Skip to main content

طعن مدني رقم 282/ 45ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 282
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 26 أبريل 2003

طعن مدني رقم 282/ 45ق

خلاصة المبدأ

  1. لا تجوز المجادلة فيما انتهت إليه محكمة الموضوع من فهم لواقع الدعوى أمام المحكمة العليا.
  2. المحكمة غير ملزمة بالإحالة على الخبرة – شرطة.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 96/1122 أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية ضد الطاعنين طالبين الحكم لهما بصحة ونفاذ عقد الصلح الميرم بينهما وبين المدعى عليه الأول بتاريخ 1984.4.12ف، وجعله في قوة السند الواجب النفاذ، وإلزام المدعى عليهما على وجه التضامن بتعويض المدعيين عما لحق بهما من أضرار ؛ وذلك بمبلغ خمسة آلاف دينار، مع المصاريف والأتعاب. وجاء في شرح دعواهما أنهما بتاريخ 1984.4.12 ف عقدا محضر صلح مع المدعى عليهما لإنهاء النزاع حول الممر المشترك والبئر الموجود بالمزرعتين العائدتين لكلا الطرفين، وأن محضر الصلح تم التصديق عليه من طرف اللجنة الشعبية للمحلة، إلا أن المدعى عليه الثاني – بصفته وكيلاً عن والده المدعى عليه الأول – تراجع عن قبول الصلح، وأنه رغم عرض النزاع على اللجنة الشعبية للمحلة لم يتم التوصل إلى حل ؛ مما حدا بالمدعيين إلى إقامة دعواهما تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم.

ومحكمة أول درجة قضت للمدعيين بمطلوبهما، فاستأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس، التي قضت بقبول استثنافهما شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصاريف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.3.14ف، وأعلن بتاريخ 19985.16ف، فقرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية بتاريخ 1998.6.15ف الطعن فيه بطريق النقض نيابة عنهما أمام قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الوكالة، وسند الإنابة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1998.623 ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما في 1998.6.18ف. ولم يقدم المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما.

 وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن انتهت فيها إلى قبوله شكلاً ورفضه موضوعاً..

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة فهو مقبول شكلاً.

اوحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق، والإخلال بحق الدفاع، من وجوه 1 – أن الحكم الابتدائي قد خالف القانون حينما اعتمد على حكم صادر سنة 1977ف مع أن هذا الحكم لم يعلن للمستأنف منذ صدوره، ولا يمكن أن يعول عليه لأنه سقط بالتقادم الطويل ؛ الأمر الذي ما كان ينبغي معه المحكمة أول درجة أن تبني عليه حكمه.

2- أن محكمة البداية خالفت الثابت بالأوراق عندما أشارت في أسبابها إلى أن المدعيين قدما شهادة سلبية تفيد بأن العقار موضوع النزاع ليس محلاً لإجراءات تحقيق الملكية، بينما واقع الحال يدل على أن المدعي قام بسحب هذه الشهادة وتقدم بطلب للمحكمة لهذا الغرض، واستجابت المحكمة لطلبه رغم أن المدعى عليه طلب التأجيل للاطلاع على هذه الشهادة، إلا أن وكيل المدعي مانع في ذلك، وطلب حجز الدعوى للحكم، والمحكمة أجابته لطلبه.

3- أن وكيل المدعى عليه طلب من محكمة البداية استبعاد محضر الصلح لأن موكله لم يقم بالتوقيع عليه، وهو في حالة تسمح له بذلك، لأنه يعاني من أمراض تؤثر على تصرفاته، كما أن التوقيع المزعوم لم يتم في مجلس عقد، لأن المدعى عليه الأول لم يحضر إطلاقاً مثل هذا المجلس ؛ الأمر الذي لا يكون معه من أثر قانوني لمحضر الصلح المذكور.

