Skip to main content

طعن مدني رقم 150-43 ق

نشر في

طعن مدني رقم 150-43 ق

خلاصة المبدأ

  1. قبول الحكم الابتدائي – عدم استئنافه – الطعن عليه بالنقض – غير جائز.
  2. أوجه الدفاع الموضوعية – طرحها أمام المحكمة العليا دون محكمة الموضوع – اعتبارها سببا جديدا- أثر ذلك.
  3. الدفع بتوافرها – الرد الكاف بانعدام حالة القوة القاهرة – النعي على الحكم بالقصور – غير جائز.

الحكم 

الوقائع

    أقام المطعون ضده عن نفسه وبصفته الدعوى رقم 35/94 مدني كلى زليتن ضد الطاعنين بصفتيهما وأخر هو أمين اللجنة الشعبية العامة للتخطيط والمالية طالباً إلزامهم متضامنين طبقاً لنص المادتين 166 , 167 مدني وجاء فى شرح دعواه أن ابنه كان يؤدي الخدمة الوطنية بمعسكر سيدى (…) بمنطقة زلتين. وأنه قد شب حريق فى المعسكر المذكور أدى الى وفاة ابنه، وأن المسئولين بالمعسكر لم يقوموا بما ينبغي لدرء خطر الحريق، بما يجعل مسئوليتهم قائمة عما لحق به وبموكليه من أضرار مادية ومعنوية نتيجة وفاة ابنه المذكور. 

 ومحكمة البداية قضت بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعى عن نفسه وبصفته مبلغ خمسين ألف دينار تعويضا شاملا عما لحقهم من أضرار مادية ومعنوية مع إلزام المدعى عليهم المصاريف. ولم يجد هذا الحكم قبولا لدى الطاعن الثاني ( أمين اللجنة الشعبية المؤقتة للدفاع ) فقام باستئنافه أمام محكمة استئناف مصراته، التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بصفته المصاريف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الاجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 10/1/96 ولا يوجد ما يدل على اعلانه وبتاريخ 27/3/96 قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وأودع مذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه وبتاريخ 7/4/96 أودع صورة رسمية من الحكم الابتدائي. كما أودع بتاريخ 10/4/96 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة الى المطعون ضده فى 7/4/96. 

وقدم محامي المطعون ضده فى 20/4/96 مذكرة رادة بدفاعه مشفوعة بسند التوكيل وبحافظة مستندات ذكرت مضامينها على غلافها. 

وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى عدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للطاعن الأول بصفته، والى قبوله شكلا بالنسبة للطاعن الثاني بصفته، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الاعادة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها. 

الأسباب

ومن حيث أن دفع النيابة بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للطاعن الأول يقوم على أن ذلك الطاعن وان كان قد اختصم أمام محكمة البداية وصدر الحكم ضده مع باقي المدعى عليهم إلا أن الثابت أنه لم يقم باستئناف الحكم،  وكان الطاعن الأول ليس بخصم فى الحكم المطعون فيه كما أنه لا يعتبر منضما الى غيره فى الطعن بالنقض بل باشره بنفسه، فإن طعنه يكون غير مقبول. 

ومن حيث إن هذا الدفع فى محله. ذلك أنه من المقرر وفقاً للمادة 299 مرافعات أنه لا يجوز الطعن فى الحكم ممن قبله، وكان البين من الأوراق أن الطاعن الأول بصفته قد قيل الحكم الابتدائي ولم يستأنفه وإنما استأنفه الطاعن الثاني بصفته، ولم يقضى الحكم الاستئنافي موضوع الطعن بالنقض الماثل على الطاعن المذكور بشيء أكثر مما قضى به عليه الحكم الابتدائي، فإنه لا يقبل منه الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض، ويتعين من ثم عدم قبوله طعنه شكلا.

ومن حيث إن الطعن فيما يخص الطاعن الثاني بصفته استوفى أوضاعه المقررة فهو مقبول شكلا.

ومن حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب من وجوه.

  1. ان الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن وآخرين بالتضامن بدفع مبلغ خمسين ألف دينار تعويضا عن الضرر المادي والمعنوي للمدعين بمبلغ واحد دون بيان عناصر التعويض مخالفاً بذلك ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا. وإذا كان يشترط للتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققاً، وأن يثبت المتضرر أن المجنى عليه كان يعوله فعلا وقت وفاته على نحو مستمر ودائم، وأن فرصة الاستمرار على ذلك محققة، أما مجرد احتمال وقوع الضرر فى المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض. وكان المطعون ضده عن نفسه وبصفته لم يقدم ما يفيد أن ابنه المجني عليه كان ينفق عليه أو على والدته فضلا عن أن المجني عليه كان مجندا بالقوات المسلحة، ويخضع لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1991 بشأن تقرير حقوق ومزايا ممن يفقدون حياتهم من العسكريين والمدنيين أثناء تأدية واجب مكلف به أو بسببه. وإذ كان ما يستحقه المعنى من حقوق ومزايا طبقاً للقانون المذكور بمثابة تعويض مادي كاف لجبر الضرر فإنه ينتفي استحقاق ذويه لتعويض مادي نتيجة وفاته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون معيبا مستوجبا النقض.
  2. بالرجوع الى الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه نجد أن المطعون ضدهم لم يطلبوا تعويضا مادياً، بل اقتصروا على طلب تعويض معنوي، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويضين معا، وهو ما يجعله قد قضى بما لم يطلبه الخصم وهو ما يصمه يعيب مخالفة القانون.
  3. دفع الطاعن بأن الحادث كان بسبب قوة قاهرة لا يد له فيه، إلا أن المحكمة المطعون فى حكمها لم ترد على هذا الدفع، ولو فعلت لتغير وجه الرأي فى الدعوى بما يجعل قاصر التسبيب جديراً بالإلغاء.

ومن حيث ان وجهي الطعن الأول والثاني في غير محلهما ذلك أنه من المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، يستوي فى ذلك ما يتصل بأصل الحق موضوع الدعوى، أو بوسيلة  من وسائل الدفاع، أو بإجراء من إجراءات الإثبات، أو بإجراءات الخصومة التي سبقت إصدار الحكم المطعون فيه. وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام المحكمة المطعون فى قضائها، كما لم يضمن أوراق طعنه ما يدل على أنه سبق وأن عرض هذا السبب أمام محكمة الموضوع، بل اقتصر دفاعه امامها على دفع مسؤوليته عن الحادث الذي أودى بحياة مورث المطعون ضدهم، بالاستناد إلى القوة القاهرة، الأمر الذي يضحي معه هذان الوجهان من النعي سببا جديداً، وهو ما لا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة. 

ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن فى الوجه الثالث من الطعن من أن المحكمة المطعون فى حكمها قد أغفلت الرد على دفعه بأن الحادث الذى أودى بحياة مورث المطعون ضدهم كان بسبب قوة قاهرة لا يد للطاعن فيه، فإنه لا يقوم على أساس. لك أن الثابت أن الحكم المطعون فيه قد تناول هذا الدفع و رد عليه بقوله : ” …… انه من المسلم به فقها وقضاء أن دعوى انقطاع رابطة السببية بين الخطأ والضرر هي دعوى تتطلب إقامة الدليل من مدعيها، وإلا تكون دعوى خالية من الدليل كما هو الحال فى واقعة هذه الدعوى. والقول بأن الحادث قوة قاهرة وحادث فجائي غير سديد لانعدام شرطي تحقق ذلك ؛  وهما عدم إمكانية التوقع واستحالة الدفع مطلقاً. وحتى لو استحال توقع الحادث وأمكن دفعه كما هو الحال فى واقعة هذه الدعوى لم يكن الحادث من قبيل القوة القاهرة والحادث الفجائي، حتى يمكن القول بانقطاع علاقة السببية وانعدام المسئولية التقصيرية فى حق المستأنف بصفته والتابعين له، ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى أن الحريق قد شب فى المعسكر المسمى بمعسكر (…) بزليتن حوالي الساعة الرابعة مساءً من يوم 9/3/93 ف وأن هذا الحريق قد أتى على أشياء كثيرة فى المعسكر، وأن المتوفى قد توفى نتيجة حروق لحقت بجسمه، وأن تواجده بالمعسكر كان لأداء الخدمة الوطنية وبسببها، وما ذهب إليه الحكم المستأنف من أن أساس المسئولية فى واقعة هذه الدعوى هو تقصير وإهمال المسئولين عن حراسة المعسكر ساعة وقوع حادث الحريق، المتمثل فى عدم وجود عناية خاصة بالحراسة، ولو كانت هناك العناية المطلوبة فى الحراسة لامكن إنقاذ ما يمكن انقاذه وفي الدرجة الأولى إنقاذ الأرواح … ” 

وكان هذا الذي ساقه الحكم المطعون فيه كافيا للرد على دفع الطاعن بانعدام مسؤوليته عن الحادث الذى وقع لمورث المطعون ضدهم استناداً الى القوة القاهرة، بما يدراً عنه شائبة القصور، ويكون الطعن برمته جديراً بالرفض. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

  • أولا: بعدم جواز الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته. 

ثانيا: بقبوله شكلا بالنسبة للطاعن الثاني بصفته وفى الموضوع برفضه.