طعن إداري رقم 9/ 46 ق
طعن إداري رقم 9/ 46 ق
خلاصة المبدأ
تأسيس الشركة على خلاف القواعد المقررة في القانون التجاري لتأسيس الشركات المساهمة، يجعلها شركة عامة أساس ذلك – أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعنون الدعوى الإدارية رقم 24/92 ق أمام الدائرة دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس طالبين إلغاء القرار رقم 24/95 ميلادية، وبصورة مستعجلة وقف تنفيذه، وقالوا شرحا لدعواهم. إنه قد صدر قرار اللجنة الشعبية العامة 90/710 المعدل بالقرار رقم 90/1041 بإنشاء شركة طرابلس للاستثمارات ببلدية طرابلس، ثم صدر قرار من اللجنة الشعبية العامة (سابقا) تحت رقم 90/2546 بإصدار النظام الأساسي للشركة، وقد اشترى الطاعنون أسهما في هذه الشركة بعدد متفاوت، وبدأت الشركة في ممارسة نشاطها التجاري إلا أنهم فوجئوا بتاريخ 24/6/21 بمحاولة اقتحام رجال الشرطة لمقر الشركة بحجة أنهم مكلفون بتنفيذ قرار صادر عن المطعون ضده الأول يقضي بحل الشركة، الأمر الذي حدا بالطاعنين إلى رفع الدعوى سالفة البيان، ومحكمة استئناف طرابلس بعد أن نظرت الدعوى قضت برفضها.
وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998/11/23 وقرر محامي الطاعنين الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، نيابة عنهم وبتاريخ 98/1/21 أودع سند الإنابة ومذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة أخرى شارحة أحال فيها على تلك الأسباب، كما أودع صورة رسمية، من الحكم المطعون فيه ثم أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما بتاريخ 99/1/31 وسددا الرسم والكفالة المقررين.
وقدمت جهة الإدارة مذكرة رادة بدفاعها كما قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني، انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
أسباب الطعن
ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وحاصله أن الحكم المذكور قد خالف القانون التجاري والقانون رقم 92/9 ف بشأن مزاولة الأنشطة الاقتصادية اللذين حددا كيفية حل الشركات المساهمة وأسباب حلها قبل انتهاء أجلها، غير أن المحكمة المطعون في قضائها اعتبرت الشركة التي يساهم فيها الطاعنون شركة عامة يجوز للجنة الشعبية العامة حلها، وهذا اجتهاد لا سند له، بالإضافة إلى أن المحكمة قد اعتمدت في قضائها بصحة القرار على ما نسب المدير الشركة من تصرفات، وهذا علاوة على عدم صحته لا علاقة له بحل الشركة، كما أن القرار الذي أيدته المحكمة مبنى على سبب لم يكن مطروحا على المحكمة، الأمر الذي يعد مخالفة لما استقر عليه الفقه والقضاء.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المتطلبة قانونا فهومقبول شكلا.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه قد خالف أحكام القانون التجاري، حيث قضى بصحة قرار اللجنة الشعبية على غير أساس من القانون، ذلك لأن الواضح من الاطلاع على التشريعات من المنظمة للشركة أنها شركة عامة قد تم إنشاؤها على خلاف القواعد المقررة في القانون التجاري لتأسيس الشركات المساهمة التي تشترط أن يكون التأسيس بعقد رسمي، وإلا كان باطلا فقد تم إنشاء هذه الشركة بقرار اللجنة الشعبية العامة، كما أن النظام الأساسي قد صدر عن غير الجمعية العمومية للشركة، بل بموجب قرار من اللجنة الشعبية لبلدية طرابلس، بالإضافة إلى ما تضمنه القرار من أن تدار الشركة بلجنة شعبية وفقا لأحكام قانون اللجان الشعبية، ومن المعلوم أن هذا القانون لا يسري إلا على الجهات العامة والشركات العامة، كما أن الذي يدار بلجان شعبية هذه الجهات والشركات، علاوة على أن كيفية تكوين الجمعية العمومية للشركة يتفق مع تكوين الجمعيات العمومية للشركات العامة التي تشكل الجمعية العمومية فيها من موظفين وليس من الأشخاص المالكين للأسهم وحيث أن تشكيل الجمعيات العمومية للشركات العامة على النحو السالف بيانه لا يبيح لها أن تتصدى للبت في الأمور الجوهرية مثل حل الشركة، لأن هؤلاء الأعضاء لا يعدو أن يكونوا موظفين تم اختيارهم للمساهمة في رسم سياسة الشركة دون أن يمتد ذلك إلى حلها، فهم خاضعون للجهات التي عينتهم لهذه المهمة، والجهات التي عينتهم خاضعة هي الأخرى لمن أصدر القرار باعتباره الممثل القانوني الحقيقى لمالك الأسهم، وهو الدولة، فاللجنة الشعبية العامة باعتبارها الرئيس الإداري الأعلى تملك من الصلاحيات في شان الشركات المملوكة للدولة ما لا يملكه أعضاء الجمعية العامة للشركة العامة بالطريقة المتبعة في اختيار هؤلاء الأعضاء، بل إنها تملك ما لا يملكه الممثلون للجهات المساهمة في الشركات العامة، لأن هؤلاء الممثلين خاضعون أيضاً لإشراف اللجنة الشعبية العامة باعتبارها الممثل القانوني الأعلى الذي أسند إليه التصرف في أمور الأشخاص القانونية العامة والخاصة المملوكة للدولة، كما أنها تعتبر الرئيس الأعلى أيضا لمن أصدر النظام الأساسي للشركة وبالتالي تستطيع أن تصدر من القرارات ما يخالف الأحكام الواردة في هذا النظام، خاصة إذا كان هذا النظام يتعارض مع نصوص قانونية آمرة، وحيث إن مظاهر وخصائص الشركات العامة في النصوص المنظمة للشركة واضحة أيضا من إسناد مهام المراقبة إلى جهاز التفتيش والرقابة الشعبية، لما كان ذلك فإن شركة طرابلس للاستثمارات تخضع للأحكام التي تخضع لها الشركات العامة، ولا تسري عليها الأحكام المتعلقة بالشركات الخاصة المماثلة إلا فيما نص عليه صراحة القرارات المنظمة لها، وبشرط ألا يخالف النصوص الآمرة ذات الصلة.
لما كان ذلك فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من القضاء بصحة قرار حل الشركة مستندا في ذلك إلى اعتبارها من الشركات العامة يكون قد وافق صحيح القانون.
ولا ينال من هذا النص على أن الشركة تمارس نشاطها وفقا لأحكام القانون التجاري والقوانين المكملة له، فإن هذا النص إنما يعني أن تنتهج الشركة الأسلوب التجاري لما يمتاز به من مرونة على خلاف التعقيدات الروتينية التي تنتهجها الإدارة العامة عادة، غير أن ذلك ينبغي أن يكون في الحدود التي لا تصطدم مع الأحكام المنصوص عليها في قرار الإنشاء، لأن تسرية أحكام القانون التجاري على الشركة إنما كانت بناء على نص في هذا القرار، كما أن هذا النص قد أصبح دارجا في كافة الأشخاص الاعتبارية العامة مثل الهيئات والمؤسسات والأجهزة العامة وبالتالي فلا يترتب عليه إخراج الشركة من الشركات العامة التي تدار بلجان شعبية والقول بضرورة تطبيق أحكام القانون التجاري على الشركة من جميع الوجوه، بما في ذلك إنشاؤها وحلها يؤدي إلى أن يكون قرار الإنشاء متناقضا مع نفسه، وهذا لا يجوز، لأنه يتنافى مع قواعد التفسير الصحيحة للتشريع التي توجب أن يتم تفسير النصوص على النحو الذي لا يؤدي إلى تناقضها، كما لا ينال من هذا النظر وصف الشركة بأنها مساهمة، لأن الشركات العامة قد تأخذ هذا الوصف أيضا، فتكون شركة مساهمة وعامة في ذات الوقت متى كانت أسهمها مملوكة كليا أو جزئيا للدولة.
وحيث كان الأمر كذلك فإن جميع المناعي التي آثارها الطاعنون على الحكم المطعون فيه تكون في غير محلها الأمر الذي يستوجب طرحها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضـوعا.