طعن مدني رقم 215/ 46ق
طعن مدني رقم 215/ 46ق
خلاصة المبدأ
- دعوى منع التعرض، يلزم لصحتها توافر الحيازة بعناصرها تخلف ذلك أثره.
- يجب الا تمس دعاوى الحيازة أصل الحق المتنازع عليه، مخالفة ذلك أثره.
الحكم
الوقائع/ تخلص الواقعة في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1997/33 ف أمام محكمة سوق الجمعة الجزئية بصحيفة أعلنت إلى الطاعن، قائلا فيها: إنه يجوز قطعة الأرض المبيئة الحدود والمعالم بالصحيفة ( سائية ) وقد تعرض له المذكور بأن منعه من المرور من الطريق الخاص بالمزرعة وذلك ببناء سور بالطريق بشكل تعذر عليه معه الدخول إلى منزله، وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام المعني عدم التعرض له في حيازته، وتعويضه عما لحق به من أضرار مادية ومعنوية بمبلغ عشرة آلاف دينار، وبأن يدفع له مبلغ عشرين دينارا عن كل يوم تعرض بداية من تاريخ وقوعه وحتى الفصل في الدعوى، وبإزالة السور والعوائق، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى، وقضت محكمة شمال طرابلس الابتدائية في الاستئناف المرفوع من المدعي بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه عدم التعرض للمستأنف، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام المستأنف عليه المصاريف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1999.1.25، وأعلن بتاريخ 1999.3.15ف وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999.4.8، مسددا الرسم، ومودعا الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، صورة من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الجزئي، وحافظة مستندات، و بتاريخ 1999.4.13 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 1999.5.16 أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه وحافظة مستندات وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، ونقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شکلا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، ذلك أنه قضى بمنع التعرض دون إثبات حيازة المدعي للعقار حيازة هادئة مستمرة خالية من العيوب، واستند في قضائه إلى العقد المبرم بين الطرفين، الذي يحدد عرض الممر بأربعة أمتار في أرض المدعي، وثلاثة أمتار ونصف في أرض المدعى عليه، وهو ما لا يجوز قانونا لأن العقد شريعة المتعاقدين، ويمتنع اتخاذه سبيلا لرفع دعوى منع التعرض بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمنع التعرض على قوله: ((… ويؤخذ من إفادات الشهود أن المدخل كان مستعملا من الطرفين منذ سنوات ولدى قيام المستأنف ببناء سياج وأراد الفتح عليه منعه المستأنف عليه والذي – بالرجوع إلى الصورة المرفقة منه – تبين أنه يقضي بأن يكون الممر في أرض المستأنف بعرض أربعة أمتار وفي أرض المدعى عليه ثلاثة أمتار ونصف، وهذا يعني أن الجزء المتنازع عليه كان مستعملا ولا ينتهي الممر في بداية أرض المستأنف عليه وبالتالي فمنع المستأنف من المرور منه بعد تعرضا له يتعين منعه إلى حين حسم النزاع في أصل الحق وديا أو قضائيا… )). وبيين من هذا الذي أورده الحكم أنه لم يتضمن بيان عناصر دعوىزمنع التعرض من حيازة هادئة مستمرة خالية من النزاع قبل التعرض، واستند في قضائه على أقوال الشهود التي لم تثبت قيام تلك العناصر وعلى الاتفاق المبرم بين الطرفين الذي حدد عرض الممر وأنهى النزاع بشأنه، وهو ما لا يجوز إذ أنه متى كان التعرض ناجما عن عدم تنفيذ عقد كان على المدعي أن يطالب المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه بدعوى تستند إلى العقد لا إلى الحيازة، كما أن استناد الحكم إلى العقد في دعوى الحيازة يتضمن قضاء فيها على أساس ثبوت الحق، ونفيه، وهو محظور وفقا لنص المادة 45 من قانون المرافعات، وفضلا عن ذلك فإن الجمع بين أقوال الشهود وبين الاتفاق على تحديد وضع الممر محل النزاع يجعل من المتعذر معرفة ما إذا كان الحكم قد فصل في دعوى الحيازة بناء على اعتقادها بتوافر شروطها وعناصرها القانونية، أم بناء على أن الاتفاق قد حسم الخلاف بين الطرفين وأعطى الحق للمطعون ضده في المرور، وهو ما يجعل الدعوى مطالبة بتنفيذ التزام متفق عليه على نحو يخرجها من مفهوم دعاوى الحيازة التي هي وسيلة لحماية وضع اليد في ذاته، دون أن تمس اصل الحق أو تستند إليه، مما يضم الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ويوجب نقضه، دون حاجة إلى مناقشة باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة شمال طرابلس الابتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.