أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 356/ 45ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 356
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 15 ديسمبر 2003

طعن مدني رقم 356/ 45ق

خلاصة المبدأ

الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في حالة وجود علاقة عقدية – شرطه.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 1996/1929 ف أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية ضد المطعون ضده بصفته قائلاً في بيانها:- إنه بتاريخ 1996.3.26ف شب حريق بمخبزه وقت غياب العمال عنه،أتى على كل محتوياته، وألحق أضرارا بالمبنى – جراء تذبذب التيار الكهربائي، وعدم إرساله وفق المعتاد، والأصول الفنية، وطلب إلزام المدعى عليه “المطعون ضده” بصفته بأن يدفع له مبلغ أربعمائة ألف دينار تعويضاً له عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، وخمسمائة دينار يومياً من يوم وقوع الحادث – إلى تاريخ صدور الحكم… قضت المحكمة برفض الدعوى، لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فاستأنفه بالاستئناف رقم 1215 لسنة 43 ق أمام محكمة استئناف طرابلس، التي قضت بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه”.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.4.18ف، ولا يوجد بالأوراق ما يدل على إعلانه، وبتاريخ 1998.7.25ف قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض نيابة عنه لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم، ومودعاً الكفالة، وسند الوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، وحافظتي مستندات، وبتاريخ 1998.7.30ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 1998.9.3ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه، كما قدم حافظة مستندات. وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على

رأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع من الوجوه الآتية:-

  1. إن الطاعن ارتبط بعلاقة تعاقدية مع المطعون ضده ترتب عليها التزام الأخير بتوريد الطاقة الكهربائية إلى مخبز الطاعن وفقا للأصول من المألوفة، وهو ملزم – بمقتضى أحكام العقد والقانون – بصيانة دورية لشبكة الكهرباء حتى نقطة الاتصال بمفتاح التحكم، إلا أنه لم يقم بذلك، وقصر في صيانة الشبكة مما أدى إلى حدوث تماس في أسلاك الكهرباء، واندلعت النيران في المخبز، وقد ثبت ذلك تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، وما شهد به العمال في محضر ضبط القضية رقم 1996/30 ف – إداري الحي الصناعي – وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك ونفى عن الشركة المطعون ضدها تقصيرها في حراسة أشياء ميكانيكية كهربائية فإنه يكون مشوبا بمخالفة القانون، وتأويله متعين النقض.
  2. إن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا في أسبابه، ومتناقضا تناقضا معيبا، ذلك أنه أحال في أسبابه على الحكم الابتدائي الذي هو الآخر جاء قاصرا – لأنه التفت عن تقرير الخبرة الفنية، ولم يرد عليه، وأنه بنى قضاءه على أن التماس مرده عدم وجود مفتاح فاصل خلافا لما أثبته الخبير من أنه موجود، وأن التماس حصل قبل الفاصل، والذي هو من مسؤولية الشركة المطعون ضدها…..
  3. إن الطاعن تقدم بمستندات رسمية تمثلت في تقرير الخبير الكهربائي، و محضر جمع الاستدلالات الذي تضمن شهادة شهود الحال، وكذلك خبير المطافئ، وهي كلها تؤكد أن الحريق كان بسبب خارج الفاصل الكهربائي، والذي تبدأ منه مسؤولية الشركة المطعون ضدها، ولم يرد الحكم المطعون فيه، ومن قبله الحكم الابتدائي على ما ورد في هذه المستندات…
  4. إن دفاع الطاعن قدم للمحكمة المطعون في قضائها مذكرة تضمنت دفوعا جوهرية، وأغفلت الرد عليها.

وحيث إن النعي بجميع وجوهه في غير محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه إذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها، ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته في تنفيذ العقد تعين الأخذ بالمسؤولية العقدية، إذ هي التي تربط كل علاقة بين الطرفين،، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسؤولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة لما يترتب على الأخذ بأحكامها في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسؤولية، مما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت أن الفعل الذي ارتكبه أحد المتعاقدين، وأدى إلى الأضرار بالمتعاقد الآخر يكون جريمة، أو غشا، أو خطأ جسيما مما تتحقق به المسؤولية التقصيرية تأسيسا على أنه إخلال بالتزام قانوني، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الأحوال متعاقدا كان، أو غير متعاقد.

بان

وحيث إن الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب إلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع له تعويضا عن الأضرار التي لحقت به نتيجة احتراق مخبزه استنادا – إلى مسؤولية الحارس عن الأشياء المقررة في المادة ( 181 ) من القانون المدني، وأن المطعون ضده دفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بأن العلاقة التي تربطه بالطاعن علاقة عقدية قوامها عقد توريد الطاقة بما يكون معه أن قواعد المسؤولية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن الإخلال بالالتزامات التي يرتبها العقد على طرفيه هي المنطبقة دون غيرها، كما دفع بأن الخطأ قبل الشركة العامة للكهرباء في دعوى الحال تأسيسا على المسؤولية العقدية غير ثابت استنادا – إلى أن الحريق الذي شب في مخبز المدعي (الطاعن) كان بمكان تواجد العدادات، وبعد نقطة التسليم التي تنتهي عندها مسؤولية الشركة، وتبدأ منها مسؤولية المنتفع بالطاقة طبقا لنصوص العقد، ولم يحدث تماس كهربائي، أو خلل بالشبكة قبل مكان لوحة العدادات ونقطة التسليم، إذ – المخبز – محل الواقعة – يقع في منطقة آهلة بالبيوت والعمارات السكنية، ولم يتعرض أي منها لما تعرض له المخبز المذكور.

وحيث يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة لم تطلق للطعن الحق في الرجوع على الشركة العامة للكهرباء بدعوى المسؤولية التقصيرية المفترضة المبينة في المادة (181) من القانون المدني بوصف أنها حارسة الأشياء، وتأسيسا على أن الطاعن أصابه ضرر من احتراق مخبزه، وإنما كيفت الدعوى، وردتها إلى الوصف السليم المنطبق على الوقائع المعروضة عليها، والدفوع التي أثارها المطعون ضده أمامها، ثم ناقشت الدعوى على أساس المسؤولية العقدية، واستعرضت حافظة مستندات الطاعن، التي من بينها تقرير الخبير الاستشاري في مجال الكهرباء، ونقلت إلى مدونات حكمها ما أثبته الخبير من أنه عاين المخبز من الداخل، ووجد انفجاراً شديداً بالفرن نتج عنه الحريق بالمخبز، والشبكة الكهربائية الداخلية بالكامل، وأوعز ذلك إلى ارتفاع في الجهد الكهربائي نتج عنه حرق ملف نقاط التلامس الخاصة بجهاز التحكم وصهرها الأمر الذي أدى إلى عدم توقف جهاز ضخ الوقود المضغوط إلى الفرن، وإلى ارتفاع درجة الحرارة، و حدوث الانفجار به… وبعد فراغها من ذلك كله قضت برفض الدعوى تأسيسا على عدم ثبوت إخلال المطعون ضده بالعقد، أو أنه ارتكب فعلا يكون جريمة، أو غشا، أو خطأ جسيما نجم. عنه الضرر المدعى به…..

وحيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف استنادا – إلى أحكام المسؤولية العقدية، وعلى أساس أن المسؤول عن الحادث، وما نجم عنه من أضرار هو الطاعن، وليس المطعون ضده، وأورد في ذلك قوله:- وحيث إن الثابت من صحيفة دعوى المستأنف أن الحريق الذي شب في مخبزه كان أثناء غيابه، وغياب عما له، وحيث إنه بالاطلاع على عقد توريد الطاقة الكهربائية المبرم بين المستأنف والشركة العامة للكهرباء تبين منه أن من بين التعليمات الواردة به هي التزام المنتفع بإضافة نظام وقائي على حسابه الخاص يحتوي على قاطع تيار يدوي، أو تلقاني ضد احتمال زيادة الحمل، وأن تكون قدرة هذا القاطع متناسبة مع القدرة المتعاقد عليها، وأن يكون مكان القاطع بعد العدادات ونقطة التسليم مباشرة، وعلى المستهلك أن يعزل التيار بفتح القاطع الرئيسي الخاص به خلال الوقت الذي يتغيب فيه عن المحل موضوع العقد، وذلك لأسباب وقائية ولتفادي وقوع أي حوادث قد تضر به، أو بمن حوله أو بالشبكة الرئيسية وبالأجهزة التي وضعت له، ويكون المنتفع مسؤولا مسؤولية مباشرة عن أي أضرار تنتج عن عدم تمسكه بهذه التعليمات، وخلت الأوراق مما يفيد أنه التزم بها مما ترى معه المحكمة أنه المسئول عن الأضرار التي لحقت به من جراء احتراق مخبزه…].

لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير الاستشاري في مجال الكهرباء أن الحريق الذي شب في مخبز الطاعن كان بسبب حرق ملف نقاط التلامس الخاصة بجهاز التحكم الموجود بمكان تواجد العدادات، ويعد نقطة التسليم التي تنتهي عندها مسؤولية الطاعن المنتفع بالطاقة طبقا لبنود العقد المشار إليه، ولم يتضمن التقرير ما يفيد أن سبب الحريق تماس بالأسلاك الكهربائية قبل لوحة العدادات، ومفتاح التحكم، كما أن الطاعن لم يثبت أن المطعون ضده قد أخل بعقد التزام خدمات الكهرباء، أو أنه ارتكب فعلا يكون جريمة، أو غشا، أو خطأ جسيما نجم عنه الضرر المدعى به، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون عليه فيه الرد الكافي على ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه، والمستندات المرفقة بها، ولا يكون قد خالف القانون أو حاد عن الفهم السوي لمقتضى أحكامه، أو اعتراه قصور أو فساد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن بالمصروفات.