طعن مدني رقم 20/ 45ق
طعن مدني رقم 20/ 45ق
خلاصة المبدأ
حيازة الحكم قوة الأمر المقضي شرطه، اختلال أحد الشروط – أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 88/72، مدني كلي الزاوية، ضد المطعون ضده طالبا الحكم بتثبيت حق انتفاعه في ثلث قطعة الأرض موضوع صحيفة الدعوى على الشيوع شراكة مع المطعون ضده، وجاء في شرح دعواه أنه ينتفع بالجزء من الأرض موضوع الدعوى المطالب به، وأن انتفاعه ثابت بموجب سند قطعي إلا أنه عندما أراد إنهاء حالة الشيوع، وطلب القسمة رفض المدعى عليه ذلك مما حدا به إلى رفع دعوى بالقسمة أمام محكمة الزاوية الجزئية، إلا أن المحكمة المذكورة أحالت الموضوع إلى محكمة الزاوية الابتدائية عندما حدث نزاع حول الملكية، وقد صدر حكم في موضوع دعوى الملكية لصالح المدعي – الطاعن – في الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية ؛ الذي قضى بحق المدعى في كامل ثلث الأرض، ثم رفع المدعي الدعوى رقم 85/133 مدني كلي الزاوية لتنفيذ الحكم في الدعوى رقم 84/219 المشار إليها وقد صدر الحكم لصالحه، إلا أن المدعى عليه طعن فيه أمام محكمة استئناف طرابلس بموجب الاستئناف رقم 32/115ق، ومحكمة الاستئناف المذكورة قضت بإلغاء الحكم المستأنف، وعدم قبول الدعوى للخطأ في تطبيق القانون رقم 75/74 وتعديلاته، الأمر الذي حدا بالمدعي – الطاعن – إلى إقامة دعواه تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم.
ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 1988.12.5ف بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وألزمت المدعي المصاريف، ثم قام الطاعن برفع الدعوى رقم 92/556 أمام ذات المحكمة ضد المطعون ضده طالباً الحكم له بتثبيت حق انتفاعه في الثلث على الشيوع في قطعة الأرض موضوع صحيفة الدعوى شراكة مع المدعى عليه بباقي تلك القطعة مع المصاريف، وجاء في شرح دعواه هذه أنه يملك القدر المطالب به في الأرض موضوع الدعوى عن طريق الشراء من المدعى عليه المذكور، وأن هذا الأخير أنكر عليه حقه بحجة أنه – أي المدعي – حصل على نصيبه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 90/150 مدني جزئي الزاوية، رغم أن ذلك النصيب آل إلى المدعي عن طريق الإرث من والده، مما حدا به إلى عرض النزاع على اللجنة الشعبية للمحلة والتي لم تتوصل فيه إلى حل، فقام برفع دعواه تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم. ومحكمة أول درجة قضت في هذه الدعوى رقم 92/556 مدني كلي الزاوية، بعدم جواز نظرها و ألزمت رافعها المصاريف.
و إذ لم يجد الحكمان الابتدائيان المشار آليهما قبولا لدى الطاعن فقد قام باستئنافهما إمام محكمة استئناف طرابلس بموجب الاستئناف رقم 124/40 ق عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 556/92 مدني كلي الزاوية، وبالاستئناف رقم 202/40ق – عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 72/88 مدني كلي الزاوية.
ومحكمة الاستئناف المذكورة بعد أن ضمت الاستثنافين أصدرت حكمها فهما بقبولهما شكلاً، وفي الموضوع برفضهما، وتأييد الحكمين المستأنفين، وألزمت رافعهما المصاريف.
” و هذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات.
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.7.21ف، وأعلن للطاعن بتاريخ 199739,16ف، فقرو محاميه بتاريخ 1997.10.18ف الطعن فيه بطريق النقص الى فلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وبتاريخ 1997.11.6 ف أودع مذكرة شارحة، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وصورتين من الحكمين الابتدائيين، وحافظة مستندات، وأصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بتاريخ 1997.10.27 ف.
وقدم محامي المطعون ضدهم بتاريخ 1997.11.19ف مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند التوكيل ويحافظة مستندات.
وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن انتهت فيها إلى قبوله شكلا، ورفضه موضوعاً، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على وقيها.
الأسباب
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق بما حاصله أنه قضى بسبق الفصل في الدعوى بناء على أن موضوعها سبق وأن فصلت فيه المحكمة في دعوى الملكية رقم 84/219 مدني كلي الزاوية، على أساس اتحاد الموضوع وأنه يتعلق بذات الأرض حدودا ومساحة ؛ وهذا على خلاف الواقع، إذ أن كلا العقارين يختلفان من حيث الموقع والحدود والمساحة ؛ فموقع العقار موضوع الحكم المطعون فيه هو بئر أبو صبيع، ومساحته عشرون هكتارا، وحدوده: قبلة على أبو صبيع وورثة (…). وشرقاً طريق، وغرباً أرض (…)، وبحراً (…) والفاصل ظهرة الشياب، بينما العقار موضوع الحكم الصادر في الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية، يقع ببئر (…) ومساحته مائة وأربعة عشر هكتاراً، وحدوده: شمالاً (…)، وشرقاً: طريق القوافل، وجنوباً: (…)، وغرباً: (…). والدليل على اختلاف الموضوع في الدعويين ( موضوع الحكم المطعون فيه ) عن موضوع الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية، أن الحكم الصادر في الدعوى الأخيرة قد نفذ بموجب الحكم الصادر في دعوى القسمة رقم 90/150 مدني جزئي الزاوية ؛ وبموجب تقرير خبرة – أرفقه المطعون ضده – يؤكد أن العقار المقسوم بموجب الحكم المذكور يقع ببئر عز الدين ومساحته مائة وأربعة عشر هكتاراً، وبالحدود المذكورة آنفاً، على خلاف ما هو عليه الحال بالدعويين موضوع الحكم المطعون فيه، وهو ما يجعل الحكم المطعون فيه مخطئاً وجديراً بالنقض.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 393 من القانون المدني تنص على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة.
ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم أو ورثتهم أو خلفهم، دون أن تتغير صفاتهم، وتعلق بذات الحق محلاً وسبيا، ومفاد ذلك أنه يشترط لإعمال حجية الشيء المحكوم فيه عملاً بالنص المذكور، وحدة الخصوم والموضوع والسبب ؛ فإذا اختل شرط من هذه الشروط، لم يكن للحكم المعني حجية تمنع من إعادة طرح النزاع من جديد، كما لا يكتسب الحكم النهائي قوة الأمر المقضي إلا فيما ثار بين الخصوم أنفسهم من: نزاع، وفصلت فيه المحكمة بصورة صريحة أو ضمنية حتمية، فما لم تنظر المحكمة فيه بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يجوز قوة الأمر المقضي، وإذا كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية التي أقامها الطاعن ضد المطعون ضده – والمرافق صورة رسمية منه بملف الطعن، ومن الاطلاع أيضاً على الحكم رقم 91/173 الصادر في دعوى القسمة رقم 91/150 مدني جزئي الزاوية – والذي كان تحت نظر المحكمة المطعون في حكمها – كما يبين من تأشيرة قلم كتابها – والذي بموجبه تم تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية
المشار إليه، أن عقار النزاع في الدعوى المذكورة، يقع بجفارة الحرشة منطقة بئر عز الدين، وحدوده هي شمالا (….) وشرقاً طريق معبد، وجنوبا (…)، وغرباً (…)، ومساحته مائة وأربعة عشر هكتارا، ونصيب الطاعن منها هو ثمانية وثلاثون هكتاراً. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن موضوع النزاع في الدعويين رقمي 88/72 و 92/556 الصادرين عن محكمة الزاوية الابتدائية، اللتين أقامهما الطاعن ضد المطعون ضده، يتمثل في مطالبة الطاعن بنصيب مقداره الثلث في أرض مساحتها عشرون هكتاراً، كائنة بمنطقة بئر أبو صبيع، وحدودها: قبلة على أبو صبيع، وشرقاً طريق، وغرباً أرض محمد أبو صبيع، و بحرا علي أبو صبيع، وأن أساس مطالبة الطاعن بهذا النصيب من الأرض ثابت بموجب سند قطعي ؛ فإن مؤدى موضوع النزاع في الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية يختلف عن موضوع رقمى الدعويين 92/556,88/72 مدني كلي الزاوية ولا يكون من ثم للحكم الصادر في الدعوى رقم 84/219 مدني كلي الزاوية من حجية تمنع من نظر النزاع في الدعويين رقمي 88/72 و92/556 مدني كلي الزاوية ؛ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي بعدم جواز نظر الدعويين فإنه يكون مخطئا في تطبيق القانون ومخالفاً للثابت بالأوراق ؛ وهو ما يوجب نقضه دون حاجة إلى مناقشة السبب الثاني من الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.