أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 262/ 45ق

نشر في

طعن مدني رقم 262/ 45ق

خلاصة المبدأ

  1. لا تجوز المجادلة في تقدير الأدلة أمام المحكمة العليا.
  2. تقادم حقوق التجار بسنة واحدة – شرطه.
  3. اعتبار الحكم أن الشركة الطاعنة شركة تجارية، والتدليل على ذلك بقانون إنشائها – صحيح قانونا – بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 93/1356 أمام محكمة طرابلس الابتدائية ضد الطاعن، والممثل القانوني لمصرف الجماهيرية، قال فيها بأنه خلال السنوات 83، 1985/84ف وردت بضائع للطاعن بما يعادل بالعملة المحلية “81,400 ” ديل، وأنه رغم المطالبة المتكررة – لم يتم سداد الدين، مما حدا به إلى رفع دعواه تلك بطلب إلزام الطاعن بدفع المبلغ المذكور مع الفوائد القانونية من 1993.4.15ف تاريخ الإخطار بالسداد، وتعويض قدره 25 ألف دينار مع المصاريف والأتعاب وإلزام المصرف بتقديم مستندات الصفقة التي بحوزته، والمحكمة قضت بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغاً بما يعادل سعر الصرف يوم المطالبة القضائية 1993.6.9ف بالعملة الليبية، وقدره ثلاثمائة واثنان وسبعون مليوناً وثلاثمائة وخمسون ألفاً وثمانمائة وثماني عشرة ليرة إيطالية، وتسعة آلاف وسبعة عشر دولاراً، مع الفوائد القانونية بنسبة %5 سنوياً من تاريخ المطالبة والتعويض بألفي دينار، وإلزامه المصروفات.

وفي الاستئناف المرفوع من الطاعن قضت محكمة استئناف طرابلس بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف المصروفات.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه”. 

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.12.21ف، وأعلن للطاعن في 1998.4.31ف، فقرر محاميه الطعن فيه بالنقض بتاريخ 1998.5.28ف لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي وحافظة مستندات، وفي 1998.6.1ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده في اليوم السابق.

قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده ألفي دينار كتعويض عن الضرر التكميلي، وبرفض هذا الطلب ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وفي الجلسة تمسكت برأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطا في تطبيق القانون وتأويله، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، وبيان ذلك:-

أولا:- دفع الطاعن أمام المحكمة المطعون في قضائها بأن موضوع الدعوى لا يخضع للقانون التجاري ولا تنطبق عليه أحكامه وعلى الأخص تلك التي تتعلق بالتقادم، إذ أن الطاعن لا يرتبط بالمطعون ضده باية علاقة أو تعاقد تجاري، وان قبوله البضاعة كان بصورة عرضية،والمحكمة المطعون في قضائها ومن قبلها محكمة أول درجة أخطأت إذ اعتبرت الشركة التي يمثلها الطاعن شركة تجارية مع أنها شركة وطنية عامة متخصصة في توزيع هذه البضاعة للأندية والشباب، وتدار بنظام لائحي وبالتالي ليس هدفها تحقيق الربح مثل سائر الشركات التجارية الخاصة بقدر ما يكون همها تنفيذ البرامج والخطط المناط بها تحقيقها، وتوزيع الأرباح فيها نتيجة منطقية لتطبيق الأحكام المتعلقة بمقولة (( شركاء لا أجراء )) وتوزيع العائد من الأرباح على الشركاء وهذا النظام مطبق في سائر الشركات والوحدات الإنتاجية والخدمية بالجماهيرية، ولم يقل أحد بأنها شركات تجارية، ومن ثم فإنه لا يجوز تطبيق أحكام القانون التجاري ونظل الواقعة عملاً من الأعمال التي يحكمها القانون المدني، وعلى الأخص تلك المتعلقة بالتقادم المنصوص عليها بالمادة 365 مدني، وتكون الدعوى قد انقضت بالتقادم بمضي المدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة، ومتى كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ذلك وقضى برفض الدفع بالتقادم فإنه يكون مخالفاً لصحيح القانون.

ثانياً:- مع التسليم بأن التصرف المائل هو من الأعمال التي يحكمها القانون المدني ولا تنظمها نصوص القانون التجاري فإن القضاء بالتعويض وبالفائدة القانونية اعتباراً من المطالبة القضائية يكون مخطئاً في تطبيق القانون، وحتى لو سلمنا جدلاً بخضوع العلاقة لأحكام القانون التجاري فإن المادة 102 من هذا القانون قد نصت على طريقة التعويض. ولم يكن من ضمن ما نصت عليه الفوائد القانونية، بل إن التعويض عن التأخير، وكما ورد في هذا النص هو الفرق بين الثمن المتفق عليه والسعر الجاري في اليوم والمكان الذي كان يجب أن يحصل فيها التسليم، وكذلك ما ورد في المادة 99 من القانون التجاري، وهذه الأحكام تقضي بعدم ازدواجية التعويض، والحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى غير ذلك وأيد حكم محكمة أول درجة بإلزام الطاعن بدفع فائدة قانونية عن التأخير إضافة إلى إلزامه بدفع تعويض عن هذا التأخير فإنه يكون مخالفاً للقانون.

ثالثاً:- انتهى الحكم المطعون فيه إلى انشغال ذمة الطاعن بمبلغ المديونية وأنه لم يقدم الدليل على التخلص من هذه المديونية، وأن ما قدمه غير مترجم للعربية في حين أن الطاعن قدم ضمن مستنداته ما يفيد طلباته المتكررة إلى مصرف ليبيا المركزي لشراء العملة والوفاء بقيمة المواد المبيعة للمطعون ضده إلا أن المصرف قد أرجأ تنفيذ تلك الطلبات لحين إمكانية تنفيذها، وكانت تلك الطلبات باللغة العربية وتبين الأرقام العربية، قيمة المواد المشتراة والمطلوب تحويل قيمتها بالدينار.

رابعاً:- خلص الحكم إلى أن المطعون ضده قد أثبت التزام الطاعن بالمبالغ الثابتة عن بيع البضاعة موضوع التعاقد بموجب قوائم الدفع المقدمة ضمن مستنداته، وأن الآجال المحددة للدفع كما تضمنتها المستندات قد حلت عند رفع الدعوى مما يوجب الوفاء بالمبالغ موضوع الدين في حين أن الأوراق قد خلت مما يفيد حلول أجل الدين، ولا تتضمن مستندات المطعون ضده ما يفيد تحديد أجل الدفع بتاريخ معين ولكل ما تقدم فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.

وحيث إنه عن السبب الأول فهو غير سديد، ذلك أن ما نص عليه في المادتين 15،3 من النظام الأساسي للشركة التي يمثلها الطاعن من أن أغراضها تصنيع واستيراد وتوزيع الأدوات والألعاب، وأن من بين اختصاصات جمعيتها العمومية حساب الأرباح والخسائر و توزيع، وعقد القروض، وإصدار السندات والمسائل الأخرى التي تختص بها الجمعية العمومية للشركة، وفقاً لأحكام القانون التجاري الأرباح مما ينبئ عن الشركة المذكورة شركة تجارية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبرها كذلك فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.

وحيث إن تقادم حقوق التجار بسنة واحدة وفق الفقرة الأولى من المادة 365 من القانون المدني مشروط بأن تكون هذه الحقوق ناشئة عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها بل يشترونها لاستعمالهم الخاص.

لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الالتزام المترتب في ذمة الطاعن بصفته ناشئ عن أشياء تتجر فيها الشركة التي يمثلها، مما يجعل التقادم المنصوص عليه في المادة السالفة لا ينطبق على واقعة الدعوى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المثار في هذا الشأن من الطاعن فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه في هذا الجانب لا سند له متعين الرفض هو الآخر.

وحيث إنه بالنسبة للسببين الثالث، والرابع، فهما في غير محلهما ذلك أنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بثبوت مديونية الطاعن وحلول أجل الدين على ما ورد بفواتير الشراء، وبرقيات المطالبة بالدين، وبرقية صادرة عن الشركة التي يمثلها الطاعن تقر فيها بالدين وتتعهد بتسديده خلال سنة 1992 ف، وأن الطاعن لم يجحد هذه المستندات ولم يقدم ما يفيد الوفاء بما في ذمته للمطعون ضده، وكان ما أورده الحكم على هذا النحو يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في غير ما قصور أو فساد ؛ بما يضحي معه ما يثيره الطاعن في سبب طعنه الثالث والرابع من قبيل المجادلة الموضوعية في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.

وحيث إنه عن السبب الثاني للطعن والمتعلق بالجمع بين الفوائد والتعويض فهو في محله، ذلك أن مقتضى نص المادة 234 من القانون المدني أن المطالبة بتعويض تكميلي إضافة إلى الفوائد مشروطة بأن يكون الضرر الذي يجاوز الفوائد قد تسبب فيه المدين بسوء نية.

لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن بتعويض المطعون ضده إضافة إلى الفوائد دون أن يثبت أن هذا التعويض التكميلي عن ضرر يتجاوز الفوائد تسبب فيه المدين “الطاعن” بسوء نية، وإذ أيده الحكم المطعون فيه في ذلك، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون، والقصور في التسبيب بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً بالنسبة لما قضى به من تعويض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به بالنسبة للتعويض، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً في هذا الخصوص من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات المناسبة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.