أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 55/ 50ق

نشر في

طعن مدني رقم 55/ 50ق

خلاصة المبدأ

  1. الأثر الناقل للاستئناف، المقصود به – بيان ذلك.
  2. تسليم الإعلان الإداري إلى مركز الشرطة صحيح قانونا – أساس ذلك.
  3. وجوب تسبيب الحكم الغرض منه، إقامة الحكم على عبارات عامة مجملة – أثره.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 1992/880 أمام محكمة طرابلس الابتدائية ضد الجهات الإدارية المطعون ضدها قال بيانا لها: إن أرضه تم ضمها إلى مشروع القره بوللي الزراعي دون أن يستفيد من المشروع بالحصول على مزرعة بما يكون له الحق في التعويض عن الأشجار الموجودة بالأرض بقيمة (181.500) ألف د. ل وقد تسلم مبلغ (15000) د.ل على أن يدفع له الباقي وقدره (166.500) ألف د. ل على أقساط إلا أنه لم يتسلم شيئا منها، وانتهى إلى طلب إلزام المطعون ضدهم متضامنين بدفع المذكور، وبتاريخ 19936.28 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثالث (أمين اللجنة الشعبية لبلدية طرابلس) والرابع (أمين الاستصلاح الزراعي) والسابع ( مراقب الخدمات المالية بالبلدية) لزوال الصفة، وبالزام المدعى عليهم الأول والثاني والخامس والسادس على سبيل التضامن بأن يدفعوا للمدعي مبلغا قدره (166500) ألف د.ل ورفض ما زاد على ذلك من طلبات.

استأنفت الجهات الإدارية هذا الحكم بالاستئناف رقم 40/186 ق أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فقام المطعون ضدهم بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بموجب الطعن رقم 42/20 ق الذي قضت فيه الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بقبوله شكلا وبنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، حيث قامت إدارة القضايا التي تنوب عن الجهات المطعون ضدها بتعجيل الاستئناف أمام ذات المحكمة من هيئة أخرى، والتي انتهت فيه إلى الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

(وهذا هو الحكم المطعون فيه) 

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 7- 3-2002 ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه وبتاريخ 2002.11.7 قرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم ومودعا الكفالة وسند وكالته ومذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه وحافظة مستندات، وأودع بتاريخ 2002.11.13 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم بصفاتهم في اليوم السابق. وبتاريخ 200212.16 أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع الجهات المطعون ضدها. وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في النسبيب من عدة وجوه:-

الأول: إن الطاعن دفع ببطلان صحيفة تحريك الدعوى بعد إحالتها من محكمة النقض لأن إعلانها كان لمركز الشرطة بدلا من مركز الأمن الشعبي المحلي طبقا للمادة 12 من قانون المرافعات كما دفع بسقوط الخصومة لعدم إعلان الصحيفة إعلانا صحيحا خلال السنة المحددة قانونا – ولم ترد المحكمة على هذين الدفعين.

الثاني: إن الحكم أخطأ باستناده إلى أن القانون رقم 1992/14 أشار صراحة بأن الأرض تعتبر من ضمن الغابات العامة وهي وما عليها من أشجار مملوكة في الأصل للدولة – ذلك أن هذا القانون هو تعديل للقانون رقم 1982/5 الذي حدد أنواع الغابات ومنها الغابات الخاصة التي لا زالت قائمة واقعا وقانونا حتى الآن، كما أن الطاعن لم تخصص له أرض من الغابة العامة بل أن أرضه قد ضمت إلى المشروع الزراعي وعوض عنها طبقا للتشريعات النافذة بما يكون معه الحكم قد بني على إسناد خاطئ. الثالث -: إن الحكم خالف القانون عندما انتهى إلى أن الرسائل الصادرة عن إدارة المشروع والمؤتمر الشعبي لا حجية لها مع أنها صدرت عن أشخاص مخولين بإصدارها وتعتبر رسمية وحجة على الكافة كما خالف الحكم القانون بقوله إن الأرض تم ضمها إلى المشروع وصارت بحكم القانون رقم 92/14 غابة عامة وهي في الواقع لم تصبح غابة عامة بحكم القانون وإن صارت كذلك بحكم إجراءات تصبح الضم والتعويض.

كما خالف الحكم القانون بقوله إن الطاعن فشل في إثبات دعواء ذلك أن الطاعن هو المالك والحائز للأرض حتى ولو لم يقدم مستندات لأن الحائز يعتبر مالكا وفقا لنص المادة 968 من القانون المدني إضافة إلى أنه يملكها بموجب الميراث وثبت ذلك لإدارة المشروع التي قررت تعويضه عنها.

الرابع: إن المحكمة لم تطلع على أحكام القانون رقم 1992/14 أشارت إلى نصوص لا يتضمنها القانون كما أنه لم تكن على إلمام بأوراق الدعوى لأن موضوعها لم يكن ملكية الطاعن للأرض وإنما كان حق الطاعن في التعويض عن الأشجار التي كانت في أرضه.

وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد، ذلك أن ما اشترطه المشرع من تسليم الإعلان إلى فرع أو شعبة الأمن الشعبي المحلي – بموجب أحكام القانون رقم 18 لسنة 1989 المعدل لقانون المرافعات كان بعد صدور القانون رقم 1985/18 بشان الأمن الشعبي – ولما كان المشرع قد ألغى ذلك القانون بموجب القانون رقم 1992/10 بشأن الأمن والشرطة والذي يتضح أن الأمن الشعبي والشرطة كلاهما تابع لأمانة اللجنة الشعبية العامة للأمن العام فإن تسليم الإعلان إلى مركز الشرطة أو شعبة الأمن الشعبي المختص يكون صحيحا ويتحقق به الغرض الذي قصده المشرع من إتمام الإعلان إداريا في الحالات التي يجوز فيها ذلك. وحيث إن النعي في بقية وجوهه سديد، ذلك أن القانون أوجب تسبيب الأحكام ليستوثق من يطالعها من سلامتها وأنها تقوى على حمل القضاء الصادر على أساسها وهو ما ينبغي معه على المحكمة أن تبين الأدلة التي كونت منها عقيدتها ومضمون كل منها ووجه استدلالها بها فإن خلا حكمها من ذلك أو ورد بعبارات عامة مجملة لا تكفي لحمل قضائها كان حكمها قاصر البيان لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على دعامتين:-

الأولى: إن المستأنف ضده – الطاعن – عجز عن إثبات ملكيته للأشجار وأن العلم والخبر هو مجرد شهادة إدارية وأن الرسائل الممنوحة له من الجهة الإدارية بشان تحديد قيمة التعويض جاءت مخالفة للواقع والقانون.

الثانية: إن القانون رقم 1992/14 أشار إشارة صريحة من بين نصوصه أن الأرض موضوع الدعوى تعتبر ضمن الغابات العامة المملوكة للدولة وأن الأرض وما عليها تعود ملكيتها في الأصل للدولة الليبية وبالتالي فإن ما يدعيه – الطاعن – لا يتفق وصحيح القانون.

وكان ما أورده الحكم على هذا النحو يقوم على عبارات عامة مرسلة لا تصلح قواما لقضائه من حيث أنه لا نزاع بين طرفي الدعوى في شأن ملكية الأرض بل ينحصر النزاع في مطالبة الطاعن بتعويضه عن الأشجار بعد أن تم ضم أرضه إلى أحد المشاريع الزراعية وأن جهة الإدارة حددت له مبلغ التعويض – كما ورد بمدونات الحكم واستلم جزءا منه وطرح على المحكمة المستندات الدالة على ذلك التي استبعدتها بمقولة أن المستندات جاءت مخالفة للقانون دون فحصها أو بيان وجه مخالفتها للواقع والقانون، وهو ما انتهجته في تصنيفها الأشجار المطالب بالتعويض عنها بأنها غابات عامة لأن القانون رقم 92/14 أشار من بين نصوصه على ذلك دون تحديد لنص القانون الذي يقضي بذلك خاصة وأن البند الخامس من المادة الأولى من القانون رقم 1985/5 بشأن حماية المراعي والغابات والتي لم يطلها التعديل عرفت الغابات الخاصة وهو ما يتصور معه وجود غابات خاصة إلى جانب الغابات العامة.

وحيث إن المحكمة المطعون في حكمها تكون بهذا القضاء قد تخلت عن دورها في تقدير أدلة الدعوى الموضوعية وحجبت نفسها عن مواجهة النزاع مخالفة الأثر الناقل للاستئناف في بيان دفوع الخصوم وأسانيدهم والتصدي لمناقشتها سواء فيما أبدوه أمامها أو فيما سبق طرحه على محكمة أول درجة فجاء حكمها فاسدا معيبا بالقصور المبطل بما يتعين نقضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى وبإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم بالمصروفات.