طعن مدني رقم 423/ 45ق
- التصنيف: المدني
- رقم الطعن: 423
- السنة القضائية: 45
- تاريخ الجلسة: 30 يوليو 2003
طعن مدني رقم 423/ 45ق
خلاصة المبدأ
- حجة الحكم الجنائي أمام القضاء المدني، نطاقها، أثر ثبوتها.
- طرح الدفع من محكمة الموضوع لعدم اقتناعها بالدليل، إعادة طرحه أمام المحكمة العليا وجوب إرفاق الدليل، مخالفة ذلك – أثره.
- الدفع بمساهمة المضرور في الخطأ دفع موضوعي وجوب عرضه على محكمة الموضوع، مخالفة ذلك أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 740 لسنة 1990ف أمام محكمة قصر بن غشير الجزئية، اختصم فيها مورث الطاعنين، وشركة ليبيا للتأمين وقال بياناً لها إن المدعى عليه الأول ألحق به أضراراً بواسطة سيارة والده (( المدعى عليه (الثاني، وبالتالي فإن الأخير يعد مسؤولاً عن تلك الأضرار، ولما كانت المركبة مؤمنة لدى شركة ليبيا للتأمين فإنها أيضاً تعد مسؤولة عن جبر تلك الأضرار، وانتهى إلى طلب إلزامهم متضامنين بدفع مبلغ مائة ألف دينار عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابته نتيجة الحادث والمحكمة قضت بإلزام المدعى عليهم متضامنين بدفع مبلغ قدره ثمانية آلاف دينار كتعويض عن الأضرار التي أصابت المدعي ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم كما استأنفته شركة ليبيا للتأمين أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية الدائرة الاستئنافية التي حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع أولاً: في الاستئناف رقم 96 لسنة 92 بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للمبلغ المحكوم به، وبإلزام المستأنف عليهم – عدا العاشر ” شركة ليبيا للتأمين » – بأن يدفعوا للمستأنف متضامنين مبلغ 10 آلاف دينار تعويضاً عن الضررين المادي والمعنوي.
ثانياً: في الاستئناف رقم 612 لسنة 95 المرفوع من الممثل القانوني الشركة ليبيا للتأمين بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام شركة ليبيا للتأمين بالتعويض، وبرفض الدعوى.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.2.23ف، وليس بالأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 1998.8.25 ف قرر محامي الطاعنين الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم والكفالة مودعاً سندات توكيلاته، ومذكرة بأسباب طعنه، وأخرى شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي.
وبتاريخ 1998.9.3 ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق.
وبتاريخ 1998.9.23ف أودع أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية مذكرة رادة بدفاع المطعون ضده مشفوعة بسند إنابته.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً. وحيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وبالقصور في التسبيب، على النحو التالي:-
أولاً: إن حكم محكمة أول درجة، ومن بعده الحكم المطعون فيه، استندا في إلزام الطاعن الأول بالمبلغ المحكوم به إلى الفعل غير المشروع، حيث اعتبراه مقصراً في حراسة السيارة التي كان يقودها في حين أن خطأ المضرور ( المطعون ضده ) هو المتسبب في الأضرار التي لحقت به حيث اصطدم بسيارة الطاعن الأول من الخلف، وبالتالي يعتبر ذلك سبباً أجنبياً يرفع عنه مسؤولية حارس الأشياء، أما بالنسبة لباقي الطاعنين فلم يرد بالحكمين أي أساس لإلزامهم متضامنين مع الطاعن الأول سوى قولهما: إن مورث الطاعنين قد أهمل ولم يبين ما إذا كان للإهمال علاقة بالأضرار اللاحقة بالمطعون ضده أم لا، ولا يلزم الوالد بالتعويض لمجرد كونه مالكاً للسيارة لأن الحراسة تنتقل من مالكها، ويكون قائدها هو المسؤول عن حراستها.
أما الإهمال الذي نسبه الحكمان إلى مورث الطاعنين والمذكور في الحكم الجنائي فلا يمكن أن يعتبر سبباً لإلزامه بتعويض المطعون ضده لانقطاع علاقة السببية بين ذلك الإهمال والأضرار، لأن الحادث وقع بين المطعون ضده والطاعن الأول وليس بينه وبين مورث الطاعنين.
ثانياً: زاد الحكم المطعون فيه من مبلغ التعويض المحكوم به متجاهلاً دفاع الطاعنين بانتفاء علاقة السببية بين الحادث والأضرار، وقال الحكم إن الأوراق خالية من أي دليل على صحة هذا الدفع، في حين أورد التقرير الطبي المودع من المطعون ضده أن السبب في مضاعفة المرض هو وجود جرثومة نتيجة الإهمال في معالجة الجرح، وأرجع الطبيب ذلك إلى إهمال المستشفى، كما أورد التقرير أن المريض رفض متابعة العلاج وخرج من المستشفى تحت مسؤوليته. والحكم المطعون فيه شابه قصور بزيادته مبلغ التعويض رغم التقرير الطبي المشار إليه، ومن شأن ما ورد به أن يقطع علاقة السببية بين فعل الطاعن الأول وبين الأضرار اللاحقة بالمطعون ضده مما يجعل الحكم جديراً بالنقض.
وحيث إن ما ينعى به الطاعنون في السببين مردود، ذلك أن المادة 393 من القانون المدني تنص على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة، وأن الحكم الصادر من المحاكم الجنائية تكون له حجية أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه من جهة نوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، ومن جهة الوصف القانوني لهذا الفعل، ومن جهة إدانة المتهم فيه، وأنه متى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور امتنع على المحكمة المدنية أن تعيد البحث فيها، ويتعين عليها أن تعتبر ما قضى به الحكم الجنائي فيها، وتلتزمه في الخصومة المدنية وحيث إن الثابت من مدونات الحكمين: الجزئي والاستثنافي، أن الطاعن الأول ومورث باقي المطعون ضدهم قد دينا بحكم جنائي صار نهائياً بعدم استئنافه، أساسه الإهمال في حراسة المركبة الآلية المتسببة في الحادث، وكان أساس هذا الفعل هو ذاته الذي يستند إليه المطعون ضده في دعواه المدنية التي أقامها في مواجهتهما بالتعويض عما أصابه من ضرر، وحيث إن الحكم الجنائي المذكور إذ قضى بإدانتهما يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين: الجنائية، والمدنية، وفي الوصف القانوني لهذا الأساس ونسبته إلى فاعله، ويحوز في شأن هذه المسألة المشتركة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية، ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه مما يتعين معه الالتفات عما يجادل به الطاعنون في السببين، بشأن هذه المسألة، علاوة على ذلك فإن ما يثيره الطاعنون أمام هذه المحكمة من تدخل خطأ المطعون ضده في الحادث هو في الواقع سبب جديد لم يسبق عرضه أمام محكمة الموضوع، وليس في مذكرتهم المقدمة أمام المحكمة، ولا في أسباب الحكم المطعون فيه، ما يشير إلى إثارته، ومن ثم لا يجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا، وعن النعي بوجود مضاعفات أدت إلى تفاقم المرض وعزو بعضها إلى إهمال العاملين بالمستشفى وبعضها الآخر إلى إهمال المضرور بمغادرة المستشفى قبل تمام العلاج، فإن الحكم المطعون فيه قد طرح هذا الدفاع جانباً لعدم إقامة الدليل عليه، وكان يجب على الطاعنين إرفاق التقارير الطبية المؤيدة لهذا الدفاع وتقاعسهم عن ذلك يجعل نعيهم في هذا الخصوص عار من الدليل، مما يجعل النعي برمته على غير أساس يتعين رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعنين بالمصروفات.