طعن مدني رقم 44/ 45ق
طعن مدني رقم 44/ 45ق
خلاصة المبدأ
وجوب تسبيب الحكم، القصد منه.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 92/153 أمام محكمة بنغازي الابتدائية ضد المطعون ضده بصفته، ومدير مصرف الجماهيرية فرع الجامعة، قال بياناً لها: إنه قام بفتح الاعتماد المستندي رقم 79/95 لدى المدعى عليه الثاني لصالح شركة ألمانية بقيمة ( 1,435,070 ) دول ولم يستعمله فطلب ترجيع كامل القيمة على أساس سعر الصرف يوم فتح الاعتماد، وتم ترجيع المبلغ على هذا الأساس، إلا أنه بعد فترة أخطره المدعى عليه الثاني بأنه كان يجب احتساب سعر الصرف يوم الترجيع، وقد تم خصم فرق السعر من حساب المطعون ضده على أقساط، وبطرح الموضوع على مصرف ليبيا المركزي أفاد بتطبيق سعر الصرف يوم فتح الاعتماد، وانتهى إلى طلب إلزام المدعى عليهما بدفع مبلغ ( 437,012,875 ) دول مع فائدة قانونية بواقع:، وبتاريخ 1995.2.18ف قضت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي بالاستئناف رقم 96/189 التي قضت فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف ضدهما بأن يؤديا للمستأنف مبلغاً وقدره ( 437,012,875 ) دل، والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية في 1992.1.28ف حتى %5 1997.5.1ف.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1997.5.1ف، وتم إعلانه بتاريخ 1997.11.10ف، وبتاريخ 1997.11.17ف قرر محامي الطاعن بصفته الطعن فيه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة، وسند وكالته، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وحافظة مستندات، وأودع بتاريخ 1997.11.28ف أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بصفته بتاريخ 1997.11.22ف، وبتاريخ 1997.12.24ف أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضده، وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والخطأ في الإسناد، والقصور في التسبيب:-
ذلك أن الحكم المطعون فيه ذكر أن المصرف لم يقم الدليل على شرائه العملة الأجنبية أو تحويلها إلى الخارج، وعند المطالبة بإلغاء الاعتماد قام بترجيعها على أساس سعر الصرف يوم الترجيع لا يـوم الشراء، مما ترتب عليه خسارة المطعون ضده – وهذا الذي أورده الحكم يناقض الثابت بالأوراق من عدة وجوه:-
- أن الطاعن قدم – ضمن حافظة مستنداته – الرسالةالمؤرخة في 1979.11.15ف الموجهة من مدير إدارة الحسابات والعلاقات الخارجية لرئيس فرع جامعة قاريونس، وهي توضح قيام الطاعن بشراء العملة الأجنبية وفتح حساب بها لدى المصرف المراسل.
أن المطعون ضده طلب من الطاعن – بموجب رسالته المؤرخة في 1979.10.29ف – فتح اعتماد مستندي غير قابل للإلغاء، محدداً المبلغ والمصرف المراسل لصالح الشركة ووقع على طلب شراء العملة الأجنبية، ثم وقع على طلب شراء العملة لدى المصرف المركزي، وكل هذه الخطوات ثابتة بأوراق الدعوى.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن الأحكام يجب أن تكون مشتملة على الأسباب التي بنيت عليها، والمشرع إذ أوجب ذلك على المحاكم إنما قصد حمل القضاة على بذل الجهد في تمحيص القضايا حتى تكون أحكامهم ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون، وحتى تتمكن محكمة النقض من ممارسة رقابتها على الأحكام في الحدود المبينة في القانون، تلك الرقابة التي لا تتحقق إلا إذا كانت الأحكام مسببة تسبيباً واضحاً كافياً.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته ((…أن المنطق والعقل والقانون يحتم إعادة قيمة الاعتماد المستندي للعميل وفقاً لسعر الصرف بتاريخ الشراء )) كما أورد ((… أن المصرف لم يقم الدليل على شراء العملة أو تحويلها إلى الخارج، وهذا يعني إما أنه لم يقم بشراء لعملة إطلاقاً أو أنه قام بشرائها وأودعها بخزائنه على ذمة العميل… )) كما جاء فيها ((… ويبدو واضحاً من أوراق الدعوى ومستنداتها أن العميل لم يقم بشراء العملة الأجنبية أصلاً… وحتى لو افترضنا أن المصرف قام بشراء العملة الألمانية وقام بتحويلها إلى حساب الشركة هناك وهذا ما لم يقم الدليل عليه… )).
وكان يبين من هذه العبارات التي أسس عليها الحكم قضاءه المطعون فيه أنها تناقض بعضها بعضاً بحيث لم يقطع الحكم بأن المصرف قام بشراء العملة أو لم يقم بذلك، ويسند أمر شراء العملة مرة للمصرف وأخرى للعميل، كما لم يوضح الحكم كيف استقت المحكمة من معطيات المنطق والعقل والقانون أنه يتحتم إعادة القيمة بسعر الصرف في تاريخ الشراء، بما تكون معه أسباب الحكم قد جاءت على درجة من التضارب تنبي أن المحكمة مصدرته لم تبذل جهداً في تفهم النزاع وخلطت بين وقائعه، ويكون الحكم قد شابه قصور أفسده بحيث لم يعد مقرراً للحق ولا حجة بما ورد فيه، الأمر الذي يوجب نقضه دون حاجة إلى مناقشة باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي لنظرها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات.