Skip to main content

طعن مدني رقم 178، 258/ 45ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 178
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 22 مارس 2003

طعن مدني رقم 178، 258/ 45ق

خلاصة المبدأ

  1. إغفال الحكم بيان عناصر الضرر أثره.
  2. صدور حكم قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة – شرط قبول الطعن فيه.

الحكم

الوقائع/ تخلص الواقعة في أن المطعون ضده في الطعن رقم 45/178ق أقام الدعوى رقم 65-1989 ف أمام محكمة مصراتة الابتدائية بصحيفة أعلنت إلى الطاعنين، قائلاً فيها: إن تابعي المدعى عليهما هدما حظائر لتربية الدواجن مملوكة له عام 1989ف بدعوى أنها تقع ضمن ارتداد الطريق العام دون استصدار حكم بإزالتها، وأتلفوا معداتها وحرموه من دخلها رغم أن أنشأها قبل إنشاء الطريق، وانتهى إلى طلب الحكم بإلزامهما أن يدفعا له مبلغ تسعة وستين ألفا وثمانمائة وأربعة وخمسين دينارا قيمة المباني والمواد والآلات، ومبلغ الفين وخمسمائة دينار شهريا من تاريخ الهدم حتى الفصل في الدعوى بحكم نهائي تعويضاً عما فاته من كسب مقابل استغلال المباني التي هدمت، ومبلغ ثلاثين ألف دينار تعويضاً عما أصابه من ضرر ادبي جراء الهدم، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى، وقضت محكمة استئناف مصراته في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف عليهما بصفتيهما أن يدفعا للمستأنف مبلغ أربعين ألفا وسبعمائة وعشرين دينارا تعويضا شاملا، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام المستأنف عليهما المصروفات المناسبة عن الدرجتين.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.1.21ف، وليس في الأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1998.4.5 ف نيابة عن الطاعنين في الطعن رقم 45/178ق بصفتيهما، مودعاً مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1998.4.23ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 1998.4.16ف و بتاريخ 1998.5.21ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه وحافظة مستندات، وقرر محامي الطاعن في الطعن رقم 45/258ق الطعن في الحكم بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1998.5.27ف مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، وحافظة مستندات، وبتاريخ 1998.6.4ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما في اليوم السابق، وبتاريخ 1998.7.5 ف أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع المذكورين، وأعدت نيابة النقض مذكرتين في الطعنين أبدت فيهما الرأي بقبولهما شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعنين أصرت على رأيها، وقد جرى ضم الطعنين لوحدة المحل والسبب والخصوم، ليصدر فيهما حكم واحد.

الأسباب

حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما المقررة في القانون، فهما مقبولان شكلاً.

وحيث ينعى الطاعنان بصفتيهما في الطعن رقم 45/178ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وبيان ذلك:-

  1. أنه قضى بالتعويض دون بيان الأسس والعناصر المكونة له، ولم يتحقق من وقوع الضرر الموجب للتعويض، ذلك أن جهة الإدارة قامت بإنذار المطعون ضده بضرورة إخلاء العقار قبل الإزالة وهو ما ينفي المسئولية عن الطاعنين، حيث اتبعا الإجراءات التي رسمها القانون قبل الإزالة، وعليه – فإنه حتى على فرض وجود ضرر فإنه لا يقع على عاتقهما لانقطاع علاقة السببية، ولأن الضرر هو خطأ المطعون ضده.
  2. أنه أسس قضاءه على تقرير الخبرة رغم بطلانه لصدوره عن خبير واحد بالمخالفة لنص المادة 24 من القانون رقم 72/116 بشأن التطوير العمراني.
  3. أنه قضى بالتعويض تأسيساً على عدم وجود مسوغ قانوني يبيح الإزالة رغم تأكيده على أن المبنى المزال واقع في مجال ارتداد الطريق العام، ولم يأخذ في اعتباره أن المبنى مقام دون ترخيص، ويشكل اعتداء على الطريق العام لوقوعه في مجال ارتداده، وأن التشريعات أجازت لجهة الإدارة إزالة المباني الواقعة في ارتداد الطريق العام دون حاجة إلى صدور حكم أو أمر من القضاء، وفق ما هو وارد بنص المادة 29 من القانون رقم 32 لسنة 1977ف المعدل للقانون رقم 5 لسنة 1969 ف بشأن 392 مجموعة أحكام المحكمة العليا تخطيط وتنظيم المدن والقرى، كما أن المادة 17 من القانون الأخير لم تلزم الدولة بالتعويض عن إزالة المباني المقامة دون ترخيص.
  4. أنه أسس قضاءه بالتعويض على أن المبنى المزال مقام قبل إنشاء الطريق، في حين أن التشريعات تجيز الإزالة في حال وجود طريقمقترح كما أنه أخذ بمستندات المطعون ضده و طرح مستندات الطاعنين مستندات رسمية لا يمكن الطعن عليها إلا بالتزوير، ولكل ذلك وهي فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

وينعى عليه الطاعن في الطعن رقم 45/258ق القصور في التسبيب ذلك:-

  1. أنه بالرغم من تقريره ثبوت المسئولية في حق المطعون ضدهما لعدم اتباعهما الإجراءات القانونية المتعلقة بنزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، قضى له بتعويض إجمالي دون أن يورد بأسبابه بياناً لكيفية تقديره حتى يمكن معرفة مدى التناسب بين الضرر والتعويض المقضي به.
  2. أن التعويض المحكوم به لا يتضح من أسباب الحكم أنه شامل للضرر المعنوي وما فات الطاعن من كسب بسبب الهدم.
  3. أنه راعى عند تقديره للتعويض عن قيمة المباني التي هدمت قيمة استهلاكها بحكم عامل الزمن وتكلفة البناء وقت الإنشاء، وساق عبارات غامضة لا تصلح لحمل النتيجة التي أسس عليها تقدير التعويض، ولم يراع ارتفاع تكلفة إعادة البناء مما يجعل التعويض المقضي به غير مناسب للضرر الحاصل فعلا، ولكل ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

وحيث إنه عن السبب الثاني لطعن الطاعنين في الطعن رقم 45/178 ق، فهو غير سديد، ذلك أن شرط قبول الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع، ولا تنتهي بها الخصومة مع الحكم الصادر في الموضوع أن يحتفظ الطاعن بحقه في تقديم الطعن قبل الجلسة الأولى التالية لتبليغه بالحكم الصادر ضده عملاً بالفقرة الثانية من المادة 300 من قانون المرافعات، وكانت أوراق الطعن خالية مما يفيد احتفاظ الطاعنين بصفتيهما بحقهما في الطعن في الحكم التمهيدي بندب الخبير على الوجه المبين في النص المشار إليه، فإن حقهما في النعي عليه يكون قد سقط، ولا يجوز لهما التمسك به أمام هذه المحكمة.. حيث إنه عن السين: الثالث، والرابع، للطعن المذكور، فهما

في غير معلهما، ذلك أن الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطاعن خالية ما يفيد أن الطاعنين قدما للمحكمة المطعون في قضائها ما يثبت أن مباني المطعون ضدء كانت واقعة في مسار الطريق أو ضمن ارتداده، وقد قرر الحكم المطعون فيه أن المباني مقامة على أرض زراعية قبل إنشاء الطريق، وطرح دفاع الطاعنين بصفتيهما استناداً إلى أنهما لم يقدما حكما قضائياً بإزالة المباني، أو حكماً جنائياً بإدانة الطاعن عن البناء في أرض زراعية، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور أو فساد، كما أن الطاعنين لم يبينا بأسباب طعنهما ماهية المستندات المقدمة منهما والتي لم تأخذ بها محكمة الموضوع حتى تتبين هذه المحكمة مدى أهميتها وتأثيرها في وجه الرأي في الدعوى، مما يجعل نعيهما على الحكم بالقصور لعدم الرد عليها مجهلاً، ولا يقبل أمام هذه المحكمة.

وحيث إنه عما ينعاء الطاعنان بصفتيهما في الطعن رقم 45/178ق في سبيه الأول، وما ينعاه الطاعن في الطعن رقم 45/258 ق في محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن بيان عناصر الضرر المادي التي يمكن أن تدخل في حساب التعويض من المسائل التي تخضع الرقابة محكمة النقض، لأن هذا البيان هو المعيار في معرفة مدى التناسب بين التعويض والضرر، فإن أغفل الحكم بيانه، وورد تقديره للتعويض جزافاً، كان قاصر البيان، متعين النقض.

لما كان ذلك، وكان يبين من الصور الرسمية لصحيفة الدعوى، وصحيفة إضافة طلبات إليها، وصحيفة تصحيحها – المقدمة من الطاعن في الطعن رقم 45/245ق – أنه طلب الحكم له بتعويض قدره أربعون ألف دينار عن أفعال الهدم الواقع علي حظائر الدواجن المقامة من قبله، و مبلغ ألفين وخمسمائة دينار شهرياً ابتداء من تاريخ الهدم حتى الفصل في الدعوى بحكم نهائي، تعويضاً عما فاته كسب، ومبلغ تسعة وعشرين ألفا ومائة وأربعة وخمسين دينارا تعويضا عن المواد والآلات المستغلة والمستخدمة في المبنى والتي أتلفت بفعل الهدم، ومبلغ ثلاثين ألف دينار تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي أصابه بسبب الهدم. ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد بصدد تقديره للتعويض قوله:-

وحيث إنه قد تبين أن المستأنف محق في طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هدم حظائره، وحيث إنه بالرجوع إلى تقدير الزمن الذي أنشئت فيه الحظائر قبل 1974 نجد أن التكلفة في ذلك الوقت غيرها في الزمن الأخير، وأن كل عام يمضي على المبنى ينقص من عمره ومن قيمته، وحيث إنه من المسلم بها به أن المحكمة هي الخبير الأول في الدعوي، خاصة وأن المبنى قد أزيل تماماً ولا يمكن معاينته، ولم يقدم المستأنف أصلاً لخريطته الإنشائية، الأمر الذي جعل المحكمة تقدر التعويض الوارد بالمنطوق، واكتفت به عن جميع الأضرار التي وردت بصحيفة الدعوى، ورأته جابراً لها، ورفضت ما زاد عنها للمبالغة فيها لأن الأصل في التعويض هو جبر الضرر وليس الإثراء بلا سبب..))، وبيين من هذا الذي أورده الحكم أنه قدر التعويض على نحو جزافي وبعبارات عامة مجملة لم تتضمن بياناً لعناصر الضرر المعوض عنه، إذ اقتصر في أسبابه على الحديث عن المبنى وحالته وتكلفته واستهلاكه بمضي الوقت، دون التعرض لعناصر الضرر الواردة بالطلبات الختامية للمدعي من تعويض عن الآليات والمواد ومقابل الحرمان من الانتفاع بالحظائر، وما لحق المذكور من ضرر معنوي، وغير ذلك مما سبق بيانه من طلبات، مما يصمه بعيب القصور في التسبيب، ويوجب نقضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف مصراتة، للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وإلزام كل من الطرفين مصروفات طعنه.