طعن مدني رقم 326/ 48ق
طعن مدني رقم 326/ 48ق
خلاصة المبدأ
فصل العامل لسبب الغياب يستوجب الإنذار، سواء أكان الفصل من رب العمل أو عن طريق مجلس التأديب.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 133 لسنة 2000 أمام محكمة مصراتة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة قائلا في بيانها إنه التحق بالعمل لدى الشركة المدعى عليها منذ 1991.2.23، إلا أنه تعرض لظروف عائلية صعبة وأصيب بمرض نفسي أدى إلى فقده القدرة على العمل، مما جعله ينقطع عنه اعتبارا من 1995.11.1، وبعد أن تحسنت ظروفه الصحية عاد إلى عمله بتاريخ 1998.12.7، وتم التحقيق معه في واقعة الغياب، ثم أحيل إلى مجلس التأديب بالشركة الذي أصدر قرارا بفصله من العمل، وبالنظر إلى أن هذا القرار باطل ومخالف للقانون فقد أقام دعواه طالبا الحكم ببطلانه وإلزام الشركة بإعادته إلى سابق عمله مع صرف مرتباته ومستحقاته المالية اعتبارا من 1998.12.7 إلى حين تمكينه من استئناف عمله بالشركة المدعى عليها، فاستأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصراتة التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم وبرفض الدعوى.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2001.5.23 ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه وقرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، بتاريخ 2001.6.16 وأودع مذكرة بأسباب الطعن، وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ 2001.6.30 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 2001.6.26، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ ذهب إلى أن الفصل من العمل عن طريق مجلس التأديب لا يستوجب توجيه الإنذار في حالة الغياب المنصوص عليه في المادة 51 من قانون العمل، مع أن هذه المادة واجبة التطبيق سواء كان الفصل من صاحب العمل أو من مجلس التأديب الذي يعبر عن إرادة صاحب العمل.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة 51 من قانون العمل تنص على أنه لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون إنذار أو مكافاة أو تعويض إلا في حالات حددتها تلك المادة، ومن بينها الحالة الواردة في الفقرة الخامسة، وهي حالة إذا ما تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من عشرين يوماً خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متتالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل بعد غياب العشرة أيام في الحالة الأولى، وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية، وأن يخطر مكتب العمل بصورة من الإنذار.
ومفاد هذا النص أن حق صاحب العمل في فصل العامل بسبب الغياب مع حرمانه من حقوقه المنصوص عليها في المادة المشار إليها لا يتحقق إلا إذا قام صاحب العمل بتوجيه الإنذار إلى العامل المتغيب في المدد التي حددتها هذه المدة حتى يقوم الدليل على عدم رغبة العامل في الاستمرار في عمله، وليكون الإنذار تحذيراً له من مغبة هذا الانقطاع، ويستوي الأمر سواء كان الفصل من طرف صاحب العمل مباشرة أو من مجلس التأديب الذي يشكل بمعرفته، لأن نصوص قانون العمل المقررة الصالح العامل تعتبر نصوصاً آمرة وواجبة التطبيق في جميع الأحوال.
وحيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى رفض دفاع الطاعن بعدم توجيه إنذار كتابي إليه قبل فصله بسبب الغياب تأسيساً على أن الإنذار وجوبي في حالة الفصل المجرد للعامل الصادر بقرار شخصي من صاحب العمل، وأن المساءلة التأديبية تشتمل على ضمانات قانونية للحصول على محاكمة تأديبية عادلة تتضمن التحقيق مع العامل وحقه في توكيل محام للدفاع عنه أمام مجلس التأديب، في حين أنه لا علاقة بين اشتراط المشرع توجيه الأنذار للعامل قبل فصله بسبب الغياب وبين ما يتوفر في المحاكمة التأديبية من ضمانات وعدالة، ومن ثم فإن قضاء الحكم يكون قد بني على استخلاص غير سائغ ولا سند له في القانون.
ولا يغير من ذلك أن غياب الطاعن كان بدواعي المرض، وأنه لا يمكن إرغام صاحب العمل على تحمل عبء العامل المريض لمدة طويلة، إذ إن الثابت من أوراق الطعن أن فصل الطاعن لم يتم خلال فترة تغيبه بسبب المرض حتى يسوع القول بأن عدم قدرته على أداء العمل المطلوب منه يصلح مبرراً لفصله دون حاجة إلى الإنذار، ولكن الواقع الثابت من الحكم أن الطاعن بعد انقطاعه لفترة طويلة عن العمل، تحسنت صحته وغدا قادراً على العمل، ومن ثم التحق بعمله بالشركة المطعون ضدها بتاريخ 1998.12.7ف، وأنه استمر في أداء عمله إلى أن صدر قرار مجلس التأديب بفصله بتاريخ 1999.5.6ف، الأمر الذي يكون معه الحكم مستوجب النقض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف مصراتة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات.