طعن مدني رقم 237/ 46 ق
العنوان
- الإقرار الذي يقطع التقادم – شرطه.
- جميع الدعاوى العمالية تخضع لتقادم مسقط مدته سنة – بيان ذلك.
- علاقة العمل لا تعتبر مانعا أدبيا يوقف التقادم ذلك
الملخص
- أن الإقرار القاطع للتقادم طبقاً لنص المادة 371 من القانون المدني هو الإقرار الكاشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين، بمعنى أن يقر بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً، ولا يكفي مجرد التقرير للواقع من المدين وإنما يجب أن يدل الإقرار على تنازله عن المدة السابقة التي انقضت.
- أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني أن المشرع أخضع جميع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل لتقادم مسقط مدته سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد لا فرق في ذلك بين عقد أبرم لمدة معينة وعقد غير محدد المدة، ولا بين انقضاء رابطة العمل بانتهاء المدة أو بإنهائها، ولا بين الإنهاء المبرر من جانب أحد الطرفين أو غير المبرر، لأن كل ما يترتب على ذلك من حقوق أو تعويض إنما يستند إلى سبب قانوني واحد وهو عقد العمل وهو تقادم خاص رتبه المشرع على عدم رفع الدعوى العمالية خلال سنة من انتهاء العقد وقصد به التعجيل في تصفية كل علاقة بين العامل ورب العمل وتحديد حقوق والتزامات كل منها بعد انقطاع العلاقة بينهما.
- أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن علاقة العمل في ذاتها لا تعتبر مانعاً أدبياً يوقف سريان التقادم بين العامل ورب العمل بعد أن تدخل المشرع ونظم هذه العلاقة بمقتضى أحكام قانون العمل التي وضعت ضمانات قوية تتيح للعامل المحافظة على حقوقه والمطالبة بها بطريقة ميسورة، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة تعاقدية، مما لا يصح معه القول بأن علاقة مانعاً أدبياً منع الطاعنين من المطالبة بحقوقهم
الحكم
الوقائع
أقام الطاعنون مع آخرين الدعوى رقم 657/96 أمام محكمة بنغازي الابتدائية ضد المطعون ضده بصفته قالوا شرحا لها: إنهم من العاملين الشركة المدعى عليها وقد أسندت إليهم مهمة الإشراف على محطات وقود، وهو ما استلزم وجودهم المستمر في العمل المكلفين به، وأن شركة لم تصرف لهم نظير ما يستحقونه من الأعمال الإضافية، وخلصوا إلى طلب ندب خبير حسابي لبيان الفروقات المالية المستحقة لهم والحكم بما يسفر عنه تقرير الخبير، والمحكمة قضت بتاريخ 1998.3.23،
أولا:- بإثبات تنازل المدعين: الثاني، والرابع، والخامس، والثامن، والحادي والثالث عشر، والرابع عشر، والسادس عشر، والسابع عشر عشر، والتاسع عشر، والعشرين عن دعواهم وألزمتهم مصاريف الدعوى.
ثانيا:- بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي إلى باقي المدعين المبالغ المبينة قرين اسم كل واحد منهم في تقرير الخبير المعين في الدعوى.
استأنف المطعون ضده – بصفته – هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي بالاستئناف رقم 267/98 الذي قضت فيه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للمستأنف عليهم الأول، والثالث، والسادس، والسابع، والتاسع، والعاشر، والحادي عشر، والواحد والعشرين، والثاني والعشرين، والثالث والعشرين، والرابع والعشرين، وبسقوط الدعوى بمضي المدة وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للمستأنف عليهما: الثاني عشر، والثامن عشر، بأن تدفع للأول مبلغا قدره سبعة وثلاثين ألفا ومائتان وخمسون دينارا و 274 درهما، وللثاني مبلغا قدره ثلاثون ألفا ومائة وخمسة وخمسون دينارا و 239 درهما.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه “
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1999.2.18 وتم إعلانه للطاعنين بتاريخ 23/3/1999، وبتاريخ 1999.4.20 قرر محامي الطاعنين الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وحافظة مستندات، وبتاريخ 1999.4.22 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده بصفته في نفس اليوم، وقدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن وأبدت رأيها بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وفي الجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.وحيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت من الأوراق والإخلال بحق الدفاع من الوجوه الآتية:-
الأول: أن المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود هو توافر عنصر التبعية والذي يتمثل في خضوع العامل الإشراف رب العمل، وقد ظهرت هذه العلاقة واضحة في عقود تشغيل المحطات التي أبرمتها الشركة معهم، وبالتالي لا يجوز تطبيق أحكام التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698/1 على النزاع لاستمرار علاقة العمل بوجود إشراف الشركة على أعمالهم، ولكن المحكمة تجاهلت ذلك فيكون حكمها مخالفا للقانون.
الثاني: ذكرت المحكمة المطعون في حكمها أنه لا يوجد أي إجراء قاطع للتقادم وذلك يخالف ما ثبت لدى محكمة أول درجة حيث قدم دفاع الشركة مذكرة أقر فيها بحقوق الطاعنين، وهو إقرار صريح يقطع التقادم وفقا لنص المادة 371 من القانون المدني، ومن ثم لا يجوز لها أن تطبق التقادم الحولي لابتداء تقادم جديد لمدة خمس عشرة سنة.
الثالث: التزمت الشركة في العقود المبرمة مع الطاعنين لتشغيل المحطات بتوفير الوقود بكافة أنواعه على أن يقوم الطاعنون بتسويقه ثم يقسم صافي الدخل، وهو ما أسمته الشركة التحول للإنتاج، وهذه العلاقة تعتبر مانعا أدبيا حال دون مطالبتهم لحقوقهم وبالتالي يكون قاطعا للتقادم، وقد دفعوا بذلك أمام المحكمة المطعون في حكمها ولكنها تجاهلته وأعملت التقادم الحولي، بل إنها لم تذكر هذا الدفع ولم ترد عليه، وهو دفع جوهري فيكون حكمها قاصرا.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني أن المشرع أخضع جميع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل لتقادم مسقط مدته سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد لا فرق في ذلك بين عقد أبرم لمدة معينة وعقد غير محدد المدة، ولا بين انقضاء رابطة العمل بانتهاء المدة أو بإنهائها، ولا بين الإنهاء المبرر من جانب أحد الطرفين أو غير المبرر، لأن كل ما يترتب على ذلك من حقوق أو تعويض إنما يستند إلى سبب قانوني واحد وهو عقد العمل وهو تقادم خاص رتبه المشرع على عدم رفع الدعوى العمالية خلال سنة من انتهاء العقد وقصد به التعجيل في تصفية كل علاقة بين العامل ورب العمل وتحديد حقوق والتزامات كل منها بعد انقطاع العلاقة بينهما.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أثبت انتهاء علاقة العمل بين الطاعنين والشركة المطعون ضدها على سند من القول:” الثابت من مستندات الدعوى أن بعض المستأنف عليهم انتهت علاقتهم بالشركة بإحالتهم للمعاش اعتباراً من 1991.7.1ف بسبب العجز والبعض الآخر انتهت خدماتهم وصرفت لهم مستحقاتهم المالية من 1993.7.1 ف ثم أقام المستأنف عليهم تشاركيات لإدارة وتشغيل محطة توزيع وقود وفقا الأحكام القانون التجاري وقرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1225/90 وبموجب هذه التشاركيات تعاقد ممثلوها مع الشركة المستأنفة لإدارة وتشغيل المحطات في 1993.8.1ف فإن ذلك يعتبر انتهاء لعلاقة عقد العمل بين الشركة المستأنفة والمستأنف عليهم بتسلمهم مستحقاتهم المالية ومكافأة نهاية الخدمة وقيامهم بتأسيس تشاركيات لإدارة وتشغيل محطات توزيع الوقود، وبذلك يعلم المستأنف عليهم أن عقد العمل مع الشركة انتهى منذ ذلك التاريخ فكان عليهم رفع دعواهم.خلال سنة من هذا التاريخ “.
فإن ما انتهى إليه الحكم من إلغاء الحكم المستأنف وسقوط دعوى المستأنفين بالتقادم عدا الثاني عشر، والثامن عشر، لا يكون مخالفاً ذلك ما يثيره الطاعنون من أن علاقة العمل لم تنته مع الشركة لاشرافها على المحطات المدارة من قبلهم، لأن الإشراف وفقا لما أورده الحكم المطعون فيه – قاصر على ممتلكاتها وهو ما لا يصلح دليلاً على استمرارية علاقة العمل معها، مما يتعين معه رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني غير سديد ذلك أن الإقرار القاطع للتقادم طبقاً لنص المادة 371 من القانون المدني هو الإقرار الكاشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين، بمعنى أن يقر بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً، ولا يكفي مجرد التقرير للواقع من المدين وإنما يجب أن يدل الإقرار على تنازله عن المدة السابقة التي انقضت، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى صدور إقرار من الشركة المطعون ضدها للطاعنين واستند إلى أن الإقرار الصادر من الشركة قاصر على حقوق المستأنف ضدهما الثاني عشر، والثامن عشر، دون الباقين استنادا إلى الإقرار المقدم من دفاع الشركة فإنه لا يكون قد خالف القانون بما يستوجب معه رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي في وجهه الثالث مردود ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن علاقة العمل في ذاتها لا تعتبر مانعاً أدبياً يوقف سريان التقادم بين العامل ورب العمل بعد أن تدخل المشرع ونظم هذه العلاقة بمقتضى أحكام قانون العمل التي وضعت ضمانات قوية تتيح للعامل المحافظة على حقوقه والمطالبة بها بطريقة ميسورة، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة تعاقدية، مما لا يصح معه القول بأن علاقة مانعاً أدبياً منع الطاعنين من المطالبة بحقوقهم، ولا ينال من ذلك أن المحكمة المطعون في حكمها لم تتناول هذا الدفع أو الرد عليه لأن محكمة الدرجة الثانية غير ملزمة – في حالة إلغائها للحكم الابتدائي.– أن تناول جميع أدلة ذلك الحكم وترد عليها جميعاً طالما أقامت قضاءها على أسباب كافية لتبرير النتيجة التي انتهت إليها وتصلح لطرح أدلة الحكم الابتدائي، مما يكون معه النعي في جميع وجوهه غير سديد و يتعين معه رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه