Skip to main content

طعن مدني رقم 56/ 45ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 56
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 9 أبريل 2003

طعن مدني رقم 56/ 45ق

خلاصة المبدأ

  1. فهم الواقع في الدعوى، وتقدير الأدلة وإثبات عنصر الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر من إطلاقات محكمة الموضوع – بيان ذلك.
  2. الدفوع القانونية التي يخالطها واقع لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام المحكمة العليا – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 1926 لسنة 93ف أمام محكمة طرابلس الابتدائية، اختصم فيها المطعون ضده ورئيس مجلس إدارة المصرف العربي الخارجي بصفتهما وقال شرحاً لها: إنه كان قد اشترى من الأخير مبلغ واحد وتسعين ألف دولار أمريكي، وهي عبارة عن صكوك صادرة عن شركة الخدمات المالية العربية وفي طريقه إلى غانا عرج على سويسرا وأقام بأحد فنادقها، وعند تناوله وجبة الإفطار صحبة عائلته بمطعم الفندق فوجئ بسرقة الحقيبة بمحتوياتها من صكوك وغيرها، وخلص إلى طلب إلزام المدعى عليهما متضامنين بدفع المبلغ مع الفوائد القانونية حتى تاريخ السداد، والمحكمة قضت برفض الدعوى بالنسبة للمصرف العربي الخارجي، وبإلزام المدعى عليه الثاني الممثل القانوني لشركة الخدمات المالية العربية بصفته بأن يدفع للمدعي مبلغاً قدره واحد وتسعون ألف دولار أمريكي، وبرفض باقي الطلبات، استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي حكمت بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه “

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 1996.10.20ف، وليس بالأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 1997.11.30ف قرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم والكفالة، مودعاً سند وكالته، ومذكرة بأسباب طعنه وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى ضوئية من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1997.12.14ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى مكتب محامي المطعون ضده في مراحل الدعوى السابقة في اليوم السابق له ويوم 1998.1.4ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة رادة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته مع حافظة مستندات، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن عدلت عنه إلى الرأي بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، من عدة وجوه:-

أولاً: أن المطعون ضده -عبر وكلائه – خالف نص المادة 426 من القانون التجاري نصا وروحا، ذلك أن هذه المادة تلزمه بعدم صرف الصك إلا إذا حمل على واجهته توقيعين مطابقين لمن صدر له وقد قام بتسديد قيمة 71 ألف دولار من جملة المبلغ المسروق دون التأكد من هوية المستفيد، مما أدى إلى وقوع النتيجة الضارة بالطاعن وبالتالي يكون ملزماً بتعويضه بصكوك بديلة.

ثانياً:انعدام رابطة السببية بين خطأ الطاعن والنتيجة الضارة، ذلك أن خطأ الطاعن بافتراض وقوعه كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، لم يبلغ من الجسامة درجة خطأ المطعون ضده باعتباره مسئولاً عن خطأ عملائه ووكلائه – الذين قاموا بتسديد قيمة الصكوك المسروقة سيئي النية.

ثالثاً: أن مبدأ تنفيذ العقود بحسن نية هو رائد المتعاقدين عند إنشاء الرابطة التعاقدية وتنفيذها، ويوجب على كل منهما تجنب الضرر بالآخر، والحكم المطعون فيه ألقى بتبعية خطأ المطعون ضده الجسيم ووكلائه على الطاعن، كما ركنت المحكمة إلى المادة 6 من اتفاقية الشراء، وأوردت نصها وطبقت بنداً لا وجود له أصلاً في اتفاقية الشراء المسلمة للطاعن، وأهملت الاتفاقية المسلمة له.

رابعا: جانبت المحكمة الصواب حينما اعتبرت أن الصك السياحي يستحيل وقف صرفه ما دام التوقيع مشابهاً للأول، وهو قول غير سديد ويخالف نص المادة 426 التي تشترط لدفع قيمة الصك السياحي أن يكون حاملاً لتوقيعين مطابقين لمن صدر له.

وكذلك نص المادة 5 من اتفاقية الشراء التي قيدت الصرف بأن يكون موقعاً ومصدقاً عليه بواسطة الشخص نفسه، و هذا يعني أن الصرف لا يكون بمجرد وجود توقيع مشابه، ومن ثم فإن الحكم قاصر في التسبيب حري بالنقض.

وحيث إن النعي في وجهيه الأول، والرابع، في غير محله، ذلك أن قول الطاعن بأن صرف الصكوك السياحية المسلمة له بعد سرقتها يرجع إلى خطأ شركة الخدمات المالية العربية عبر وكلائها لتقصيرهم في مطابقة التوقيعات، وهو ما يخالف نص المادة 426من القانون التجاري، هو قول ينطوي على دفوع قانونية يخالطها واقع يتعين إبداؤها أمام محكمة الموضوع، وإذ خلا الحكم المطعون فيه – ومن قبله حكم محكمة أول درجة وسائر أوراق الطعن، مما يفيد إثارتها أمام قضاء الموضوع فإنه لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام هذه المحكمة لما يقتضيه الفصل في قيام الخطأ أو عدمه من تحقيق موضوع ينأى بها عن وظيفتها كمحكمة قانون وهو ما لا يقبل أمامها.

وحيث إن النعي في وجهيه: الثاني، والثالث، غير سديد ذلك أنه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة فإن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة، وإثبات عنصر الخطأ، وعلاقة السببية بينه وبين الضرر، وتحديد المسئول عن الخطأ، موكول إلى قاضي الموضوع دون معقب طالما أقامه على ما يحمله من واقع وظروف الدعوى ومستنداتها.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض مستندات الدعوى، خلص أن الحكم المستأنف أخطأ في تطبيق القانون، وفي فهم الواقع في الدعوى، باستبعاده للشرط التعاقدي الذي يقضي بعدم استحقاق المشتري للتعويض في حال ثبوت إهماله في حفظ الصكوك في حين أن هذا الشرط قد تضمنته الاتفاقية المبرمة بين الطاعن وشركة الخدمات المالية العربية في بندها السادس، وهو غير مجحود من الطاعن وتوقيعه على الاتفاقية يفيد موافقته على الشروط الواردة بها، وانتهى الحكم إلى أن البند السادس من اتفاقية الشراء لا يشترط أن يكون الإهمال على درجة من الجسامة، وأن مسلك الطاعن في حفظ الصكوك واستعمالها كان غير مسئول، حيث أقر – في مناسبات عديدة – أن واقعة الضياع تضمنت ما يفيد وضع الصكوك في حقيبة مجوهرات نسائية لافتة للنظر وضعها تحت المنضدة في مطعم مفتوح للجمهور، وبها مبلغ 90 ألف دولار، وأنه مع باقي أفراد عائلته تركوا المائدة لإحضار الطعام من مائدة أخرى تبعد عن الأولى مما لم يمكنهم من مراقبة الحقيبة، بالرغم من أنه لاحظ وجود ( غجريتين ) في المائدة المجاورة لمائدتهم.

ومن ثم فإن ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو السالف بيانه كاف لبيان الأساس القانوني لمسئولية الطاعن، وعناصر هذه المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، كما أقام الدليل على ثبوت خطأ الطاعن، وأثبت أنه وحده يتحمل المسئولية عن إهماله فى المحافظة على الصكوك السياحية المسلمة له، ويكون بالتالي إذ انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى مقاماً على أسباب سائغة وسليمة تؤدي قانوناً إلى النتيجة التي انتهى إليها بمنأى عن مخالفة القانون، أو القصور في التسبيب، بما يتعين معه رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبإلزام الطاعن بالمصروفات.