Skip to main content

طعن مدني رقم 149/ 50ق

نشر في

طعن مدني رقم 149/ 50ق

خلاصة المبدأ

  1. التقرير بالاستئناف شفويا – شرط صحته.
  2. حالة تعدد الأسباب المؤدية للضرر العبرة بالسبب الفعال – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعنون الدعوى رقم 283 لسنة 1999م أمام محكمة البيضاء الابتدائية مختصمين هيئة التأمين الطبى التي حلت محلها شركة ليبيا للتأمين قالوا شرحاً لها: إن مورثهم تعرض لحادث سير نتج عنه إصابات في الرأس، وأخرى في رجله اليسرى ترتب عليها تهشم العظم وتمزق الأنسجة، والجلد، والأوعية، وقد جرى تضميد جراحه في الرجل دون الوقوف على حالة الساق، ولمدة يومين بمستشفى البيضاء، ثم تبين للأطباء تفاقم الحالة بسبب إنتشار البكتيريا، ورأوا نقله إلى مستشفى بنغازي، وقد فارق الحياة هناك…. وانتهوا إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع لهم مبلغ ثلاثمائة ألف دينار تعويضا عن الضرر الموروث، وبأن يدفع لكل واحد منهم مبلغ خمسين ألف دينار عن الضرر المادي، وثلاثين ألف دينار عن الضرر المعنوي وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليها شركة ليبيا للتامين بأن تدفع للمدعى الأول مبلغ خمسة وخمسين ألف دينار، ولكل واحد من المدعين الثاني والثالثة، والرابعة، والخامسة مبلغ خمسة عشر ألف دينار تعويضا لهم عما لحقهم من ضرر مادي، ومعنوي، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.

فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 164 لسنة 2000 م أمام محكمة استئناف الجبل الأخضر التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.

وهذا هو الحكم المطعون.

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 18-12-2002 م، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه وبتاريخ 13-12-2003 م قرر محامى الطاعنين الطعن فيه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم، ومودعاً الكفالة، وسندات التوكيل ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه وبتاريخ 200323 م أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده بصفته في اليوم السابق وبتاريخ 29-2003 أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضده بصفته. وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها..

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فإنه يكون مقبولا شکلا.

وحيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه البطلان، والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال من الوجوه الاتية:

الوجه الأول: دفع الطاعنون أمام المحكمة المطعون في قضائها ببطلان الاستئناف تأسيساً على أن الحكم الأبتدائي قد أعلن للشركة المطعون ضدها بتاريخ 17-7-2000م، وقررت الطعن عليه بالاستئناف الشفوي في 16-8-2000 م، ولم تقدم صحيفته إلا في 2000-9-18 م إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفع، وقضت بقبول الاستئناف شكلا مخالفة بذلك قواعد التقرير بالاستئناف الشفوى، والمواعيد الذى حددتها المادة 315 من قانون المرافعات.

الوجه الثاني: قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى أخذاً بالنتيجة التي انتهى إليها المجلس الطبي في تقريره من أن هناك تقصيراً في إحضار الأمصال المناسبة، ويتحمل مسؤوليته المرفق الصحي دون العمل بالنتيجة التي انتهي اليها المجلس المذكور من الأخذ على الفريق الطبي بمستشفى البيضاء عدم عنايته بالساق [ الرجل اليسرى للمضرور. الأمر الذى يرتب عليه المسؤولية الطبية.

الوجه الثالث:- إن المحكمة المطعون في حكمها تركت العمل بتقرير المجلس الطبي المختص بتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية، ونصبت نفسها خبيراً في مسألة فنية محضة، وهو مما لا يجوز لهاالخوض فيه.

الوجه الرابع: ذهبت المحكمة المطعون في حكمها إلى القول بأن السبب المباشر للوفاة لم يرجع إلى الإهمال في علاج الساق، وإنما للإصابة الشديدة بالرأس ؛ وهو خطأ منها في فهم القانون إذ – إن التقرير الطبي أخذ على الفريق الطبي عدم عنايته بالساق الرجل اليسرى للمضرور وهذا كاف لقيام مسؤولية الفريق الطبي فضلاً عن أن شهادة الوفاة ثبت بها أن الوفاة كانت بسبب تسمم الدم وانتشارالبكتيريا، وبالتالي فإن عدم العناية الكافية بالساق هو السبب المباشر في حدوث الوفاة. الوجه الخامس: ذهب الحكم المطعون فيه إلى القول بأن التقرير الطبي قطع بأن السبب المباشر للوفاة يعود فقط للإصابة بالرأس، ولم يشك المستأنف عليهم بشأنها من الفريق الطبي بأي شيء، وهو منه مجانبة للصواب إذ – إن النتيجة النهائية التي توصل إليها المجلس الطبي في تقريره هي الأخذ على الفريق الطبي عدم العناية الكافية بالساق الأمر الذى يرتب عليه المسؤولية الطبية، ولم يقل المجلس الطبي في تقريره إن السبب المباشر في حدوث الوفاة هوالإصابة في الرأس، وإنما هو عدم العناية الكافية بالساق. وحيث إن النعي في الوجه الأول غير سديد // ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه إذا إتبع في رفع الاستئناف طريق التقرير به شفويا في قلم كتاب المحكمة المستأنف حكمها فإنه يكفي لصحته أن يحصل التقرير به خلال الثلاثين يوما المقررة للاستئناف – أما ما يتبع ذلك من الإجراءات المتعلقة بإعلان الاستئناف، وقيده بالجدول فهي من الأمور التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها البطلان.

لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الطعن أن الحكم الابتدائي تم إعلانه للطاعن بصفته في 17-7-2000م، وقرر الطعن فيه بطريق الاستئناف الشفوي في قلم كتاب المحكمة الابتدائية المستأنف حكمها بتاريخ 16-2000م، فإنه من ثم يكون الاستئناف قد حصل التقرير به شفويا خلال الثلاثين يوما المقررة للاستئناف مبتدأة من اليوم التالي للتاريخ الذى حصل فيه إعلان الحكم الابتدائي طبقا للمادة 16 من المرافعات، وهو ما يتعين معه القضاء بقبوله شكلا، وإذ – التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مشوبا بما رماه الطاعنون به، ويتعين قانون رفض هذا الوجه من النعي.

وحيث إن جميع الوجوه الباقية من النعي في غير محلها // ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المعيار في تحديد المسؤولية عند تعدد الأسباب المؤدية إلى الضرر يكون بتحديد السبب الفعال المنتج منها في إحداث الضرر دون السبب العارض، ولو اقترن به.

وحيث إن الحكم المطعون فيه اثبت في مدوناته ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من أن وفاة مورث الطاعنين تعود إلى خطأ الفريق الطبي المعالج بمستشفى البيضاء المتمثلة في عدم تأكده من مدى سريان الدورة الدموية برجله اليسرى، والعمل على منع انتشار البكتيريا، وتسمم الدم مما يتوافر به ركن المسؤولية، وأنه قضى تأسيسا على ذلك بتعويض الطاعنين عما لحقهم من ضرر مادي ومعنوي جراء وفاة مورثهم…. ثم قضت المحكمة المطعون في حكمها بإلغاء الحكم الابتدائي، ورفض الدعوى مؤسسة قضاءها على قولها: [ فقد قطع التقرير الطبي أن السبب المباشر للوفاة يعود فقط لإصابة الرأس الشديدة، ولم يشك – المستأنف عليهم ” الطاعنون في شأنها من الفريق الطبي شيئا، وكانت المسؤولية تجاه الفريق الطبي لا تقوم إلا بتوافر أركانها وهي الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية، وكان الثابت أن وفاة مورث المستأنف عليهم ” الطاعنين ” لا تعود للخطأ في معالجة الساق، وليس ثمة علاقة سبية بين هذا الخطأ والوفاة، وكانت المسؤولية لا تقوم إلا باجتماع عناصرها الثلاثة فإن تخلف إحدها فلا محل للقول بقيامها… فلا يسأل المستأنف بصفته ” المطعون ضده ” عن واقعة وفاة مورث المستأنف عليهم” الطاعنين ” لمجرد دخوله المستشفى يعالج من عدة إصابات كانت إحدها القاتلة، ولوحدها دون أن تشاركها إصابة الساق التي تفاقمت حالتها بسبب غياب المصل اللازم، وهو شأن لاصلة للفريق الطبي بوقوعه بل يعود ذلك لمسؤوليات المرفق الصحي، والتي لم تكن مطروحة على بساط البحث واستطردت المحكمة المطعون في حكمها تقول: إنه متى استقام الأمران لديها فإنه لا سبيل على المستأنف بصفته ” المطعون ضده في شأن تعويض المستأنف عليهم ” الطاعنين ” لانقطاع صلة الفريق الطبي بإصابة الرأس التي أودت بحياة المضرور… ] – وكان الثابت من صورة تقرير المجلس الطبي رقم 479 لسنة 2002 م المودعة ملف الطعن والمؤشر عليها رسميا بما يفيد أنها كانت معروضة على المحكمة المطعون في حكمها أن الأصابات التي لحقت جسم مورث الطاعنين جراء الحادث متعددة و جسيمة بما فيها الإصابة بالرأس، والدماغ والإصابة التي بالساق من حيث الكسور، وتهتك الأنسجة، العصبية، والدموية، والجلد، والعظم، وأن ما قام به الطبيب المعالج عند استقباله الحالة كان سليما من حيث الاسعاف الأولى بما فيها السوائل، والدم، والدواء، ولعدم وجود المصل الخاص بالبكتيريا الغازية لم يتمكن الفريق الطبي المعالج بمستشفى البيضاء من إعطائه للمريض، وهذا تلام عليه الإدارة الطبية بالمستشفى المذكور لعدم توفيرها المصل المطلوب، ولم يتم تثبيت الرجل المكسورة، ولو بتثبيت خارجي مؤقت حتى تتبين حالة سريان الدم في الساق من عدمها أو بترها في الحال…. كما ورد بالتقرير أن الحالة المرضية بعد الحادث كانت سيئة جداً مما استوجب بتر الرجل لاحقا أما إصابة الرأس فكانت شديدة جداً، وهي السبب في الوفاة – فإن ما انتهت إليه المحكمة المطعون في حكمها من أن السبب الفعال، والمنتج في الدعوى الذى أدى إلى وفاة مورث الطاعنين على نحو ما سلف بيانه هو الإصابة الشديدة في الرأس، ولم يشك الطاعنون في شأنها من الفريق الطبي بأي شي يكون كافيا لحمل قضائها، ولا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، أو شاب حكمها قصور في التسبيب، أو فساد في الاستدلال….. ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعنون بشأن عدم عناية الفريق الطبي بالساق // ذلك أنه، وإن كان المجلس الطبي قد أخذ على الفريق الطبي عدم عنايته الكافية بالساق، ورتب عليه المسؤولية الطبية – إلا أنه لم يرجع الوفاة إلى هذا السبب، وإنما أرجعها إلى الاصابة الشديدة بالرأس، والتي اعتبرتها المحكمة هي السبب الفعال المنتج في إحداث الضرر، ومن ثم فإن الطعن يكون مقاما على غير أساس متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وبالزام الطاعنين بالمصروفات.