ولم يقدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه.

وأعدت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن خلصت فيها إلى قبوله شكلا ورفضه موضوعا، وبالجلسة صممت النيابة على رأيها.

الأسباب

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلا.

ومن حيث إن ما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، من وجهين:-

  1. إن الحكم المطعون فيه استدل على ملكية المطعون ضده لعقار النزاع بوثيقة عرفية وشهادات إدارية لا تصلح سندا لإثبات الملكية العقارية، و أسس قضاءه بالتعويض على أحكام المسؤولية التقصيرية واصفا فعل جهة الإدارة بالخطأ، والاستيلاء غير المشروع على عقار النزاع، رغم أنه قد آل إلى الدولة بموجب القانونين رقمي 78/4 و84/21، والعقار عبارة عن أرض فضاء، لا تصلح لأعمال الزراعة والحرث والبناء في آن واحد، كما يدعي المطعون ضده، ولم يكن المطعون ضده يقيم فيها منذ سنة 1977 حتى سنة 1989، كما ورد بصحيفة دعواه، ثم إنه لم يتقدم بالإقرار المنصوص عليه في القانون للاحتفاظ بالعقار المذكور، الأمر الذي يبرر اعتبار جهة الإدارة أن ذلك العقار زائد على حاجته، بما لا يسوغ معه اعتبار ما قامت به غصبا لعقار الغير. ولذا فلا يستحق المطعون ضده تعويضا إلا عن الأرض وفقا للتسعيرة المحددة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخالفا للقانون، وفاسد الاستدلال.
  2. إن الحكم المطعون فيه قد قدر التعويض المحكوم به عن الضررين المادي والمعنوي، بمبلغ واحد، دون بيان نصيب كل منهم، ولما كان تقديره للتعويض عن الضرر معيبا، حيث لم يبين عناصر ذلك الضرر بل أورد عبارة عامة مفادها أن المدعي قد لحقه ضرر مادي تمثل فيما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، دون أن يسترشد بظروف الدعوى التي يبين منها أن أرض النزاع لم تكن أرضا زراعية، ولم يكن بها غراس أو أشجار مثمرة تدر دخلا على المطعون ضده، بل كانت أرض فضاء آلت إلى الدولة بقوة القانون، الأمر الذي يصم الحكم بعيب القصور في التسبيب، ولكل ذلك يكون مستوجبا للنقض.

ومن حيث إن الوجه الأول للطعن في غير محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا استولت جهة الإدارة على عقار جبرا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها القانون رقم 116 لسنة 1972، فإن ذلك يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسؤوليتها عن التعويض، وأن التعويض في هذه الحالة هو تعويض عن ضرر نشأ عن عمل غير مشروع، وهو غير التعويض الذي قرره المشرع بموجب أحكام القانون رقم 6 116 لسنة 1977 بتنظيم التطوير العمراني، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أثبت حق انتفاعه بالأرض محل الدعوى حتى تاريخ استيلاء جهة الإدارة عليها، وذلك بموجب المستندات التي قدمها للمحكمة، التي تتمثل في وثيقة شراء عرفية مؤرخة 1974.11.23 وشهادة إدارية صادرة بتاريخ 1995.11.23 تفيد اثبات ملكيته للأرض المذكورة، وشهادة من اللجنة الشعبية لبلدية يفرن بتاريخ 1977.8.10 تفيد الموافقة على تقسيم الأرض لغرض البناء عليها، ومن جهة أخرى أشار الحكم في مدوناته إلى أن المطعون ضده أثبت إنشاء مشروعات عامة على أرضه تابعة للجهات المدعى عليها، دون إتباع إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة ؛ حيث قدم شهادة من بلدية يفرن تقيد تضرره من إقامة مشروع استراحة وطريق عام في الأرض العائدة له، كما قدم شهادة من القسم الفني تفيد عدم حصوله على التعويض مقابل تلك الأرض، وشهادة من رئيس قسم التخطيط العمراني تفيد عدم وجود قرار بنزع ملكيتها، وخلص الحكم من ذلك كله إلى أحقية المطعون ضده في تقاضي تعويض عن أرضه التي تم استيلاء جهة الإدارة عليها دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ثم قدر التعويض المستحق عن تلك الأرض على أساس موقعها ومساحتها والسعر السائد للمتر.

وإذا كان قضاء الحكم المطعون فيه – بناء على ما تقدم يجده سنده فيما قدم في الدعوى من مستندات وكان تقديره للتعويض المستحق للمطعون ضده عن أرضه التي تم الاستيلاء عليها دون اتباع الإجراءات الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة قد تم في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وبمراعاة معايير موضوعية للوصول إلى التقدير العادل الجابر للضرر، ودون أن تكون هناك تسعيرة محددة للأرض في المنطقة التي تقع بها أرض المطعون ضده، كما تدعي جهة الإدارة، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفا للقانون أو قاصر التسبيب، بما يتعين معه رفض هذا الوجه من الطعن.

ومن حيث إنه عن الوجه الثاني للطعن فهو في محله، ذلك أن تعيين العناصر المكونة للضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض، فإذا قضت المحكمة بالتعويض بصورة مجملة، دون أن تبين كنه عناصر الضرر، فإن حكمها يكون معيبا بالقصور في أسبابه الواقعية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، بعد أن قضى بتعويض المطعون ضده بمبلغ سبعة وثلاثين ألفا ومائتين وعشرين دينارا قيمة أرضه التي استولت عليها جهة الإدارة، قضى له بمبلغ خمسة عشر ألف دينار كتعويض شامل عما لحقه من ضرر مادي، وبرر قضاءه في هذا الخصوص بقوله ( ونظرا لأن المدعي قد لحقه ضرر مادي تمثل فيما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، وضرر معنوي جراء المعاناة النفسية الناتجة عن الاعتداء على الملكية المقدسة التي يحميها القانون، بدون اتباع الطرق والوسائل التي تحمي حقوق الأفراد، لذلك تقدر المحكمة التعويض الذي يمحو آثار الضرر بمبلغ خمسة عشر ألف دينار… ) وكان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض عن الضرر المادي بصورة مجملة دون بيان عناصره، وهو عيب يمتد إلى تقدير التعويض بكامله، لعدم إمكانية التجزئة بين التقديرين عن الضررين: المادي، والمعنوي، بما يكون معه التسبيب، وهو ما يوجب نقضه الحكم المطعون فيه مشوبا بعيب القصور في هذا الشق

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من إلزام الطاعنين بدفع مبلغ خمسة عشر ألف دينار للمطعون ضده تعويضا له الأضرار المادية والمعنوية ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وإلزام المطعون ضده من المصاريف المناسبة.