أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 499/ 46ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 499
  • السنة القضائية: 46
  • تاريخ الجلسة: 9 مايو 2004

طعن مدني رقم 499/ 46ق

خلاصة المبدأ

  1. حجية الأمر المقضي به – مناطها.
  2. انتفاء المسئولية العقدية لا يحول دون قيام المسؤولية التقصيرية.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 478 لسنة 1998ف أمام محكمة بنغازي الابتدائية اختصم فيها الشركة الطاعنة ، وقال بياناً لها : إنه سبق له وأن رفع الدعوى رقم 857 لسنة 1998ف ضد الشركة الطاعنة طالباً إلزامها بدفع مبلغ أربعين ألف دينار مقابل إصلاحات منزله المتضرر ، وعشرة آلاف دينار كتعويض بعد أن رفع دعوى إثبات حالة رقم 447 لسنة 1995ف لندب خبير هندسي لبيان الأضرار اللاحقة بالمنزل بسبب الأعمال التي قامت بها الشركة الطاعنة في منطقة إنشاءات الصرف الصحي ، مما أدى إلى نزول أساسات المنزل ودخول المياه إلى داخله ، و حصول تصدعات بالجدران، وتشقق البلاط ، واثناء نظر الدعوى ، أدخلت الشركة الطاعنة شركة ليبيا للتأمين ليحكم عليها ، بما عسى أن يحكم به عليها ، والمحكمة قضت بإخراج الشركة الطاعنة من الدعوى وإلزام شركة ليبيا للتأمين بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ خمسة وأربعين ألف دينار ورفض ما عدا ذلك من طلبات إلا أن شركة ليبيا للتأمين استأنفت الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف و برفض الدعوى تأسيساً على أن عقد التأمين لا يشمل الوقائع التي رفعت عنها الدعوى، ولما كان الحكم المذكور لم يفصل في الموضوع بالنسبة للشركة الطاعنة لا ابتداءً ولا استثنافاً ، وأن خطأها ثابت لذلك فإنه يطلب إلزام الشركة الطاعنة بدفع مبلغ 40 ألف دينار عن الأضرار التي لحقت بالبناء وعشرين ألف دينار عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به نتيجة إطالته أمد التقاضي ، والمحكمة قضت حضورياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها . استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي التي حكمت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة المستأنف ضدها بأن تدفع للمستأنف مبلغ أربعين ألف دينار.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه”. 

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 1999.6.27ف ، وأعلن إلى الطاعن بصفته في 1999.7.18ف ، وبتاريخ 1999.8.18ف قرر محامي الشركة الطاعنة الطعن عليه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا ، مسدداً الرسم والكفالة ، ومودعاً سند وكالته ، ومذكرة بأسباب طعنه ، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه ، وأخرى من الحكم الابتدائي ، ثم أودع – بتاريخ 1999.8.18ف – أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق ، وبتاريخ 1999.9.19ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة رادة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته ، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً ، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.

أسباب الطعن

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً .

وحيث تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ومخالفة الحكم لحكم حاز قوة الشيء المقضي به ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن سبب المطالبة في هذه الدعوى يختلف عن السبب في الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف ، فالسبب في الدعوى التي اختصمت فيها شركة ليبيا للتأمين يقوم على أساس المسؤولية العقدية في حين أن السبب في الدعوى الراهنة المطعون في حكمها يقوم على أساس المسؤولية التقصيرية ، وانتهت المحكمة المطعون في حكمها إلى القول بأنه لا حجة للحكم السابق في الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف ، وأن محكمة أول درجة عندما قضت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تكون قد خالفت القانون.

وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لا سند له من الواقع والقانون ومردود عليه بما يلي :

  1. إن مصدر الالتزام في الدعويين واحد وهو العمل غير المشروع تأسيساً على أن مطالبة المطعون ضده الطاعن بالتعويض تسند إلى قيام الأخير بأعمال الحفر وحدوث ضرربمنزله فهي إذا مسؤولية تقوم على الإخلال بالتزام قانوني بعدم الإضرار بالغير بغض النظر عن العلاقة التي تربط الطاعن بشركة ليبيا للتأمين ، وهي علاقة ينظمها العقد ، وتتميز بأحكام خاصة أبرزها أنها لا تنشئ في ذمة الغير التزاماً ولا تكسبه حقوقاً ، إعمالاً لقاعدة نسبية العقد ، وإن كان القانون أورد بعض الاستثناءات إلا أنها لا تنصرف إلى وقائع الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف ولا أثر لها على سبب المطالبة بين الطاعن والمطعون ضده وتحول هذا السبب إلى المسؤولية العقدية . والمحكمة لم تبين الأساس القانوني لاعتبارها أساس المطالبة في الدعوى الأولى رقم 857 لسنة 1995ف القائم على أساس المسؤولية العقدية.
  2. أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف ، على الدعوى الماثلة على اختلاف سبب المطالبة في الدعويين في حين أنه – فضلاً عما جاء في البند السابق – فإن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة بما فصلت فيه من حقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة متى كانت هذه الأحكام قد صدرت في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم أو ورثتهم أو خلفهم دون تغيير صفاتهم، ولما كانت شركة ليبيا للتأمين المدخلة كضامن في الدعوى رقم 857 لسنة 1995 ف قد استأنفت الحكم الصادر فيها بإخراج الطاعن من الدعوى وبإلزامها بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 45 ألف دينار مختصمة الطاعن والمطعون ضده وقضت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 69 السنة 1997ف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى ، وهو ما يفيد صدور الحكم في خصومة مثل فيها الطاعن والمطعون ضده بحكم فاصل في الموضوع وتكون له حجية تمنع تجديد النزاع بينهما ، إلا أن المطعون ضده أعاد طرح النزاع مجدداً أمام ذات المحكمة وقد قضت محكمة البداية بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إلا أن المحكمة المطعون في حكمها ألغت هذا الحكم وقضت للمطعون ضده بطلباته مما يعيب حكمها بمخالفة القانون.

وحيث إن النعي في شقه الأول غير سديد ، ذلك أن أساس الالتزام – في الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف التي أقامها المطعون ضده في مواجهة الشركة الطاعنة التي بدورها أدخلت شركة ليبيا للتأمين في الدعوى باعتبارها ضامنة – مبناء مسؤولية شركة ليبيا للتأمين بأداء المبلغ المحكوم به تأسيساً على عقد التأمين المبرم بينها وبين الشركة الطاعنة .

واقتصر دور المحكمة في الاستئناف المرفوع على الحكم المذكور الاستئناف رقم 69 لسنة 1997ف) على بحث مسؤولية شركة ليبيا للتأمين العقدية دون التطرق إلى مسؤولية الشركة الطاعنة التقصيرية في مواجهة المطعون ضده في حين أن أساس المطالبة في الدعوى محل الطعن الراهن هو مسؤولية الشركة الطاعنة التقصيرية في مواجهة المطعون ضده من ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ومن اختلاف السبب في الدعويين وأن انتفاء المسؤولية العقدية لا يحول دون قيام المسؤولية التقصيرية متى توافرت شروطها لا مخالفة فيه للقانون .

وحيث إن النعي في شقه الثاني مردود ذلك أن المادة 1/393 من القانون المدني تنص على أن الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي تكون حجة بما فصلت فيه من حقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم ، أو ورثتهم ، أو خلفهم دون تغيير صفاتهم ، وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً كما أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط حجية الشيء المقضي المانعة من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها أن تكون المسألة التي قضى فيها الحكم السابق مسألة أساسية ويكون طرفا الخصومة قد تناقشاً فيها في الدعوى الأصلية واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً مانعاً من مناقشتها في الدعوى الثانية بين الطرفين .

وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف قد ناقش خطأ الشركة الطاعنة والمتمثل في عدم اتخاذها الاحتياطات اللازمة لدرئه ، وبين الأضرار التي لحقت ببيت المطعون ضده، وقدر قيمتها استناداً إلى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ، ودلل على قيام علاقة السببية بين الخطأ والضرر مما تتوافر معه أركان المسؤولية التقصيرية في حقها ، وقد استقرت هذه الحقيقة بين الخصوم وهو ما تتوافر به حجية الشيء المحكوم فيه لهذا القضاء في هذا النطاق، ولا ينال من هذه الحجية إخراج الشركة الطاعنة من الدعوى تأسيساً على وجود عقد تأمين يغطي المسؤولية عن الأضرار المحكوم بالتعويض عنها .

ولما كانت محكمة الاستئناف قد انتهت في حكمها الصادر في الاستئناف رقم 69 لسنة 1997ف المرفوع من شركة ليبيا للتأمين إلى انتقاء التغطية التأمينية لهذا النوع من الأضرار فألغت الحكم المستأنف ، وقضت برفض الدعوى ، فإن الحكم الصادر في الدعوى رقم 857 لسنة 1995ف بإخراج الشركة الطاعنة من الدعوى لا تكون له أية حجية في نفي مسؤوليتها التقصيرية في مواجهة المطعون ضده لا بل يبين مما سبق سرده أنه أيدها ، وأن إخراجها من الدعوى مرده وجود عقد تأمين بتغطية مسؤوليتها المدنية عن الأضرار التي قد يحكم بها عليها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون بمنأى عن مخالفة القانون أو القصور في التسبيب بما يكون معه الطعن على غير أساس متعين الرفض .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه وبالزام الشركة الطاعنة بالمصروفات