4- أنه رغم أن وكيل المدعى عليه الأول طلب من محكمة البداية ندب خبير لمعاينة العقارين المتحدين والممر المشترك بينهما لبيان مدى أحقية كل من الطرفين في استعماله، إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب الجوهري، وركنت إلى الحكم الصادر سنة 1977، رغم أنه لا يمكن التعويل عليه لسقوطه بالتقادم ؛ بما يكون معه الحكم مخلا بحق الدفاع، ولكل ذلك يكون الحكم المطعون فيه جديراً بالإلغاء.

 وحيث إن جميع أوجه النعي المتقدمة غير سديدة، ذلك أن المطعون ضدهما قد أقاما دعواهما ابتداءً بطلب صحة ونفاذ عقد الصلح، المبرم بينهما وبين الطاعن الأول بتاريخ 1994.4.12ف، وجعله في قوة السند الواجب النفاذ الملزم للطرفين ؛ وقد أجابتهما محكمة البداية إلى طلبهما، وتأيد حكمها بالحكم المطعون فيه ؛ وذلك تأسيساً على ما ثبت لها من المستندات المقدمة في الدعوى من أن الصلح موضوع الدعوى كان قد تم التوقيع عليه من الطرفين أمام أعضاء اللجنة الشعبية للمحلة، والتي قامت بالتصديق عليه أيضاً، وأن الطاعن الأول قام بالتوقيع على محضر الصلح المذكور بإرادة حرة ودون إكراه من أحد، كما لم يقع تحت طائلة الغش أو التدليس من أحد، وأنه قد تنازل عن جزء من حقه بعد صدور الحكم في الدعوى رقم 1977/36ف، ثم إن الثابت أن الطاعنين لم ينكرا عقد الصلح بل أكداه، وإنما أرادا الرجوع عنه، وهو ما جعل المحكمة ترى أن الصلح الذي تم بين الطرفين جاء مكتمل الأركان وموافقاً لنص المادة 548 مدني، ومن ثم أجابت المطعون ضدهما إلى طلبهما بصحة ونفاذ عقد الصلح موضوع النزاع.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى من شأن قاضي الموضوع وحده، ولا رقيب عليه فيما يحصله ما دام لم يعتمد واقعة بغير سند لها، أو يستخلص من الوقائع نتيجة غير مقبولة عقلاً.

لما كان ذلك، وكان يبين مما سلفت الإشارة إليه أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، لم يتخذ من الحكم الصادر في الدعوى رقم 77/36 أساساً لقضائه، كما يدعي الطاعنان، وإنما أشار إليه في معرض رده على طلب الطاعنين ندب خبير ؛ بما يكون معه ما يثيره الطاعنان في أوجه النعي: الأول، والثاني، والثالث، مجرد مجادلة موضوعية، مما لا يقبل أمام محكمة النقض، فضلاً عن أنه لا دليل – من أوراق الدعوى- على أن الطاعنين تمسكا بما أورداه في الوجه الثاني من الطعن فيما يتعلق بالشهادة السلبية. 

وفي خصوص ما أثاره الطاعنان في الوجه الرابع من الطعن فإنه لما كان من المقرر أن لقاضي الموضوع مطلق الحرية في إجابة الخصم إلى طلب ندب خبير في الدعوى، إذا رأى هناك حاجة لذلك، أو رفضه إذا وجد في أدلة الدعوى وعناصرها المطروحة أمامه ما يغنيه ويكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها، وكان البين من الحكم المذكور أنه رفض طلب الطاعنين ندب خبير، مبرراً ذلك بأنه ليس هناك من حاجة إليه لأن الممر ثابت وواضح بموجب الحكم الصادر في القضية رقم 77/36، وإذ كان ذلك، وكانت الدعوى هي دعوى صحة ونفاذ عقد صلح، لا تتطلب أكثر من التحقق من صحة انعقاده بين طرفيه، ولا تقتضي ندب خبير لتطبيق محتوى بنوده على الطبيعة، لأن ذلك يخرج عن نطاق الدعوى ولا تتطلبه الحاجة للفصل فيها ؛ فإن الحكم المطعون فيه لم يعد التطبيق الصحيح للقانون، أو يعتريه قصور في الأسباب، بما يتعين معه رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعنين المصروفات.