طعن مدني رقم 360/ 45ق
طعن مدني رقم 360/ 45ق
خلاصة المبدأ
الدفع ببطلان تقرير الخبرة لعدم إعلان الخصم بموعدها، دفع جوهري وجوب التحقق من صحته، تخلف ذلك – أثره
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1 لسنة 1996 أمام محكمة البيضاء الابتدائية على الطاعن، طالبا ندب خبير لتقدير قيمة وكيفية الأعمال التي نفذها المدعى عليه في المبنى المتفق على بنائه ومدى مطابقتها لصحيح الصنعة مع سداد قيمة الأضرار والتعويض عنها، وعن التأخير في الإنجاز بمبلغ عشرة آلاف دينار، وقال شرحا لدعواه: إنه اتفق مع المدعى عليه على تنفيذ هيكل خرساني لمنزل بمبلغ 17000 دينار خلال ستة أشهر، سلمه منها 2500 دينار، واتضح له منذ البداية أن التنفيذ لا يتفق المواصفات الفنية المطلوبة، وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا في مع الدعوى، وقدم الخبير تقريره أصدرت حكمها بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ خمسة آلاف دينار تعويضا ماديا ومعنويا له عن الأضرار التي لحقت به بسبب عدم تنفيذ الالتزامات العقدية في تنفيذ المبنى الخاص بالمدعي، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الجبل الأخضر التي قضت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.5.27، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1998.7.26، مسددا الرسم والكفالة ومودعا مذكرة بأسباب الطعن، وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ثم أودع بتاريخ 1998.8.9 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 1998.8.4، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع ينقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقولاً شكلاً.
وحيث إن مما ينعاء الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ لم يرد على الدفع ببطلان تقرير الخبير لعدم دعوة الخصوم لحضور بأسباب سائغة، واعتمد على ما ذكره الخبير عند مناقشته أمام المحكمة من أنه أعلن الطاعن بالموعد ولم يحضر، مع أنه لا يوجد في الأوراق ما يفيد علم الطاعن بالموعد.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن عدم دعوة الخبير للخصوم لحضور أعمال الخبرة التي يجريها عيب جوهري يشوب إجراءات الخبرة، ويترتب عليه الإخلال بحق الدفاع. والحيلولة دون استعمال الحق المخول للخصوم بمقتضى المادة 2/203 من قانون المرافعات التي أجازت للخصوم أن يحضروا عمليات بأنفسهم، أو بواسطة محام عنهم، وأن يقدموا للخبير ملاحظاتهم وطلباتهم كتابة أو شفاهاً، وعدم مراعاة ذلك يحدث ضررا بالخصوم يترتب عليه بطلان أعمال الخبرة وفقاً لنص المادة 21 من القانون المشار إليه. وينبني على ذلك أنه في حالة الدفع أمام المحكمة من جانب أي من الخصوم ببطلان تقرير الخبير لعدم دعوته لحضور عمليات الخبرة، يكون لزاماً على المحكمة أن تتحقق من صحة هذا الدفع الجوهري وأن تبني قضاءها في مواجهة هذا الدفع قبولاً أو رفضاً على أسباب سائغة
ومن خلال ما يثبت لها من أوراق الدعوى.
لما كان ذلك ذاك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أشار ضمن مدوناته إلى أن صحيفة استئناف الطاعن للحكم الابتدائي تضمنت القول ببطلان الخبرة لعدم دعوته إليها، ورد الحكم على هذا الدفع بأن الخبير أفاد عند مناقشته أنه دعا المستأنف لحضور أعمال الخبرة، إلا أنه تخلف في الموعد المحدد لذلك، واكتفى الحكم بهذه الإفادة دون أن يدعمها بأي مستند يثبت قيام الخبير بتوجيه الدعوة إلى الخصوم للحضور، ودون أن يورد ما يزيل التناقض بين هذه الإفادة وما أثبته الخبير في تقريره الذي أودع الطاعن صورة رسمية منه ضمن مستندات طعنه من أنه قام بزيارة المبنى موضوع الدعوى صحبة الخصوم كل على حدة، بما يصم الحكم بالقصور ويوجب نقضه دون حاجة لمناقشة بقية أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف الجبل الأخضر للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات.