طعن مدني رقم 461/ 47ق
طعن مدني رقم 461/ 47ق
خلاصة المبدأ
- طريقة استئناف سير الخصومة بعد انقطاعها.
- يبحث الأدلة والمستندات من سلطة محكمة الموضوع.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 97/65 أمام محكمة المرج الابتدائية ضد المطعون ضدهم قال بيانا لها : إن مورثهم باع له قطعة أرض صناعية موضوع كراسة التصديق رقم 2182 بالسجل العقاري بالمرج ، والمبينة المعالم والمساحة بصحيفة الدعوى ، وذلك بموجب العقد رقم 445/24 والموثق لدى محرر العقود بتاريخ 1324.6.29 ، وتسلم البائع الثمن ، وقدره خمسون ألف دينار ، ولم يقم بتسليم كامل العقار المباع رغم طلب المطعون المتكرر ، وعرض النزاع على اللجنة الشعبية ، وانتهى إلى طلب إلزام المدعى عليه بتسليم المبيع محل العقد ومحلقاته والمتمثل في قطعة الأرض وما عليها ، ودفع مقابل استغلال المبيع والتصرف فيه اعتبارا من تاريخ الإنذار ، والذي يقدره بمبلغ خمسة آلاف دينار ، ودفع مبلغ تسعة آلاف دينار تعويضا عن التصرف في ممتلكات الورشة والمواد الخام والعدد والآلات ، ودفع مبلغ خمسة آلاف دينار تعويضا عن فوات الكسب والخسارة ، وأثناء نظر الدعوى توفي المدعى عليه وقام المدعي بإعلان ورثته وإدخالهم في الدعوى وبتاريخ 1429.6.1 قضت المحكمة بالزام المدعى عليهم ( الطاعنين ( المدخلين في الدعوى ورثة (…) بتسليم المبيع محل العقد خاليا من الشواغل والأشخاص للمدعي ( المطعون ضده) ، والمتمثل في قطعة الأرض المرموز لها بالرقم ( 9 ) ، والمبنى القائم عليها والواقعة بالمنطقة الصناعية (المرج) ، ومساحتها الإجمالية ألف وثلاثة وتسعون مترا مربعا وخمسة وسبعون سنتمترا والعائدة للكراسة العقارية رقم 2182 والمبيئة حدودها شمالا قطعة رقم ( 8 ) شرقا شارع جنوبا القطعة رقم ( 10 ) غربا القطعة رقم ( 44 ) ، وبعدم جواز نظر الدعوى عن بقية الطلبات لسبق الفصل فيها ، استأنف المطعون ضدهم الحكم بالاستئناف رقم 99/703 أمام محكمة استئناف بنغازي التي قضت بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم هذا المستأنف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه “.
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 2000.6.15 وتم إعلانه بتاريخ 2000.7.5 وبتاريخ 2000.7.29 قرر محامي الطاعنين الطعن عليه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم ، ومودعا الكفالة وسند وكالته ومذكرة بأسباب الطعن ، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه ، وأخرى من الحكم الابتدائي ، وحافظة مستندات وأودع بتاريخ 2000.8.8 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 2000.7.30، وبتاريخ 2000.8.9 أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مرفقا بها سند وكالته وحافظة مستندات ، وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها .
الأسباب
ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب من عدة وجوه :-
الأول : إن القائم بإعلان صحيفة إدخال المدعى عليها السابعة (…) لم يوقع بذيل صحيفة الإدخال ، وهو ما يؤدي إلى بطلان الصحيفة طبقا لنص المادة 20 من قانون المرافعات ، وقد أغفلت المحكمة الرد على ذلك بما يعد معه الحكم معدوماً في حق المدعى عليها المذكورة ، كما تم التمسك بذلك أمام محكمة الاستئناف التي التفتت عن الرد عليه .
الثاني: إن المطعون ضده تعمد التجهيل بالمدعى به في صحيفة الدعوى وصحيفة الإدخال ، حيث ذكر أنه ( قطعة أرض صناعية وما عليها من منقولات وعقارات بالتخصيص) دون بيان تلك المنقولات والعقارات بيانا نافيا للجهالة ، كما لم يوضح ما إذا كان البيع يشمل العقار الثابت وهو بيت سكني متكامل المرافق تقيم فيه أرملة المتوفى وأولاده القصر وكذلك ما إذا كان يشمل المخازن وقد تمسك الطاعنون بهذا الدفع قبل الخوض في الموضوع بما يكون معه الحكم قد صدر باطلا لقيامه على إجراءات باطلة وفقا لنص المادة 88 من قانون المرافعات.
الثالث : إن ( مورث الطاعنين ) توفي أثناء السير في الدعوى ، وكان المفروض عندما تقضي المحكمة بانقطاع الخصومة ألا تستأنف السير فيها إلا بعد إعلان جميع الورثة ، إلا أن الثابت أن المطعون ضده لم يختصم الورثة (…) ، وكذلك الأولاد القصر في شخص وكيلهم الشرعي بما يتعين معه انعدام الحكم في حقهم
الرابع : إن طلبات المدعي – المطعون ضده – انصبت على قطعة الأرض وما عليها من منقولات وعقارات بالتخصيص ، إلا أن المحكمة قضت بتسليم قطعة الأرض والمبنى القائم عليها وهو سكن الأسرة الوحيد ، ومن غير المتصور أن يتصرف فيه مورث الطاعنين مع قطعة الأرض ، كما لم يتضمن عقد البيع المبنى ولا أوصافه ، وقد دفع الطاعنون بذلك ، إلا أن المحكمة التفتت عن الرد عليه .
الخامس :- إن مورث الطاعنين وهو رجل طاعن في السن قد ذكر في دعوى سابقة (رقم 97/22 ) بأنه باع الأرض ، ولكنه لا زال يقيم فيها ، لأنه ليس له محل إقامة آخر ، وهي إجابة غامضة على سؤال وجهته له المحكمة حول بيع الأرض وقول مرسل لم يصرح فيه بأنه باع البيت محل سكناه ، ولا يمكن اعتبار ذلك إقرارا قضائيا ، كما لم تصدر هذه العبارات أمام القاضي الذي أصدر الحكم ، وقد دفع الطاعنون بذلك أمام المحكمة المطعون في حكمها ، ولم تكلف نفسها عناء الرد عليه.
السادس : إن الطاعنين استعانوا بمهندس استشاري أكد أن الثمن لا يتعادل مع قيمة العقار ، وقد خلا عقد البيع المزعوم من ختم مورثهم المنحوت به اسمه والذي جرت العادة على ختم تصرفاته به ، ولم يتعود على وضع بصمة الإبهام، وحتى على فرض وجود بيع فإن به غبناً في الثمن ، وهم على استعداد لترجيع الثمن للمشتري إذا حلف أنه دفعه فعلا ، ولكن المطعون ضده لم يرضخ لذلك بما يتعين معه تقرير بطلان الحكم.
السابع : إن موثقي العقود يلجأون إلى إثبات وجود مبنى بالأرض المبيعة لتفادي حظر بيع الأرض الفضاء ، وقد تمسك الطاعنون بذلك وطلبوا إجراء معاينة للأرض الاستعانة بخبير ليكشف أنه لا يوجد بالأرض مبنى في طور الإنشاء ، وقد ردت المحكمة على ذلك بأن التحايل على القانون أمر مألوف ويعتبر من العلم العام ، وهو ما يتعين معه بطلان الحكم .
الثامن : إن مستندات الدعوى تضمنت اختلافا في المحل والثمن طبقا لكل مستند مع أن المطعون ضده يتمسك بها كحجة على الشراء ، وقد أوضح الطاعنون بوجود تجهيل بمحل العقد ، وطلبوا رد المستندات وبطلانها ولكن المحكمة لم ترد على ذلك ردا سائغا .
التاسع : إن الحكم لم يرد على الدفوع الجوهرية والدفوع الشكلية الخاصة بعدم القبول والدفوع الموضوعية سالفة البيان ، وقد جاءت أسبابه متهاترة مما يصمه بالقصور.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود ، ذلك أنه وإن كانت وفاة أحد الخصوم من أسباب انقطاع سير الخصومة طبقا لنص المادة 249 من قانون المرافعات ، إلا أن الدعوى وفقا لنص المادة 253 من ذات القانون تستأنف سيرها في هذه الحالة بأحد طريقين :- أولهما :- بتكليف بالحضور يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي
توفي بناء على طلب الطرف الآخر أو بتكليف يعلن إلى هذا الطرف .
ثانيهما : إذا حضر وارث المتوفى الجلسة المحددة لنظر الدعوى وباشر السير فيها ، وبالتالي فلا يشترط أن يكون هناك تكليف بالحضور وإن وجد فلا أثر لأي بطلان قد يشوب بياناته أو طريقة إعلانه.
واذا كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيدة أسبابه بالحكم المطعون فيه أن موكل المدخلين في الدعوى ( الطاعنين ورثة المدعى عليه ) حضر بجلسة 1998.12.29 ، وهي الجلسة الأولى التي استأنفت فيها الدعوى سيرها الذي انقطع بوفاة مورثهم ، وأبدى عدة دفوع وإن كان من بينها بطلان إعلان موكلته (…) لخلو ورقة إعلانها من توقيع المحضر ، فإن هذا البطلان على فرض صحته لا يؤثر على سير الدعوى ، لأن حضوره باعتباره وكيلا عن جميع الورثة ومن بينهم المذكورة تنعقد به الخصومة بين أطرافها تطبيقا لنص الفقرة الثانية من المادة 253 المشار إليها ، وهو نص خاص يتعلق بالحضور لفئة محددة من الخصوم ، وهم وارث المتوفى أو من يقوم مقام من فقد أهلية الخصومة أو زالت عنه الصفة ، حيث رأى المشرع أن مجرد حضورهم يتحقق به استئناف سير الخصومة بما يتعين معه رفض هذا الوجه من النعي .
وحيث إن النعي في وجهه الثالث بدوره مردود ، ذلك أنه لا يبين من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه او من صحيفة الاستئناف المرفقة بأوراق الطعن انه سبق للطاعنين أن دفعوا أمام محكمة الموضوع بوجود ورثة للمدعى عليه – المتوفى – لم يتم اختصامهم ، كما خلت أوراق الطعن مما يؤيد هذا النعي بما يعد معه أنه عار عن الدليل ويتعين رقضه.
وحيث إن النعي في بقية وجوهه غير سديد ، ذلك أنها تدور حول مناقشة الدليل في الدعوى ، وكان من المقرر أن لقاضي الموضوع السلطة الكاملة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إلى الأخذ به منها أو استخلاص ما يرى أنه واقعة كان لذلك أصل ثابت في الأوراق وينتهي بمنطق سليم إلى الدعوى متى النتيجة التي رتبها.
لما كان ذلك ، وكان الواقع في الدعوى – كما يبين من أوراق الطعن – أن مورث الطاعنين باع العقار الخاص به ، وهو عبارة عن قطعة أرض عليها مبنى في طور الإنشاء والمبينة الموقع والمساحة ورقم الكراسة العقارية بصحيفة الدعوى ، وذلك للمطعون ضده بموجب عقد رسمي ، ولم يقم حال حياته بتسليم العقار المبيع للمشتري مما جعل الأخير يقيم الدعوى محل الطعن في مواجهته واختصام ورثته لوفاته أثناء سيرها طالبا تسليمه العقار .
وكان الحكم الابتدائي قضى بإلزام المدعى عليهم – الطاعنين – بتسليم المبيع محل العقد للمدعي – المطعون ضده – وتأيد هذا القضاء بالحكم المطعون فيه استنادا إلى وجود عقد رسمي بالبيع موثق لدى أحد محرري العقود بتاريخ 24.6.29 ، وان مورث الطاعنين أقر في الدعوى رقم 97/22 المقامة بصحة ونفاذ عقد بيع ذات العقار ، والذي أمرت المحكمة بضم ملفه بأنه باع الأرض موضوع الدعوى للمطعون ضده، وأنه – لا زال مقيما بها ، لأنه ليس له محل إقامة آخر ، وأنه طالما ثبت أن المطعون ضده دفع الثمن فإن البائع يلتزم بنقل المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها، وأن ورثة المتوفى هم خلفه العام ينصرف إليهم أثر العقد بما أنتجه من حقوق والتزامات وتنشغل ذمتهم بتسليم العقار الذي باعه مورثهم – فإن الحكم المطعون فيه يكون قد رتب النتيجة التي انتهى إليها على ما له أصل ثابت في الأوراق باستخلاص سائغ وسليم يكفي لحملها ، وينأى بها عن أي غموض أو إبهام، ولا يغير من هذه النتيجة عدم رد المحكمة على ما يثيره الطاعنون من دفوع لا تنال سلامة ما أورده الحكم من استدلالات لعدم وجود إلزام على المحكمة بتتبع جميع أوجه دفاع الخصوم والرد على كل منها على حدة طالما بينت العناصر التي استبانت منها وجه الحقيقة في الدعوى على النحو السالف بيانه ، بما يكون معه الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع برفضه ، وبالزام الطاعنين بالمصروفات .