طعن مدني رقم 122/ 46ق
طعن مدني رقم 122/ 46ق
خلاصة المبدأ
فسخ عقد العمل، وجوب توافر مبررات جدية، مخالفة ذلك ـ أثره
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 97/551 مدني كلي بنغازي ضد الطاعن طالباً إلغاء قرار فسخ عقد العمل المبرم بينه وبين الشركة المدعى عليها وإعادته إلى سابق عمله مع صرف مرتباته ومستحقاته المالية من تاريخ فصله وتعويضه تعويضاً عادلاً عما أصابه من أضرار، وجاء في شرح دعواه أنه يعمل مع الشركة المدعى عليها منذ 1988.11.7ف في وظيفة كاتب حسابات، وأنه فوجئ بتاريخ 1996.10.22ف بقرار من أمين اللجنة الشعبية بالشركة بفسخ عقده معها دون مبرر خلافا لنص المادة 46 من قانون العمل والمادة 72 من اللائحة الإدارية للشركات المملوكة للمجتمع، ولذا قام برفع دعواه تلك، ومحكمة أول درجة قضت بإلغاء قرار المدعى عليها بفسخ عقد المدعي، وبإلزامها بأن تدفع له ألفي دينار تعويضاً له، وأمرت بالنفاذ المعجل، وبرفض ما زاد على ذلك من طلبات.
وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئناف المقام من الطاعن في الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام المستأنف بصفته بالمصاريف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.12.13ف، وأعلن للطاعن في 1999.2.1ف، فقرر محاميه بتاريخ 1999.2.4ف الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1999.2.6ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في نفس اليوم.
وبتاريخ 1999.3.16ف قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه وبحافظة مستندات.
وأعدت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن انتهت فيها إلى قبوله شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة، وبالجلسة تمسكت النيابة برأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شکلا.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، من وجهين:-
الأول: أن الطاعن قد فسخ عقد عمل المطعون ضده استناداً إلى المادة 46 عمل التي تجيز فسخ العقد بعد إنذار العامل بينما ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن إنهاء عقد العمل كان بناء على نص المادة 51 عمل التي تجعل من فسخ العقد عقوبة، واعتبر الطاعن – من ثم – مخالفاً لقانون العمل، وإذ خلط الحكم بين الحالتين، فإنه يكون مخطئا في تطبيق نص القانون.
الثاني: أنه رغم تسليم الحكم المطعون فيه، وقبله الحكم الابتدائي، أن مسلك المطعون ضده في العمل يتسم بعدم الانضباطية وكثرة وجسامة المخالفات المنسوبة إليه، إلا أنه انتهى إلى أن فصله جاء مخالفاً للقانون، ولما كان هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه يخالف القانون، إذ أن من الالتزامات الأساسية في عقد العمل – طبقاً لنص المادة 26 عمل – حفظ الأشياء المسلمة للعامل، وحسن سلوكه أثناء العمل، ولما كان المطعون ضده قد أخل بهذه الالتزامات وتأكد هذا الإخلال باطلاع المحكمة على ملفه الوظيفي، فقد كان يتعين على المحكمة المطعون في قضائها أن تحكم برفض الدعوى، وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون قاصر التسبيب، ومخالفاً للقانون، ولكل ذلك يكون جديرا بالنقض.
ومن حيث إن هذا النعي بوجهيه غير سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحق في فسخ عقد العمل ليس حقا مطلقا، بل مقيد بوجوب استعماله لمبررات جدية، وإلا كان تعسفيا موجبا للتعويض.
ولما كان تقدير قيام المبرر لفصل العامل مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلغاء قرار الشركة الطاعنة بفسخ عقد عمل المطعون ضده معها تأسيسا على أنه وإن كان مسلك المطعون ضده د اتسم بعدم الانضباطية وأنه – قد ارتكب مجموعة مخالفات عوقب عنها بالإنذارات، إلا أنه ما كان للشركة أن تقوم بفصله من العمل بسبب قد هذه المخالفات في الوقت الذي سبق لها وأن عاقبته عنها بالإنذارات قبل تاريخ فصله مدة ستة أشهر تقريبا، إضافة إلى أنها لم تراع التدرج في العقوبات، وقامت بفسخ العقد وإنهاء علاقة العمل استنادا إلى هذه المخالفات وهي عقوبة قاسية لا تتناسب مع طبيعة هذه المخالفات، وما قامت به الشركة من إجراءات تأديبية بشأنها، علاوة على أنها قامت بتوقيع هذه العقوبة دون مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في لائحة الجزاءات التي كان على الشركة مراعاتها في مثل هذه الحالة لتحديد مقتضيات فسخ العقد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يجوز أن يوقع على العامل أكثر من عقوبة واحدة عن المخالفة الواحدة ( مادة 78 من قانون العمل والمادة 3 من قرار وزير العمل الصادر تنفيذا للمادة 79 من قانون العمل، في شأن بيان العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات تأديب العمال بتاريخ 1972.10.18 )، وكانت الشركة الطاعنة لا تجادل في أنها سبق وأن أوقعت عقوبة الإنذار على المطعون ضده بسبب ما نسب إليه من مخالفات، ثم قامت بفسخ عقده معها بعد ذلك بمدة ستة أشهر بناء على تلك المخالفات، فإن المحكمة المطعون في حكمها إذ انتهت في حدود سلطتها التقديرية، ولما ساقته من تدليل سائغ على عدم التناسب بين جزاء الفصل الموقع على المطعون ضده مع ما نسب إليه من مخالفات بما يجعل فصله تعسفيا، لا تكون قد حادت عن الفهم السوي، أو شاب حكمها قصور، بما يضحي معه نعي الشركة الطاعنة برمته جديرا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن بصفته المصاريف.