طعن مدني رقم 207/ 44ق
طعن مدني رقم 207/ 44ق
خلاصة المبدأ
وجوب توافر شروط دعوى منع التعرض مجتمعة، تدليل الحكم على توافرها – أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1993/289ف أمام محكمة غريان الجزئية ضد الطاعنين وآخرين، قال بياناً لها: إن لديه قطعة أرض مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى كانت في حيازة والده وانتقلت إليه وهي حيازة هادئة وواضحة ومستقرة حتى سنة 1975 حين استلمها مشروع قدم الجبل الغربي، وأعيدت إليه سنة 1989ف وقد سبق له رفع الدعوى رقم 90/248 ضد أشخاص تعرضوا لحيازته، وقضت فيها المحكمة بإلزام المدعى عليهم بعدم التعرض له في حيازته، إلا أن الطاعنين تعرضوا لحيازته رغم أنهم كانوا شهوداً في الدعوى السابقة ولم يذكروا في شهادتهم أن لهم أرضاً، وانتهى إلى طلب ضم ملف الدعوى السابقة لهذه الدعوى وإلزام الطاعنين بعدم التعرض لحيازته، وبتاريخ 1996.5.10ف قضت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 1996ف أمام محكمة غريان الابتدائية التي قضت فيه بإلغاء الحكم المستأنف، المستأنف ويمنع ضدهم من التعرض للمستأنف في حيازته للأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1997.2.5ف، وأعلن للطاعن الثالث بتاريخ 1426.3.6ف، وبتاريخ 1997.4.5ف قرر محامي الطاعنين الطعن عليه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم، ومودعاً الكفالة، وسند وكالته، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وحافظة مستندات، وأودع بتاريخ 1997.4.21ف أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 1997.4.12ف، وبتاريخ 1997.4.26ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مرفقاً بها سند وكالته، وحافظة مستندات، وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن عدلت عن رأيها إلى الرأي برفض الطعن.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، من عدة وجوه:-
- أن القانون اشترط في الحيازة، موضوع دعوى منع التعرض، أن تكون ظاهرة ومستمرة وهادئة وقد وجدت محكمة أول درجة أن هذا الشرط غير منطبق على الدعوى فأحالتها إلى التحقيق وسمعت أقوال الشهود، وانتقلت إلى العقار وعاينته، ووجدت به منشآت للطاعنين، وبالتالي انتهت إلى رفض الدعوى بأسباب سليمة.
- أن المحكمة استندت إلى نص المادة 395 بشأن سلطة القاضي في استنتاج القرائن، وهو أمر مخالف للقانون لأن الحيازة واقعة مادية تثبت بكافة طرق الإثبات، والاعتداء عليها أيضاً يجب إثبات تاريخه وهي أمور لا يمكن إثباتها بالقرائن.
- أن شهادة الطاعنين في واقعة أخرى، التي اعتمدت عليها المحكمة، لم تكن تخص العقار موضوع الدعوى كما أن قول المحكمة بأن الشروط الشكلية والموضوعية في الدعوى قد توافرت، لا يبين معه قصد المحكمة من هذه الشروط.
- إن المطعون ضده أقر بأن الأرض كانت ضمن مشروع زراعي ثم أعيدت له، وأن هناك نزاعاً بينه وبين آخرين بشأنها بما تكون معه حيازته لها غير هادئة، وأن شروط دعوى منع التعرض غير متوفرة في حقه وقد عجز عن إثباتها.
وحيث إن جميع هذه المناعي في غير محلها، ذلك أن المستفاد من نص المادة ( 965 ) من القانون المدني أن الحيازة التي حماها المشرع بدعوى التعرض هي الحيازة الخالية من العيوب، بحيث تكون قد استمرت سنة كاملة، وتكون علنية وهادئة وغير غامضة، وأن ترفع دعوى منع التعرض خلال السنة التالية لوقوعه، وهي شروط استلزم المشرع وجودها مجتمعة، ولا يغني توافر بعضها عن البعض الآخر.
لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى وبمنع الطاعنين، ( المستأنف ضدهم من التعرض للمطعون ضده (المستأنف) في حيازته للأرض موضوع الدعوى تأسيساً على توافر شروط الحيازة حيث أورد قوله: ((… وحيث إن الدعوى قد توافرت فيها الشروط الشكلية والموضوعية المنصوص عليها بالمادة 965 مدني، حيث ثبت أن المستأنف ( المطعون ضده ( هو الحائز للأرض بطريقة هادئة وواضحة لمدة أكثر من سنة منذ أن استلمها من المشروع الزراعي، وبعد صدور حكم لصالحه ولم ينازعه المستأنف ضدهم ( الطاعنون ( في حيازته، وحين تعرضوا له رفع الدعوى خلال السنة التالية للتعرض الواقع بتاريخ 1993.9.15ف ومن ثم يكون جديراً بالحماية المقررة بالقانون ))، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المطعون ضده هو الحائز للأرض منذ أن تسلمها من المشروع الزراعي بتاريخ 1989.10.30ف وفقاً لما هو مبين بمحاضر التسليم، وأن الطاعنين غير حائزين لأن المطعون ضده سبق له رفع دعوى منع تعرض ضد آخرين، وكان الطاعنون شهوداً في تلك الدعوى ولو كانوا حائزين لذكروا ذلك في حينه، أو تدخلوا في تلك الدعوى، أو انضموا للمدعى عليهم فيها لحماية حيازته، فإن ما أورده الحكم على هذا النحو كاف للتدليل على حيازة المطعون ضده للعقار وتوافر شروط دعوى منع التعرض بما يكون معه النعي في جميع ما تضمنه على غير أساس جدير بالرفض ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعنون من أن شهادتهم في دعوى سابقة رفعها المطعون ضده لا تخص الأرض موضوع النزاع، حيث إنه لا يبين من أوراق الطعن أو يدلل الطاعنون على سبق إثارة هذا الدفع أمام محكمة الموضوع، وبالتالي لا يجوز طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبإلزام الطاعنين بالمصروفات.